تحظى مصر بموقع جغرافي طالما منحها كثيرًا من المزايا، لكن أحداث السنوات القليلة الماضية كشفت أن تلك المنطقة الجغرافية التي تقع فيها مصر تهديد كالجحيم لكيان الدولة المصرية، وتزيد عبء قواتها المسلحة لتأمين الحدود والمخاطر التى قد تأتي عن طريقها. فعلى الحدود المصرية الشرقية تقع فلسطينالمحتلة من قبل الكيان الصهيوني، الذي يحظى برعاية أمريكية وأوروبية ومظلة من الأممالمتحدة لاستخدام العنف المفرط فى اللحظات التى يراها مناسبة له، دون النظر إلى ما يتشدق به الغرب من مصطلحات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، والسلام. ومع تصاعد العدوان العسكري الصهيوني الأخير على قطاع غزة، الملاصق للحدود المصرية، تجد مصر نفسها بين مطرقة مساندة القضية الفلسطينية كما اعتادت، وسندان تأمين الحدود التى استخدمت كثيرا فى عمليات تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية المسلحة فى سيناء. والتهديدات الأمنية فى منطقة سيناء سبقت بكثير الحرب الأخيرة على غزة، فقد شهدت سيناء أعمالا إرهابية ممنهجة على قطاع واسع عقب الثورة من قبل جماعات إسلامية متطرفة أبرزها جماعة تطلق على نفسها "أنصار الشريعة"، وفي عهد المجلس العسكري شهدت سيناء عمليات قتل لجنود القوات المسلحة، كما شهدت سيناء عملية خطف لجنود فى عصر الرئيس المعزول مرسي، ثم انفجرت الأمور تماما عقب خلع النظام الإخواني من الحكم، وهو ما استوجب تكثيف القوات المسلحة وجودها وجهودها لمواجهة الإرهاب، وهي الأوضاع التي لا تزال تعيشها سيناء بالتزامن مع الحرب الصهيونية على قطاع غزة. تقول رانية المدهون – أحد أعضاء الجالية الفلسطينية في مصر، إن العبء زاد على مصر هذه الأيام لأن الدولة مرهقة بمواجهة الإرهاب الإخواني، كما أن المخاوف الأمنية زادت بنسبة كبيرة فى السنوات الأخيرة فيما يخص المعابر المصرية والأنفاق المنتشرة بين قطاع غزةوسيناء، كما أن قوات الأمن أحبطت عمليات تهريب للأسلحة ولأقمشة مشابهة لملابس القوات المسلحة المصرية كان من المقرر أن تستخدم فى عمليات خداع للشعب المصري من قبل البعض لإيهام المصريين بأن الجيش يقوم بعمليات قتل وخطف وتصور تلك العمليات لمحاولة إثارة الشعب ضد جيشه كما حدث فى بعض البلاد. وأضافت «المدهون»: الجميع يريد أن تتحمل مصر دورها تجاه القضية الفلسطينية مثلما فعلت دائما، نظرا لثقلها التاريخي والإقليمي، ولكننا لا نستطيع في الوقت نفسه أن ننكر حق مصر في مواجهة التحديات والمخاطر التى قد تأتي عن طريق الحدود والأنفاق. أما الحدود الجنوبية، فهي ملاصقة لدولة السودان الشقيقة، والأوضاع هناك مضطربة منذ وقت طويل، حتى بعدما انفصل جنوب السودان عن شماله، وما زالت الاشتباكات المسلحة تدور من آن إلى آخر، بين السلطة والمتمردين وبعض القبائل والميلشيات المسلحة، كما ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الكثير من مهربي السلاح من وإلى مصر عن طريق حدودها مع السودان. وتعد الحدود الغربية الأخطر على الإطلاق، فهي حدود طويلة جدا. وتتمثل في الجماهيرية الليبية التي يمكن أن نقول إنها أصبحت "لا دولة"، حيث تحكمها الميلشيات المسلحة والعصبية القبلية، منذ أن قرر اللواء متقاعد خليفة حفتر أن يجمع شتات الجيش الليبي لمواجهة جماعة الإخوان التى تسيطر على المؤتمر العام الليبي وعلى الحكم، وقامت فى عهدها العديد من عمليات الاغتيال واستهداف وحدات للجيش وقتل للجنود، وبلغ العنف في ليبيا ذروته، كما أن امتداد جماعة الإخوان في ليبيا يهدد كيان الدولة المصرية حيث نشرت تقارير أمنية وصحفية عن تواجد جماعات تحت اسم "الجيش المصري الحر" على غرار الجيش الحر فى سوريا التابع لجماعة الإخوان أيضا، كما تردد كذلك أن جماعات أكثر تطرفا تحمل الفكر "الداعشي" – نسبة إلى جماعة : الدولة الإسلامية فى العراق والشام – والتي بات المواطن المصري يعرف جرائمها جيدا سواء فى مدينة الموصل العراقية، أو دير الزور فى سوريا.