إذا نظرنا الى عالمنا العربي نجد ان مخطط تقسيمه الذي وضعه المستشرق الإنجليزي برنارد لويس قد دخل حيزً التنفيذ, بداية بالعراق واتهامه بحيازة الأسلحة النووية ثم مقاطعته وحصاره ثم ضربه وتقسيمه وما يحدث به الأن، ثم ما حدث لدولة ليبيا ايضا وما اراده ان يحدث بمصر وقد لفت انتباهي ما نشر حول هذا الموضوع "أن الحلول والسيناريوهات المطروحة في الدراسة التى وضعت لتفتيت العالم العربي ترتكز على عدم تدخل الأطراف الأوروبية وأمريكا في شؤون المنطقة العربية بشكل مباشر إلى عام 2015 حيث تكون ساعة الصفر.وهذا غريب فالسودان بدأ تقسيمها في المؤتمر الأفريقي السابع الذي انعقد بكمبالا بأوغندا، وبإدارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق للشئون الأفريقية "كوهين" والذي عرف باسم وثيقة كمبالا والسودان في هذه الوثيقة هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي نالها التقسيم بل والتقطيع، فبينما تم فصل الجنوب عن الشمال تم استبعاد السوادان من جهة الشرق عن تجمع دول منطقة القرن الأفريقي بينما استبعد من ناحية الغرب عن تجميع دول الحزام السوداني، وبذلك تم تجريد السودان من كل مقوماته الحضارية والاقتصادية مع إبعاد حدوده عن مناطق السيطرة على منابع النيلين الأبيض والأزرق وبذلك لن تصلح أرض السودان إلا أن تكون تابعة للدول المحيطة به. ولم يكن إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر قضائي باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم تطهير عرقي في دارفور مفاجأة للمتطلعين على نوايا أمريكا تجاه السودان، فقد باشرت أمريكا ضغوطها مستغلة الأحداث الجارية بما فيها قضية دارفور للضغط على حكومة السودان للتوقيع على اتفاق مشاكوس ثم نيفاشا، والتي نجحت في إعطاء حق تقرير المصير للجنوب السوداني، وبتوقيع تلك الاتفاقية تكون الإدارة الأمريكية قد حسمت المعركة لصالح سياسة تفكيك الدولة السودانية، وعلى دفعه لتوقيع اتفاقات سلام مماثلة ومتعددة مع حركات التمرد في الشرق والغرب ثم في الشمال . وبالمتابعة نجد ان امريكا نفذت هذا الامر منذ إرسالها بعثة لجنوب السوادان ( تقوم محل السفارة ) وتعمل بطريقة مستقلة عن سفارة السودان في قلب واشنطن في منطقة Dupont Circle على بعد 30 متر فقط من المكتب الثقافي المصري، وذكرت مصادر صحفية أمريكية أن إدارة أوباما مثلها مثل إدارة بوش تقدم دعمًا ماليًا ضخمًا لجنوب السودان، ضمن جهودها لمساعدته على الانفصال ووفقا لما ذكرته صحيفة " واشنطن تايمز " تقدم أمريكا دعمًا ماليا سنويًا يقَّدر ب مليار دولار لجنوب السودان تصرف في إنشاء البنية التحتية وتدريب رجال الأمن وتشكيل جيش قادر على حماية المنطقة, وذكرت الصحيفة أن وزارة الخارجية الأمريكية وفي أعقاب توقيع اتفاق 2005 منحت إحدى الشركات الأمريكية الخاصة عقدًا لتأهيل متمردي الجنوب وتحويلهم إلى قوة عسكرية محترفة اختارت الإدارة الأمريكية شركة " دين كورب التي فازت بالعقد المبدئي بقيمة 400 مليون دولار لإنجاز هذه المهمة . كما ذكرت مصادر إعلامية أنه قبل أن يرفع الحظر عن الشركات الأمريكية للعمل في السودان عام 2006 عقب التوصل لاتفاق السلام حصلت شركة" بلاك ووتر" السيئة السمعة والتي تعمل في مجال الأمن على عقود أمريكية لتوفير حماية أمنية لكبار مسئولي حكومة جنوب السودان ولتدريب جيش الجنوب، وذلك بمساعدة " ديك تشيني " نائب الرئيس الأمريكي السابق عن طريق معرفته الوثيقة برئيس الشركة " إيريك برنس " . كما كشفت التقارير الإعلامية الأمريكية عن قيام رجل الأعمال الأمريكي " فيليب هالبيرج " بشراء 400 ألف فدان من الأراضي في جنوب السودان لشركته التي تسمى " جيرشن " ، وهي مساحة أكبر من مساحة إمارة دبي بهدف الاستثمار الزراعي. لذلك فالسودان و أقاليم أخرى من العالم هي رهينة هذه الحسابات الجيو استراتيجية، فهل حقيقة لا توجد استراتيجيات مضادة؟