6 أشهر على اختفاء «المعداوي» بعد ضبطه بمطار أبو ظبي.. والخارجية المصرية «محلك سر» ما أقسى أن تعيش أسرة و لا تدري مصير عائلها، هل هو حي أو ميت، فإن كان قد توفي فإن العلم بموت الشخص صدمة شديدة، لكنها في النهاية تحدد مصيره، وإن كان ما زال حيًّا، فالعلم بحياته، أو تحديد مكانه حتى لو كان هذا المكان سجنًا، يبعث شيئًا من الأمل والاطمئنان النسبي، لكن ما حدث مع أحمد المعداوي شيء لا يبعث على القلق والحيرة التي تعتصر أهله فقط، بل هو مأساة وخيبة أمل في سلبية المسئولين الذين لا يعنيهم ما يحدث لأبنائنا في الغربة.. «البديل» تسلط الضوء على معاناة أسرة مواطن مصرى تم القبض عليه فى دولة الإمارات منذ ستة أشهر كاملة، دون أن يتوصل أحدهم لأية معلومات عنه، عبر حوار مع زوجة وشقيق المختفى. آخر لقاء جمع أحمد المعداوي بزوجته وابنته – ذات التسعة أشهر وقت اختفائه – فى صالة سفر مطار أبو ظبى الدولى. ودعهما لاستكمال إجراءات السفر، فكان الوداع الأخير. حملت إيمان عبد الرحيم يوسف – زوجة أحمد المعداوى، رضيعتها وجلست على أحد مقاعد المطار تنتظر رد زوجها على الهاتف دون جدوى. تسترجع الزوجة الأحداث فتقول: بعدما ضاق بنا العيش فى مصر، قرر زوجى السفر إلى الإمارات بحثا عن عمل، واصطحبنا أنا وطفلته فى نوفمبر الماضى إلى أبو ظبى حيث يعيش والدى منذ سنوات. سافر «المعداوى» الذى تخرج في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وكان موظفًا بجامعة المنصورة، بتأشيرة سياحة، أما زوجته فدخلت الإمارات بتأشيرة زيارة لوالدها، الأمر الذي استدعى تجديد الإقامة، خاصة وأنه لم يجد عملاً بعد مرور شهرين على وجوده بأبو ظبى. يتدخل شقيق المختفى «محمد المعداوى» ويقول: نجح أحمد فى التواصل مع شركة وفرت له تأشيرة الإقامة لحين العثور على عمل، لكن كان يتعين على أخى الحصول على ختم خروج من أبو ظبى أولاً ليحصل على إقامة جديدة، وهو ما اضطره إلى حجز سفر إلى القاهرة كى يتمكن من الحصول على ختم الخروج من الإمارات. تعاود الزوجة – التى تعمل بمجال الصيدلة – الحديث، لتقول إنه بعدما تركها زوجها ليبدأ إجراءات السفر، لم تستطع التواصل معه مرة أخرى، وعندما اعتصرها القلق توجهت إلى أحد ضباط إدارة الجوازات، الذى أكد لها سفر زوجها على متن الطائرة المتجهة إلى القاهرة. ومع عدم رد «أحمد» على هاتفه طوال أربع وعشرين ساعة، توجهت الزوجة فى اليوم التالى لاختفاء زوجها إلى مطار أبو ظبى للسؤال عنه، لتكتشف من المسئولين هناك أن والد طفلتها لم يخرج من الإمارات وبأن اسمه مدرج ضمن المطلوب القبض عليهم. وتضيف «إيمان»: اتصلت بقسم شرطة العاصمة للاستعلام عن اختفاء زوجي، وفُجعت عندما أخبرنى القسم أن زوجى ممنوع من السفر. وبعد يوم من معرفة الأسرة بخبر المنع من السفر، فوجئت بحضور أفراد من الشرطة الإماراتية إلى منزل والدي لتفتيشه، واستولوا على جهاز حاسب شخصى خاص بزوجي وآخر خاص بوالدي. المفاجأة – كما يكمل شقيق أحمد – أن الشرطة اصطحبت "أحمد" خلال عملية تفتيش المنزل، فبموجب القانون الإماراتى لا يمكن تفتيش المنزل دون حضور المتهم. وتتابع "إيمان": خلال عملية التفتيش تم سؤالي من قبل رجال الشرطة عن الدول التى سافر إليها زوجي قبل دخوله الإمارات ونوعية الكتب التى يقرؤها وهل اصطحب منها شيئًا إلى أبو ظبى، وبعد ثلاثة أيام من تفتيش منزل والدتي، أى فى السادس عشر من يناير الماضى، تقدمت بشكوى إلى السفارة المصرية بأبو ظبى، فأبلغني موظفو السفارة بأنهم حال توصلهم لأية معلومات بخصوص أحمد سيخبرونى، وحتى الآن لم يفيدونى بشىء. وتقدم شقيق "أحمد" بشكوى لجهات عديدة منها وزارة الداخلية الإماراتية ووزارة الخارجية المصرية والنائب العام والمجلس القومى لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي نصحتهم بضرورة مغادرة زوجة أخيه الإمارات؛ لأن رد فعل الحكومة هناك قد يكون عنيفًا، وهو ما تم بالفعل، فعاد إلى مصر فى التاسع من فبراير الماضى. لم يلقَ شقيق المختفى سوى الاستهانة بحياة المواطن المصرى من قبل الجهات الرسمية التى لجأ لها بحسب وصفه، مؤكدًا أنه لم يلقَ أية استحابة لجميع الشكاوى التى تقدم بها، قائلاً: «موظف وزارة الخارجية تعامل معى وكأننى أتسول منه لا أطالبه بالقيام بدوره المنوط به». ويتابع: «أقصى ما فعله فى قضية أخى هو إرسال النائب العام الشكوى إلى المحامى العام بالمنصورة الذى حولها بدوره إلى نيابة جنوبالمنصورة، وتم تحرير محضر، ولم يسفر ذلك عن أية نتيجة، لذا لجأنا إلى وسائل الإعلام؛ فهى أملنا بعد الله فى تسليط الضوء على مأساة أحمد». كل آمال أسرة "أحمد" تتلخص فى معرفة الإجابة عن سؤال: "هل أحمد على قيد الحياة أم لا؟"، يقول شقيقه: «ستة أشهر مضت على اختفاء أخى، ووالدى مريض بالقلب ووالدتى قاربت على فقد بصرها بسبب بكائها المستمر على ابنها». بالنسبة إلى أسرة أحمد المعداوى لا توجد أسباب لاختفائه، إلا إذا اعتبروا أن لحيته وتعليمه الأزهرى تهمة يستحق عليها العقاب، فتؤكد زوجته أنه لم يكن له أى نشاط سياسى، بل على العكس كان له العديد من الانتقادات على نهج جماعة الإخوان المسلمين. الخطوة الأولى لطفلته لم يرَها.. النبتة الأولى لأسنان طفلته لم يباركها.. النداء الأول ل "بابا" لم يسمعه.. إنه المختفى بين أسوار المجهول، تلك الأسوار التي لا يبلغها مواطن دونما عون من مسئولي بلده الذين لا يطلب منهم سوى معرفة أين المختفي ولماذا اختفى.