يخرج الطفل إلى الشارع ويجتمع مع رفاقه من نفس السن، ثم يلعبون ويمرحون وتسمع الجدة صوت قهقتهم التي تملأ القرية، وفجأة يغيب صوت الطفل "مؤمن" وتسرع الجدة إلى الخارج لتعرف سر انقطاع ضحكه، فيخبرها باقي الأطفال أن "مؤمن" اختفى من بينهم ولا يعلمون أين ذهب، فيتحول البيت إلى خلية نحل للبحث عن الطفل ذي الثلاث سنوات، وتتصل الأم بزوجها الصيدلي الذي يعمل في السعودية وتخبره بتلك الكارثة، ويعود "إسلام قمبر" على أول طائرة؛ لكي يبدأ رحلته الشاقة في البحث عن ابنه الوحيد. لم يكن هذا مشهدا من فيلم عربى قديم ينتهى بدفع الفدية للخاطفين وعودة الطفل، لكنه مشهد واقعي أصبح يتكرر بشكل يومى فى كل محافظات مصر، وتعد سوهاج أكبر المحافظات التى حدثت بها حالات الاختطاف لدرجة أن الأهل حبسوا أولادهم فى البيوت، مرورا بمحافظة المنيا والشرقية والقاهرة والإسكندرية، خاصة بعد حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة. مرت ثمانية عشر يوما على الصيدلي إسلام محمد قمبر دون أن يعرف طريق فلزة كبده "مؤمن"، الذي اختطف من أمام منزله بقرية "كفر مصيلحة" بشبين الكوم، فالطفل صاحب الثلاث سنوات أصبح في مكان مجهول بعيدا عن أبيه وأمه، اللذان كانا لا يملكان من الدنيا سواه، قبل أن تولد أخته الصغيرة "سارة"، فقد شاء القدر أن ترى تلك الرضيعة النور في نفس توقيت غياب أخيها الأكبر "مؤمن". لم يترك "قمبر" بابا إلا وطرقه؛ أملا في أن يسترد ابنه الضائع؛ لاسيما بعدما ترددت الأقاويل عن أن خاطفيه هم مجموعة من المتسولين، وأن امرأة خطفته من أمام المنزل وهي الآن تتسول به في إحدى محطات المترو القريبة من محافظة القليوبية؛ ولذلك لجأ الأب إلى نشر صورة "مؤمن" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ، وقام أقاربه بعمل حملة لتجميع أكبر قدر من المتطوعين على مستوى محافظات الجمهورية، وطالبوا من يجده في أي مكان بالاتصال بذويه. وبعد فشل الكثير من المحاولات، خاصة بعد تأكيد قسم شرطة سبين الكوم بأنهم لا يملكون أي ملفات للمتسولين في القرية أو المركز، وأنه يصعب القبض عليهم – إن كانوا هم الخاطفين- قرر الأب أن يعلن عن مكافأة قدرها عشرين ألف جنيه لمن يرد إليه صغيره، ولكن ظل الحال على ما هو عليه، إلا من بعض التكهنات والشائعات التي يروجها البعض عن مصير "مؤمن". ويقول "إسلام" إنه ينتظر تلقي اتصال هاتفي من الخاطفين، يطلب فدية مقابل إعادة طفله، دون جدوى، لاسيما وأنه ليس لديه عداءات أو خلافات مع أحد، وأنه يعمل منذ تخرجه في السعودية ولم يستقر في القرية حتى توجد خلافات مع أحد من الأهالي القرية، وأنه لم يفارق "مؤمن" إلا عندما جاءت به والدته إلى القاهرة لكي تضع ابنتها بجوار والدتها؛ لكي تعتني بها بدلا من ما تعانيه في غربتها. وأشار إلى أن زوجته أبلغته مساء يوم 14 يونيو الجاري بأنه في الساعة الواحدة ظهرًا، كان مؤمن في منزل جدته في ذات القرية يلعب مع أطفال الجيران، وبعدها اختفى ولم يفلح بحثهم عنه، وهذا ما دفعه إلى العودة إلى مصر على أول طائرة من السعودية، وفور وصوله علم أن زوجته أصيبت بنزيف حاد قبل ولادتها بأيام قليلة، فضلا عن دخول والدته في غيبوبة بعد علمها بخبر اختفاء "مؤمن"، وأنها ترقد في المستشفى هي الأخرى. حرر إسلام محضرا بالواقعة، وسأل أهالي القرية وعددًا من الشهود، الذين أكدوا أن عددًا من المتسولين كانوا يتجولون في القرية، يوم الحادث، وشاهدوا بصحبتهم طفلًا صغيرًا وأدلوا بأوصافه، فذهب الأب إلي الشرطة وأبلغهم بما شاهده ولكنهم لم يقتنعوا بتلك الرواية، ومع إلحاح الأب قالوا إن هؤلاء المتسولين لا يوجد لهم ملفات لدى مركز الشرطة ولاتستطيع المباحث التوصل إليهم.