محافظ الدقهلية يلتقي المواطنين أمام اللجنة الانتخابية بمدرسة فيشا الإعدادية ب أجا    حزب العدل يرصد مخالفات اليوم الأول من إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    أمريكا تسجل أعلى معدل بطالة منذ 2019 مع استمرا تقلب سوق العمل    بنيامين نتنياهو يُصدق على اتفاق الغاز مع مصر.. «مستقبل الأجيال القادمة»    بريطانيا تطلق تحقيقا في التدخل المالي الأجنبي بالسياسة بعد فضيحة رشاوى    اتحاد الكرة يدعو للالتفاف حول المنتخب قبل انطلاق أمم أفريقيا بالمغرب    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الأفريقية للشباب إلى 52 ميدالية    موعد نهائي كأس العرب بين المغرب والأردن والقنوات الناقلة والمعلقون    ضبط مخزن غير مرخص يحوي كميات ضخمة من الأدوية مجهولة المصدر بمدينة سوهاج    نيابة المنتزة بالإسكندرية تُصرح بدفن جثمان الفنانة نيفين مندور    بدء عرض حفلات الأوسكار من عام 2029 على يوتيوب    حفل موسيقى حجرة بالمتحف القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية    محمود حميدة وشريف منير وهانى رمزى يشاركون فى عزاء شقيقة عادل إمام بمسجد الشرطة    أستاذ بالأزهر عن كتاب زعماء دولة التلاوة: قدم رؤية تحليلية جديدة لتاريخ القراءة    حكومة نتنياهو تجتمع غدا لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    ضبط شخص يوزع أموالا على الناخبين ببركة السبع    السعودية تلغي المدفوعات على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري    41 مؤشرًا لقياس أداء المدن الجديدة للتحول نحو مدن خضراء مستدامة    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    رسالة مفاجئة من ياسر جلال لمصطفى أبو سريع بعد انفصاله عن زوجته    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    محمود كارم: خطاب الكراهية أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    بوتين: روسيا ستسعى لتوسيع مكاسبها في أوكرانيا حال فشل محادثات السلام    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    محافظ القاهرة يتفقد عددًا من اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير العملية الانتخابية    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    أجواء شتوية وفرص لسقوط أمطار.. الأمطار تكشف تفاصيل حالة الطقس    النائب أيمن محسب: الخروقات الإسرائيلية تهدد الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد رسلان يكتب: ماراصاد .. للثورة وجوه كثيرة
نشر في البديل يوم 03 - 07 - 2014

أهم ما يميز عرض ماراصاد والذي قدمته فرقة الطليعة من إخراج سعيد سليمان ،هو القدرة على التقاط الإمكانات المطروحة في نص بيترفايس لملامسة واقعه الآني في مصر، والابتعاد عن الوصفات المغلقة السهلة، ومن أهم تلك الإمكانات، المسافة الزمنية المطروحة بين فعل الثورة وفعل إعادة تمثيل ما هو جوهري من وقائع وأحداث فيها، ولعل تلك المسافة التي اتكأ عليها فايس وكانت بمثابة نقطة انطلاق العرض، هي ما صنعت فضاءات رحبة لتأمل كافة القوي التي صاغت ذلك الواقع بهدف الوصول إلي طبيعة و توجهات الخطابات التي قادت تلك الأحداث بطريق مباشرمن ناحية، والاشتباك مع الواقع الآني من ناحية أخرى من خلال جعل تلك المسافة الزمنية قاسمًا مشتركًا بين العالم المتخيل والواقع الفعلي لهنا الآن.
فالماركيز دي صاد يصنع مسرحيته الداخلية في مصحة شارنتون للأمراض النفسية والعقلية بمجموعة من نزلاء المصحة بعد ثلاث سنوات من الثورة الفرنسية، وسعيد سليمان ينسج خيوط عرضه بعد ثلاث سنوات من الثورة المصرية، ليصبح جمهور الصالة جزءا مكونا للجمهور الافتراضي للمشهدية المسرحية والدرامية، ومن هذا المنطلق يصنع العرض منطقه وعقده الضمني في عملية التلقي. والذي جعله يخرج بوعي شديد من دائرة العروض المباشرة التي تناولت موضوع الثورة من قبل على خشبات مسرح الدولة. كما أسهم في التركيز على الوعي الضمني الذي أصبح مسيطرا على النخبة الثقافية في الآونة الأخيرة، بما يحمله من شكوك وتساؤلات متعددة حول تلك الفترة الزمنية المفصلية في التاريخ المصري، والتي نستطيع أن نختزلها في السؤال التالي: هل جاءت الثورة لإعادة تشكيل مسويات البنية الاجتماعية، أم هي مجرد إعادة إنتاج لنفس البنية الحاكمة القديمة؟
وبهذا المدخل يعمل سعيد سليمان على تنحية كافة الأداءات الكامنة في النص الأصلي والمحملة بطاقة العنف بمستوييه الجسدي والنفسي – مثل التي استخدمها بيتر بروك عند إخراجه لنفس النص – ليبقي على حالة التأمل بعقل بارد وتشي في طياتها بقدر من مشاعر الإحباط واليأس، ذلك التأمل الذي يفسر لنا تجسيد مشاهد التعذيب عبر نفيها بدلا من حضورها بشكل سادي ومرضي وهو ما نتلمسه بوضوح في مشهد تعذيب مارا/ياسر عزت. فبداية بالمادة الخام التاريخية للثورة الفرنسية، مرورًا بالبنية النصية لفايس في ستينيات القرن العشرين كمحاولة لقراءة المد الثوري العنيف من خلال دمجه المتخيل بين واقعة اغتيال جان بول مارا وإبداع المركيز دي صاد المريض بالفردية، نصل إلى ماراصاد الطليعة لإعادة قراءة الثلاث سنوات التي أعقبت الثورة المصرية، وأوجهها المتعددة، لنرصد مجموع التناقضات بين الشعارات المعلنة، والممارسة الفعلية للتيارات المختلفة، وبذلك يصنع المخرج شرعية مرور للسياق المصري إلى عوالم البنية النصية الأصلية ( عالم نزلاء المصحة ومسرحيتهم الداخلية التي يخرجها ويؤلفها الماركيز دي صاد – وعالم جان بول مارا ووقائع اغتياله بكل ما يحمله من ملابسات) لتتداخل جميعًا، وتفسح المجال لتخليق جماليات العرض المسرحي بكل ما يحمله من أداءات فنية. وبذلك تصبح الشخصيات محملة بمجموعة من الخطابات التبريرية التي يتم مقاربتها بالخطابات المصاحبة لثورة يناير ، تلك الخطابات التي ترى الثورة بمنظورها وفقا لأهدافها ومصالحها، لتموت الثورة النقية المنزهة عن كل غرض في صورة جان بول مارا الذي يرتدي زيه الأبيض على يد التيارات كافة التي يدينها العرض (الشعب ودي صاد ودوبرييه النائب الجمهوري و شارلوت).
ويظهر لنا هذا التفسير بشكل واضح في الصياغة البصرية والتي قام بها صبحي عبد الجواد، والتي اعتمدت بشكل اساسي على استخدام الموتيفات الدلالية وتتسم بالحياد عبر الاكتفاء بالإشارة إلى فضاء المصحة عن طريق اللغة المنطوقة ، ونفي الفضاء النصي الأصلي المتمثل في حمام المصحة والذي أصبح لا يتناسب مع نسق العرض وفق ما تحدثنا عنه سابقًا نظرا لما يستدعيه من أداءات مرتبطة بحالات مرضية داخل النفس الإنسانية، فنحن أمام مجموعة من الموتيفات أقرب في خاماتها إلى البيئة المصرية مثل الأقفاص والخوص، إلى جانب بعض الموتيفات الأخرى التي يتم توظيفها للتأويل المشهدي مثل موتيفة الأرجوحة التي تتأرجح عليها كوردي/فاطمة محمد علي قبل أن تعزم على فعل القتل بشكل نهائي بدافع من الهوس الديني.
ومن العناصر المهمة أيضا التي دخلت في نسيج تصور العرض النهائي، عنصر الأغاني التي لحنها محمد الوريث وصاغ كلماتها بالعامية المصرية مصطفى سليم، وتم عزفها بشكل حي على جوانب خشبة المسرح في العمق باستخدام مجموعة من الآلات الشرقية وهي العود والدفوف والناي، حيث دعمت مجموعة من اللحظات الدرامية التي توزعت بين الحماسة التي ينقلها مارا للجموع، والرثاء عليه، والمعاناة التي يتعرض لها الشعب.
وقد جاء التمثيل متسقًا مع العناصر المصاحبة له حيث تم خفوت مشاهد الجنون لصالح إبراز الأزمات النفسية التي تمر بها الشخصيات وصراعاتها من أجل تحقيق الثورة بما يتواءم مع رغباتها الذاتية، ولعل ساعد في ذلك الاختيار الموفق لمجموعة من الممثلين الذين كانوا على وعي بما يقومون به نظرا لنضجهم الذي جعلهم يبتعدون عن السقوط في هوة الأصوات الانفعالية والحفاظ على خطوط الشخصيات وأبعادها الجوهرية المشتبكة مع الواقع، وظهر ذلك في شخصية جان بول مارا الذي قام بها الفنان ياسر عزت، وماركيز دي صاد / معتز السويفي الذي اتسم بالرصانة والعمق في أدائه ، وولاء فريد في أدائها لشخصية الراوي التي حاولت أن تعطي حميمية للشخصية من خلال ملامح المنادي الشعبي، وناجح نعيم في شخصية المدير الذي عكس من خلال أدائه المرض الذي تعاني منه السلطة المتحكمة في هذا العالم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.