حائط صد الصواريخ أسقط طائرات العدو.. وأسر العديد من الإسرائليين احتفال القوات الجوية يتزامن مع إنشاء حائط الصواريخ لصد هجمات العدو تحتفل القوات الجوية بعيدها السنوى فى الثلاثين من يونيو كل عام، يوم استرداد الأرض والكرامة بإقامة حائط الصواريخ الذى منع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة، فاتخذت قوات الدفاع الجوى هذا اليوم عيداً لها.. التقت «البديل» اللواء عبدالمنعم التراس، قائد سلاح الدفاع الجوى، الذى أوضح لنا كيف بدأ تدشين هذا السلاح وكيف نجح فى إقامة حائط الصد الذى حمى سماء مصر من صواريخ العدو الإسرائيلى خلال العدوان الثلاثى، وإلى نص الحوار.. لماذا اختار سلاح الدفاع الجوى يوم 30 يونيو للاحتفال السنوى لعناصره القتالية؟ طبقاً للقرار الجمهورى رقم 199 الصادر فى الأول من فبراير 1968، تم البدء فى إنشاء قوات الدفاع الجوى لتمثل القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة الباسلة، فهو ذكرى إتمام إنشاء حائط الصواريخ تحت ضغط هجمات العدو الجوى المتواصلة بأحدث الطائرات «فانتوم، وسكاى هوك» ذات الإمكانيات العالية، مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتيسرة فى ذلك الوقت.. ومن خلال التدريب الواقعى فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف، تمكنت قوات الدفاع الجوى اعتباراً من 30 يونيو وخلال الأسبوع الأول من شهر يوليو عام 1970، من إسقاط العديد من الطائرات طراز «فانتوم، وسكاى هوك»، وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة "فانتوم" وأطلق عليه أسبوع تساقط "الفانتوم" وتوالت انتصارات رجال الدفاع الجوى، كما يعتبر يوم 30 من يونيو عام1970 هو البداية الحقيقية لاسترداد الأرض والكرامة بإقامة حائط الصواريخ الذى منع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة، فاتخذت قوات الدفاع الجوى هذا اليوم عيداً لها. هل يمكن شرح عمليات الصراع التى شنتها إسرائيل على مصر خلال العدوان الثلاثى؟ يوم 14 مايو عام 48 تم إعلان قيام دولة إسرائيل.. بعد انتهاء الانتداب البريطانى على فلسطين، وفى يوم 31 من نفس الشهر صدر الأمر بإنشاء قوات الدفاع الإسرائيلية.. تكونت من ثلاث أفرع رئيسية هى القوات «البرية والجوية والبحرية»، وكان للقوات الجوية الإسرائيلية أهمية كبيرة عن باقى الأفرع الأخرى لقدرتها على نقل المعركة إلى أى مكان خارج الأراضى الإسرائيلية، وتم تجميع الطيارين المتطوعين من أوروبا وأمريكا وجنوب إفريقيا حتى بلغ عدد الطيارين 40 كانوا أصحاب خبرة قتال فى الحرب العالمية الثانية، وفى ذلك الوقت من عام 48 لم يكن تم تشكيل قوات الدفاع الجوى كقوة رئيسية بالقوات المسلحة، حيث كانت عبارة عن عناصر تعمل ضمن سلاح المدفعية. وماذا عن حجم المدفعية ؟ كان حجم المدفعية المضادة للطائرات المصرية فى ذلك الوقت عبارة عن «عدد 2 آلاى مدفعية 3.7 بوصة م ط وآلاى مدفعية 40 مم م ط وآلاى أنوار كاشفة»، وتولت مهمة حماية المدن الرئيسية بسيناء مع توفير الحماية الجوية لوحدات المشاة ضد هجمات العدو الجوية، وقصفت خزانات المياه والوقود بالمستعمرات التى أنشائتها إسرائيل، وقد خاضت بطاريات المدفعية المضادة للطائرات هذه المعارك ببراعة وشجاعة، ولكن الوضع اختلف فى حرب عام 56، حيث تم توقيع اتفاقية السلاح عام 1955 بين مصر والاتحاد السوفيتى، والتى تقرر مد مصر بالمدافع 85 مم، 37 مم، الرشاشات الخفيفة أعيرة 12.7 مم، وبدأت وحدات المدفعية فى إعادة البناء والتدريب الشاق، ووفرت وحدات المدفعية فى حرب عام 56 الحماية الجوية لمدن القناة والقاهرة والدفاع بإصرار عن كوبرى الفردان، وتم إسقاط أعداد كبيرة من الطائرات الإسرائيلية والبريطانية وإبادة معظم أفراد المجموعة الأولى من قوات الكوماندوز التى هبطت غرب بورسعيد وبورفؤاد. ماذا يعنى مصطلح "الحائط العسكرى" ؟ حائط الصواريخ هو تجميع قتالى متنوع من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات فى أنساق متتالية داخل مواقع ودشم محصنة "رئيسية / تبادلية / هيكلية" قادر على صد وتدمير الطائرات المعادية فى إطار توفير الدفاع الجوى للتجميع الرئيسى للتشكيلات البرية والأهداف الحيوية والقواعد الجوية والمطارات غرب القناة مع القدرة على تحقيق امتداد لمناطق التدمير لمسافة لا تقل عن 15 كم شرق القناة. كيف تم إنشاؤه ؟ هذه المواقع تم إنشاؤها وتحصينها تمهيداً لإدخال الصواريخ المضادة للطائرات بها، وقد تم بناء هذا الحائط فى ظروف بالغة الصعوبة، حيث كان الصراع بين الذراع الطولى لإسرائيل المتمثل فى قواتها الجوية وبين رجال القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع شركات الإنشاءات المدنية فى ظل توفير دفاع جوى عن هذه المواقع بالمدفعية المضادة للطائرات؛ وذلك لمنع إنشاء هذه التحصينات، ورغم التضحيات العظيمة التى تحملها رجال المدفعية المضادة للطائرات، كان العدو ينجح فى معظم الأحيان فى إصابة أو هدم ما تم تشييده، ودرس رجال الدفاع الجوى خططوا بعمل مستمر وإنجازوا هذه المهمة، وكان الاتفاق أن يتم بناء حائط الصواريخ باتباع أحد الخيارين. ماهى الخيارات ؟ القفز بكتائب حائط الصواريخ دفعة واحدة للأمام واحتلال مواقع ميدانية متقدمة، دون تحصينات وقبول الخسائر المتوقعة لحين إتمام إنشاء التحصينات، والخيار الثانى الوصول بكتائب حائط الصواريخ إلى منطقة القناة، بأن يتم إنشاء تحصينات كل نطاق واحتلاله تحت حماية النطاق الخلفى له وهكذا، وهو ما استقر الرأى عليه وفعلاً تم إنشاء مواقع النطاق الأول شرق القاهرة وتم إحتلالها دون أى رد فعل من العدو، وجرى التخطيط لاحتلال ثلاث نطاقات جديدة تمتد من منتصف المسافة بين غرب القناة والقاهرة، ونفذت هذه الأعمال بنجاح تام فى تناسق كامل وبدقة عالية، وفى التوقيت المحدد كسمفونية متكاملة تعزف أعظم الألحان، جسدت بطولات وتضحيات رجال الدفاع الجوى وكانت ملحمة وعطاء لهؤلاء الرجال فى الصبر والتصميم والتحدى، وعلى أثر ذلك لم يجرؤ العدو الجوى الاقتراب من قناة السويس، فكانت البداية الحقيقية للفتح والإعداد والتجهيز لخوض حرب التحرير بحرية كاملة ودون تدخل العدو الجوى. كيف استطاع مقاتل الدفاع الجوى تحقيق المعادلة الصعبة بين التكنولوجيا المتطورة وسهولة الاستخدام فى حرب أكتوبر 73 ؟ أجمع العديد من المفكرين أن حرب أكتوبر 73 تعتبر نقطة تحول هامة فى تاريخ الحروب، فأبرزت أن التكنولوجيا أصبحت تمثل عنصراً ذا أهمية فى الحروب الحديثة، ولعل أهم المشاكل التى تواجه الجيوش الحديثة تلك الناشئة من الاتجاه المتزايد نحو استخدام الأسلحة المتطورة المعقدة فمعظم هذه الأسلحة تتطلب أطقم قتال ذات مستوى تعليمى وثقافى عالى نسبياً. ماذا يعنى ذلك ؟ هذا الأمر يؤكد أن القوة العسكرية لأى دولة لم تعد تقاس بصورة مطلقة طبقاً للعناصر المكونة لها من تسليح وقوة بشرية، وإنما أصبحت تقاس بصورة نسبية طبقاً لنوعية القوة البشرية وقدرتها على استيعاب الأسلحة والمعدات المتطورة، وكان أحد الحلول لمواجهة المشكلة هو زيادة فترة التجنيد، لتوفير الوقت اللازم كى تتمكن أطقم القتال من استيعاب الأسلحة وهو ما يتعارض مع خطط التنمية الاقتصادية للدول. هل كان هناك حلول أخرى أمام مقاتلى سلاح الدفاع الجوى ؟ بالفعل هناك حل آخر يتمثل فى تصنيع وجلب أسلحة متطورة سهلة الاستخدام، ويتطلب تكاليف باهظة لتنفيذه، ولعل ذلك يفسر الاهتمام البالغ بالصواريخ المحمولة على الكتف للنتائج الرائعة التى حققها خلال حرب أكتوبر 73، فهذه الصواريخ تعتبر نموذجاً رائعاً لما يجب أن تتجه إليه التكنولوجيا فى المجال العسكرى من سهولة الاستخدام ورخص الثمن، وقد تم تنفيذ منظومة للانتقاء والتوزيع للأفراد ذوى المؤهلات العليا والدرجات العلمية المناسبة لاستقدامهم للتجنيد بقوات الدفاع الجوى للعمل على المعدات ذات التقنيات الحديثة المتطورة؛ لسهولة استيعابهم لهذه المعدات.