عُرف المصريين بكل جديد وغريب، فمنذ أكثر من مائة وخمسين عام ظهرت أول إمساكية في التاريخ، أثناء عصر ولي النعم محمد علي باشا في رمضان سنة 1262ه سبتمبر 1846م، وقدكتب عليها: أول يوم رمضان الاثنين، ويرى هلاله في الجنوب ظاهرًا كثير النور قليل الارتفاع ومكثه خمس وثلاثون دقيقة. كانت الإمساكية علي ورقة صفراء مزخرفة الإطار (17.5سم * 27سم)، ومكتوب عليها مواعيد الصيام والصلاة بالتوقيت العربي وهو غير التوقيت الإفرنجي الذي نتعامل به الآن، فمثلًا الفجر علي 9.25 عربي معناها 3.25 صباحًا بتوقيتنًا الذي نعرفه، وقد أمر ولي النعم بتوزيع هذه الإمساكية علي دواوين الحكومة مع التشديد علي الأفندية بعدم التزويغ والكسل بحجة مشقة الصيام. جاء ذلك في كتاب «وحي يا وحي.. رمضان صور وحكايات» للدكتور ياسر قطامش، إذ أكد أنه في الثلاثينيات من القرن الماضي وجد المصريين استخدام أخر للإمساكية، فأصبحت فرصة للدعاية والإعلان عن الولاء والتقرب لأولى الأمر، فمثلًا تجد صاحب محل طرابيش يقوم بطباعة الإمساكية وعليها صورة الملك فؤاد ومزينه من الداخل بحكمة تقول «في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق»، وينتهز الفرصة ليعلن عن أجود أصناف الطرابيش ومنها (العباسي) و(الفرنساوي). ثم يختم الإمساكية بهذا الزجل: يا مصر جه رمضان.. وحل شهر الصيام.. شهر التقى والفضايل.. وأشرف الأيام.. عبد الحميد زي عادته .. يهدي إليكم هدية.. مين اللي صايم وينسى.. يطالبة بالإمساكية.. يا أمة الطرابيش.. اتمتعي والبسي.. ومن صناعة بلادك.. اتزيني واتكسي. استمر استخدام الإمساكية في الدعاية والإعلان بجانب الإعلان عن مواقيت الصلاة والصيام، حتى في الأربعينات ولكن مع اختلاف صورة الملك، فاستبدل المصريين صورة الملك فؤاد بالملك فاروق والنحاس باشا رئيس الحكومة آنذاك، إذ قام توفيق هدايت أفندي تاجر الخردوات ببورسعيد بعمل إمساكية مبتكرة تضم صورة الملك فؤاد وهو لا يزال صبي عمره 17 عامًا، بجانب النحاس وصورة توفيق أفندي أيضًا وقال: إكرامًا لشهر رمضان العظيم وذيادة في إرضاء حضرات الزبائن الكرام، نتقدم بتشكيلة كاملة من كرافتات وجوراب ومناديل وروائح من أذوق وأرقى البضائع بربح قليل وتضحية لم يسبق لها مثيل. ومن وقتها وأصبحت الإمساكية فرصة عظيمة للتجار للإعلان عن بضائعهم، دون أن يؤثر ذلك على وظيفة الإمساكية الأساسية في تذكير المصريين بمواعيد الصلاة والصيام في رمضان.