«تنسيقي محافظة الأقصر» يبحث استعدادات تنفيذ التجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    محافظ الجيزة يتابع انتظام الدراسة بالمعاهد الأزهرية ويعلن انطلاق الفترة الواحدة غدًا    محافظ الدقهلية يتفقد السوق الدائم للسلع الغذائية بشارع قناة السويس    شركة Nvidia للتكنولوجيا تستثمر 2 مليار جنيه إسترليني لتعزيز شركات الذكاء الاصطناعي في بريطانيا    الأمم المتحدة: جوتيريش يدعم بشكل كامل تعزيز حل الدولتين باعتباره السبيل الأوحد لحل الصراع    وزير كندي: مجموعة السبع تنوي التحرك بشكل حاسم لإنهاء الصراع في أوكرانيا    اليابان: قوات أمريكية تواصل التدريب على نظام الصواريخ المضادة للسفن    رئيس النواب الأمريكي يحذر من كارثة ستواجه بلاده مطلع أكتوبر المقبل    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    حالتا طرد وهدفان ملخص شوط أول مثير بين مانشستر يونايتد وتشيلسي    "الثانية خلال أسبوع".. جلسة مرتقبة بين محمود الخطيب وياسين منصور ..ما القصة؟    زمالك 2009 يهزم المقاولون العرب بهدف نظيف في بطولة الجمهورية    التحقيق مع تشكيل عصابي بتهمة النصب علي تاجر بمصر القديمة    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    الحبكة المقدسة.. الدين في السينما الغربية    ما حكم سماع الأغاني بدون موسيقى؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    اللواء إبراهيم هلال ل"الساعة 6": حل القضية الفلسطينية يحتاج قرارات مُلزمة    6 جوائز فى ختام أيام صناعة السينما بمهرجان بغداد السينمائى    "فستان قصير وجريء".. مي عمر بإطلالة جريئة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    نقابة "العلوم الصحية" تنظم حلقة نقاشية مع الخريجين والطلاب    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    التشكيل الرسمي لقمة مان يونايتد ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    بعد الاختبار الطبي.. رمضان صبحي ضمن قائمة بيراميدز لمواجهة الأهلي السعودي (خاص)    تجديد حبس البلوجر محمد عبد العاطي 45 يوما لنشره فيديوهات خادشة للحياء    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    غياب عربي عن القائمة.. تعرف على أكثر الدول طلبًا لتذاكر كأس العالم 2026    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    بطلق ناري في الظهر.. الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل خمسيني بطما    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    حملات موسعة لإزالة الإشغالات واستعادة المظهر الحضاري بشوارع الزقازيق    أحمد السبكي: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل ستشهد إشراك أكبر للمستشفيات الجامعية وللقطاع الخاص    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    كتائب القسام تنشر صورة وداعية للمحتجزين الإسرائيليين    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف حلمي: الثورة .. العسكر .. والإخوان ومخطط التفكيك الأمريكي
نشر في البديل يوم 24 - 11 - 2011

عندما قامت الثورة الإيرانية تلقت أمريكاً درساً قاسياً قررت من بعده أن لا تترك هذا السيناريو يتكرر معها مرة أخرى، لقد كان شاه إيران الابن المدلل لأمريكا وحليفها الاستراتيجي الذي لا يقل أهمية عن إسرائيل في الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة، لذلك تجاهلت واشنطن المعارضة الإيرانية فضاعت منها إيران إلى غير رجعة.
منذ تلك الحادثة والهزيمة السياسية الأمريكية، قررت واشنطن أن تبقي أبوابها مشرعة أمام القادة من عملائها والمعارضة أيضاً حتى تمسك بجميع أطراف اللعبة خصوصاً في الدول التي تمثل نقاط ارتكاز لها بالمنطقة، وهذا ما حدث في مصر، فرغم أن مبارك كان أفضل رجال أمريكا في المنطقة والحارس الوفي لمصالحها ولمصالح إسرائيل فأن هذا لم يمنعها من فتح قنوات اتصال مع المعارضة وبشكل خاص جماعة الأخوان المسلمين بصفتهم القوة الأكثر تنظيماً وتأثيرا في ظل وجود أحزاب المعارضة الكرتونية الهشة التي ادمنت العيش على فتات ما يلقيه إليها النظام بعد أن تم اختراقها وتفتيتها.
لذلك فأنه وإن كانت الثورات العربية نتاج نضال وطني خالص لتلك الشعوب إلا أن من يجني الثمار الآن هم قوى الإسلام السياسي وفق سيناريو أمريكي يريد استبدال الأنظمة السابقة بأخرى مروضة تتمتع بقدر ما من الشعبية والتنظيم، تربطها بها علاقات بشكل أو بأخر، فما يهم واشنطن أن لا تتحول تلك الثورات إلى حراك ديمقرطي حقيقي يسفر عن دولة مؤسسات حقيقية بما يعني تقدم وتطور على مختلف المستويات ومن ثم زوال تلك الوصاية الأمريكية والتعامل بمنطق الند للند بما يعني خسارة أمريكا لحلفاء طالما اعتمدت عليهم في فرض سيطرتها على المنطقة.
و هل يستطيع محلل محايد ثاقب النظرة أن يقول لنا ما هي مصلحة حلف الأطلنطي بقيادة واشنطن في سقوط نظام القذافي ودخول الحلف بكل قوته الجوية ومساعداته اللوجستية لثوار ليبيا، هل هؤلاء يقدمون لنا شيئاً مجانياً؟، وما هي طبيعة العلاقة بين بعض قادة السلطة في ليبيا الآن وحلف الأطلنطي وماذا دار في كواليس اللقاءات بينهما، وعلى أي شيء اتفقوا وما هو الدور الأمريكي في كل ذلك؟
أنا لا اشكك إطلاقا في نقاء ووطنية الثورات العربية لكني أضع بعض التساؤلات عن دور حلف الأطلنطي والولايات المتحدة فيما يتم حالياً من محاولة لسرقة الثورات العربية؟ ربما لا يجد البعض إجابات على تلك الأسئلة لكن المستقبل سوف يكشف الكثير مما يدور خلف الكواليس، وساعتها سوف يتعرى وينكشف الكثيرون من أدعياء الثورية والوطنية الباحثين على السلطة على أشلاء الوطن.
ما يحدث الآن يقودنا إلى سيناريو أوسع وأشمل يهدف إلى تفكيك الثورة المصرية، وهو حتى الآن ناجح بامتياز ويكشف عن أن هناك أياد تعبث بمنجزات الثورة واستطاعت بالفعل أن تحقق الكثير من أهداف ذلك السيناريو ومن ينظر إلى الخلف قليلاً منذ اندلاع شرارة الثورة حتى الآن يجد أن الأسابيع الأولى حملت روحاً وطنية متماسكة وتفاؤلاً منقطع النظير سرعان ما تحول في ظل مخطط التفكيك إلى معضلات وكوابيس حولت ذلك التلاحم إلى فتنة وطنية ودينية وسياسية، وأزاحت ذلك التفاؤل العارم إلى إحباط شديد أصاب قطاعات كبيرة من المجتمع وترك الحبل على الغارب لشيوع روح الجهل والتعصب وغياب الحوار الموضوعي ووضع الوطن بأكمله على المحك، فأصبحنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً من المفاجآت المريرة التي قد تسفر عنها الأيام المقبلة في ظل جشع بعض القوى والأحزاب والجماعات التي ركبت قطار الثورة من أجل الاستيلاء عليه وتسخيره لمصالحها في ظل ظمأها الشديد للسلطة.
ولعل ما شهدته مصر خلال الأيام الماضية يكشف الأقنعة عن السيناريو الأمريكي تجاه مصر الذي اعتمد على تقاسم السلطة بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين مع استخدام بعض الأحزاب الكرتونية الضعيفة مثل حزب الوفد وغيرها من الأحزاب الضعيفة كديكور لتجميل الصورة.
كما يكشف إصرار جماعة الأخوان المسلمين على إجراء الانتخابات البرلمانية الآن عن أن المخطط اكتمل وتم بالفعل تقسيم غنائم الثورة، ولكن غرور الجماعة وأطماعها في الاستيلاء بالكامل على السلطة وتقزيم دور العسكر نتج عنه مليونية الجمعة الماضية التي كانت رسالة من الإخوان بأنهم قادرون على إحراج العسكر مستعرضين قوتهم في لحظة ” مساومة ” مع العسكر على أكبر قدر من الغنائم، وهذا ما لخصه الإخوان عند انسحابهم من الميدان بقولهم “الرسالة وصلت”، لكن انقلب السحر على الساحر وأدى العنف المفرط في سحق بضع مئات من مصابي الثورة وبعض النشطاء إلى عودة الحياة إلى القوى الثورية الحقيقية التي فشلت معها كل محاولات العسكر خلال الأيام الماضية والذين مارسوا عنفاً تجاوز بكثير الجرائم التي ارتكبها المخلوع وزعيم عصابته العادلي.
ولم يكن خطاب المشير طنطاوي مستغرباً ولا مفاجئاً، لأنه ليس أمام العسكر إلا خيارين إما أن يتركوا السلطة ويفشل المخطط الأمريكي ومن ثم تكون هناك سلطة مدنية حقيقية ودولة مؤسسات وفي هذه الحالة تضيع كافة حسابات الإخوان وأمريكا، أو أن تستمر في تنفيذ المخطط الأمريكي، وهو ما لن تستطيع النجاح فيه بعدما تجاوزت الأحداث كل إمكانيات العسكر والإخوان لتشتعل الثورة الثانية التي تنبأ بها الخال الشاعر عبد الرحمن الأبنودي أن تحدث بعد عام أو أعوام لكنها جاءت مبكرة ومباغتة لأعدائها لتعود الشرعية مرة أخرى إلى الميدان.
والسؤال الآن هل تستطيع جماعة الإخوان أن تكشف عن حقيقة الاتفاقات التي تمت مع العسكر، وهل هناك من يستطيع أن يكشف لنا خريطة تقسيم “تورتة” الثورة بين الطرفين بعدما قاما مع الفلول بتشويه سمعة القوى الثورية الحقيقية رغم أن لجنة تقصي الحقائق برأت هذه القوى وأدانت بعض الحركات السلفية بتلقي الأموال من تيارات خليجية وهو الأمر الذي نشرته بعض الصحف الخليجية بالأرقام ومنها صحيفة السياسة الكويتية منذ أيام، وهل يستطيع الإخوان أن يكشفوا لنا مصادر تمويلهم وممتلكاتهم وشركاتهم أم أنهم فوق القانون؟
لقد آن الآوان أن يتم تشكل مجلس ثوري مدني لإدارة البلاد يتكون من شخصيات سياسية وطنية مثل الدكتور البرادعي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وأيمن نور وحمدين صباحي وحسام عيسي وغيرهم لنبدأ بداية حقيقية من أول السطر بعيداً عن تلك الفوضى التي عاشت فيها مصر في ظل حكم العسكر وليتراجع العسكر عن الصفوف الأمامية ويعودوا إلى ثكناتهم ويتفرغوا لحماية الحدود بعدما فقدوا الكثير من مصداقيتهم، وهو أمر ليس بحاجة إلى استفتاء شعبي فلم يتسلموا السلطة باستفتاء شعبي بل جاؤوا لتصريف مصالح على وقع طبول الثورة التي لم يشاركوا فيها أو يحموا ثوارها كما يزعم البعض.
وعلى الثوار عدم تكرار الخطأ القاتل الذي ارتكبوه عندما تركوا الميدان وتركوا الثورة نهباً مباحاً لقوى التسلق والتملق التي لا يهمها سوى مصالحها الضيقة ولو على حساب بحر من دماء الشهداء وانين مصابي الثورة الذين أهينوا وضاعت كرامتهم على مدار الشهور العشرة الماضية.
لقد انطلقت شرارة الثورة الثانية ولن يستطيع أحد أن يخمدها مرة اخرى فلقد تعلمنا الدرس واستوعبناه جيداً ولا يصح إلا الصحيح ولا بديل لثورة كاملة متكاملة على ارض الواقع بعيداً عن المتسلقين الباحثين عن السلطة والمتعطشين لها أصحاب الصفقات السياسية المشبوهة والمتحالفين مع أمريكا وإسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.