حرص المفكر الكبير وأستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس «مراد وهبة»، على حضور احتفالية «العقاد اليوم»، متحدثًا عن فكر العقاد ورؤيته الفلسفية للكون، متسائلًا: ماذا لو كان «العقاد» معنا اليوم؟، كيف كان سيتعامل مع أزمة أصوليات الدين في القرن ال21؟ قائلًا: من المعروف أن جميع ارهاصات «القعاد» الفكرية والفلسفية كانت من نبع قضايا القرن العشرين، لذا سأقوم باستحضار شخصيته وأتحدث نائيًا عنه في كيفية تناوله لصراعات أوصول الأديان بشكل عام وصراعات العلمانية بشكل خاص. جاء ذلك في الاحتفالية التي نظمتها وزارة الثقافة، بمناسبة 125 عامًا على ميلاد العقاد و50 عامًا على رحيله، صباح اليوم الأحد، بالمجلس الأعلى للثقافة، في حضور نخبة من الشعراء والمثقفين منهم: أحمد عبد المعطي حجازي، حسن طلب، السماح عبدالله، الحساني حسن عبدالله، وسعيد توفيق، أمين المجلس الأعلى للثقافة. في البداية أوضح «وهبة»، أن الحقيقة عند «العقاد» مطلقة، ومن ثم فأن العقاد يرادف بين الحقيقة المطلقة والحقيقة الواضحة، فهو يقول في كتابة «حياة المسيح»: أن تواريخ الأديان جميعاً تثبت أن الحقيقة الواضحة التي لا مغزى لكتابة التواريخ مع الشك فيها "أي أنها مطلقة"، ونعني بالحقيقة الواضحة اطراد السنن الكونية في الحوادث الإنسانية الكبرى، فلا يحدث طور من أطوار الدين أو الدنيا إلا سبقته مقدماته التي تمهد لحدوثه، وتأسيسًا على هذه الحتمية التاريخية التي تتسم بأنها حقيقة مطلقة ارتأى العقاد أن "نشأة المسيحية لم تكن شذوذًا عن تلك الحقيقة، وليس أقرب إلى جلائها من تلخيص صورة العصر كله في كلمات معدودات نحصر بها آفاتنه البارزة". أضاف «وهبة» أن العقاد قد ذكر في كتاباته آفاتين في المجتمع، وها نحن نعيشهما اليوم وهما: الأولى تحجر الأشكال والأوضاع في الدين والاجتماع، والثانية سوء العلاقة بين الأمم والطوائف مع اضطرارها إلى المعيشة المشتركة في بقعة واحدة من العالم، مشيرًا إلى اهتمام العقاد بالشكل دون المضمون في الدفاع عن حرية التفكير، ولذلك لانه كان يعي جيدًا أن المضمون على علاقة بالحقيقة، والحقيقة على علاقة بالعقل، والعقاد يريد أن يفصل بين الحقيقة والعقل حتى لا يقع الدوجماطيقية، وهو ما لا يريد أن يهتم بها، من هنا فإن العقاد يحيل الحقيقة إلى الوجدان دون العقل. يقول "لا يستيطع الإنسان أن ينفذ عن طريق حواسة وعقلة إلى معرفة الحقائق الكونية فهما لا يطلعانه على شئ سوى اوصاف على الحقائق وأغراضها". وتابع «وهبة»: أظن أن قول العقاد بقدرة الوجدان دون العقل على الوعي بوجود الله تمهيد لربط الوجدان دون العقل بالعقيدة الدينية، ومنا هنا انحاز العقاد إلى حاكمية الله. ففي فصل «الحكومة» من كتابه «الفلسفة القرآنية»، يقول العقاد "يطاع الحاكم ما أطاع الله فإن لم يطعه فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، ثم يقول " فليست مسألة الفصل بين الدين والدولة في الإسلام بالمسألة في عبارة التي تصطدم بحق الراعي أو حق الرعية الذي عرف في تاريخ هذه المسألة عند الأمم الأوروبية، وليست هي المشلكة المعروضة للبت فيها بين شعب من الشعوب الإسلامية".