المكان: مصر الجديدة، أمام قصر الاتحادية الزمان: الخميس، 5 يونيو المناسبة: الاحتفال بفوز المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية المكان تحول من شارع يقع فيه القصر، ومسجد عمر بن عبد العزيز، ونادي هليوبوليس إلى مايشبه يوم الحشر في الآخرة، أو مايشبه مليونيات يوم أيام الجمعة الغالية علينا جميعا عندما قاومنا حكم الأهل والعشيرة، أيام حفرت في الذاكرة وسرت روحها في الأوردة والشرايين، وربما حمدنا الله كثيرا لأنه أحيانا فيها، أحلي وأغلي اللحظات، التي تساوي العمر كله، فيها إيمان بقضية، بعدالة قضية، وفيها عدو، وفيها قدرة علي المواجهة وانتظار النصر القريب، وقد كان يوم 30/6. منصة عظيمة تتوسط المكان، وإمكانيات صوتية وفنية كبيرة، وتأمين علي أعلي مستوي، ونظام حكومي صارم، وأفراد يشبهون الفرق الخاصة في ملابس مدنية، يتحركون بسرعة وكفاءة عندما يتم استدعائهم، وجمهور يسد عين الشمس من سكان مصر الجديدة، طبقة وسطي بشرائحها، العليا والدنيا والبين بين، والوافدون الي مصر الجديدة وهم أيضاً أصحاب حظوظ، وربما لايوجد بين الجموع سكان عشوائيات مصر الجديدة من العزب والبؤر المحيطة بها والتي تطفح عليها وعلي شوارعها وميادنها من وقت الي آخر وكأنها تقول: أننا موجودن ولن تهئنوا بالحياة وحدكم، واحتفال تافه وفارغ من المعني والقيمة، لم يعرف منظموه ولا من يلهثون الآن لتقديم كل ما يعتقدون أنه سيقربهم من الرئيس الجديد قيمة ولا معني احتفال بفوز رئيس لمصر في انتخابات تجري في أوقات صعبة، انتخابات تجري في أوقات خوف وقلق وآمل ورجاء، تتجمع المشاعر المتناقضة في النفوس في اليوم الواحد مرات ومرات، ونلوذ بالرجاء والأمل عسي أن نتغير ونعيش عيشة كريمة. صعد مطربون أنتجهم زمن مبارك، ربما استفادوا منه لا يهم، المهم أنهم عندما جاءت لحظة الاحتفال بحدث تاريخي واسم لبطل حقيقي لم يجدوا في جعبتهم إلا كلمات تافهة ومعاني خائبة لا تليق بمناسبة وطنية، لكن تليق بناس عايزة تهيص، لم يقدموا للناس إلا أغانيهم (البايتة) أغاني كانت علي موائد الأمس ولم يكن لها مذاق، هيصة وليست مناسبة وطنية، مناسبة وطنية پها زخم ومشاعر ومعاني تصعد بانتماء الإنسان وفخره واعتباره بالحدث الوطني وهو انتخاب رئيس ينتقل بمصر الي عالم جديد وحياة كريمة، لا يعرف من فكروا وقرروا هذا، ليس في الذاكرة تقريبا، فقد تربوا ونشأوا في زمت آخر وظروف آخري، وما يطلبونه من الرئيس القادم الي مصر شيئ ليس له علاقة بثورة ولا بشهدا ولا أي شيئ ، هم فقط التحقوا بالموضة الحديثة، الثورة والثوار، بالطبع استثني مطربة واحدة بدرجة مناضلة، كان الغناء بالنسبة لها أداة للنضال والمقاومة دفعت الثمن كثيرا ولكنها الآن تنتصر للفن الذي يخلق وعي يمهد للثورة والتغيير، هي المناضلة عزة بلبع. تتضح الصورة إذن، حفل الاتحادية جانب واحد من الصورة، منتجات مبارك وتوحش رموزه وفقر ثقافتهم وفنهم يعودون ويعتبرون أن ماحدث في مصر هو جملة اعتراضية طويلة، آن لها أن تنتهي حتي يعود الزمان إلي دورته الطبيعية ويواصلوا هم مسيرتهم، السؤال الآن: هل نترك مصر ونهاجر الي داخلنا أو إلي خارجها، الإجابة لا، لا، لماذا: لأن مصر قامت فيها ثورة، وقامت فيها ثورة ثانية، ونحن نؤمن بإمكانية التغير ودفعنا الثمن وعلي استعداد لمواصلة المقاومة وتقديم الثمن..