سيطرت القوات الإرهابية التي تلقب ب«الدولة الإسلامية في العراق والشام» وتختصر في «داعش» على مدينة الموصل العراقية التابعة لمحافظة نينوى، ومن المعروف أن نينوى هي ثاني أكبر المحافظاتالعراقية، كما تشتهر بأنها من المحافظات الغنية بالنفط أيضاً، وهي ملاصقة تماماً لحدود العراقوسوريا، وهو ما يشكل خطراً مضاعفاً على كلتا الدولتين، حيث سيصبح هناك ظهير خارج الدولة السورية يحمي الإرهاب ويؤويهم رسميًّا، كما سيتم تهريب الأسلحة بشكل مكثف أكثر من ذي قبل عن طريق تلك الحدود. ترصد «البديل» آراء السياسيين حول خطورة الموقف وسيطرة «داعش» على أكبر ثاني محافظاتالعراق، وهروب الجيش العراقي تاركاً أسلحته الثقيلة ومعداته للإرهابيين ومدى تأثير ذلك على المنطقة بشكل عام ومصر بشكل خاص. يقول مدحت الزاهد، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن مؤشر صعود الإرهاب بهذا الشكل في المنطقة خطير، سواء تعلق الأمر بالعراق أو سوريا أو لبنان أو مصر، مضيفاً أن حملة ترويع الأهالي في الموصل قد تتحول لحملة تطهير تستهدف الأكراد في المناطق المحيطة، وهذا الأمر يثبت حاجتنا لمواجهة حازمة للإرهاب تقوم على صيانة الدولة وتحقيق الأمن لكل مواطنيها، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بنظام حكم قائم على العدل ودولة القانون والمساواة، فشيوع هذه الثقافة بين المواطنين لا يجعل هناك مناطق معزولة يمكن استهدافها إرهابيًّا. وأضاف «الزاهد» ل«البديل» الخميس، أن المعركة ضد الإرهاب ليست معركة بين جيوش نظامية وعصابات مسلحة فقط، وإنما في الجوهر ضد الشروط المنتجة للإرهاب، وأبرزها أشكال التمييز وانعدام المساواة، وعدم التنمية المستقلة لكل الأقاليم والأطراف مثل سيناء. وتوقع القيادي بحزب التحالف، أن تكون «داعش» مدعومة أمريكيًّا رغم أن الولاياتالمتحدة أدرجتها مؤخراً في قوائم الإرهاب، قائلاً: «أحيانًا حين تطلق الوحش ليخدم مصالحك لا تستطيع السيطرة عليه فيما بعد، وهذا النموذج أثبته التاريخ مراراً وفي مصر نذكر استعانة الرئيس السادات بالإسلاميين لمواجهة اليساريين، فكانت نهايته على أيديهم»، مشيراً إلى أن التدخلات الدولية لعبت دورًا في دعم جماعات من هذا النوع، مثل جبهة النصرة وداعش، وعندما يشتد الخطر تحاول تلك الدول سحب الدعم، لكن الطرف الإرهابي يصبح قويًّا؛ ليمضى في مخططه. وأكد «الزاهد» أن أهم ما يمكن استنتاجه من الوضع أن السودان بمجرد ظهور الجماعات الإسلامية وتصدُّرها للمشهد تعرضت للتقسيم، وهي معرضة لتقسيمات أخرى؛ وذلك لأن الجماعات الإسلامية المتطرفة تغفل التنوع الثقافي في السودان، حيث إنها مزيج من الحضارة الإسلامية والإفريقية والعربية، وتلك الصورة متكررة في كل الدول، ويجب أن نكون منتبهين لمخاطر التدخل الخارجي. وقال أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، إن ما يفعله إرهابيو "داعش" في العراق من تمزيق للوطن وقضم للسلطة المركزية وقتل وترويع وتخريب وتدمير أكبر دليل على وعى الشعب المصري، الذي أدرك خطورة استمرار حكم الميليشيات الإرهابية على وحدة الوطن واستقرار الدولة فانتفض في 30 يونيو للخلاص من قبضتهم. أما مجدي حمدان، القيادي بجبهة الإنقاذ والمحلل السياسي، يرى أن الموقف في العراق أصبح ينذر بخطورة كبري وخاصة على دول الجوار مثل الكويت، مبدياً تعجبه من ارتباط إعلان الولاياتالمتحدة انتهاء وجودها في العراق بتلك العمليات الإرهابية. وأشار «حمدان» إلى أن أمريكا التي تساعد «داعش» في سوريا هي الآن التي تستنكر وجودها في العراق، وان الولاياتالمتحدة لن تخرج من منطقة الخليج بسهولة، كما انه من غير المستبعد أن يكون البيت الأبيض هو من يقدم المساعدات لهذه الجماعات الإرهابية المتطرفة. وأضاف «حمدان»: «نحمد الله أننا تخلصنا من تلك الجماعات في 30 يونيو، فلولا وعي المصريين وجيشهم الوطني لأصبحت مصر جزء من هذا الصراع».