عمليات نزوح جماعية من أبناء الموصل هربا من قوات داعش سقطت محافظة نينوي الواقعة في شمال العراق عند حدود اقليم كردستان والمحاذية لسوريا خلال ساعات بأيدي مجموعات جهادية متمردة أمس الأول الثلاثاء في حدث استثنائي يهدد بكارثة امنية كبري وبفتح ممرا جديدا لتنظيمات متطرفة تنشط عند الحدود العراقية السورية. واعلن رئيس البرلمان اسامة النجيفي في مؤتمر صحفي في بغداد ان "كل محافظة نينوي سقطت بايدي المسلحين"، وذلك بعد ساعات قليلة من تاكيد مصادر أمنية خروج مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد)، عاصمة نينوي وثاني اكبر مدن العراق، عن سلطة الدولة. وهذه هي المرة الأولي التي يعلن فيها مسؤول عراقي عن خروج محافظة بكاملها عن سيطرة الدولة العراقية. وفي ضوء هذا الحدث، دعت الحكومة العراقية البرلمان الذي سيعقد جلسة طارئة اليوم الخميس الي اعلان حالة الطوارئ في البلاد، وأعلنت عن وضع قواتها في حالة التأهب القصوي، كما تعهدت بتسليح كل مواطن يتطوع لقتال "الارهاب"، مشيرة الي قرار بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وخططها. وقد طالب رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تلا بيان الحكومة بحشد "كل الطاقات الوطنية من اجل انهاء تنظيم داعش في محافظة نينوي والمحافظات الاخري"، وذلك في اشارة الي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، (داعش)، اقوي التنظيمات الجهادية في العراقوسوريا. ويمثل سقوط نينوي في ايدي المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة والتي يشكل الجهاديون وعناصر "داعش" ابرز مكوناتها حدثا استثنائيا بالنسبة الي الوضع الامني في العراق بشكل عام لما تحظي به هذه المحافظة من اهمية استراتيجية نظرا لحجمها ولموقعها القريب من اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. كما ان مدينة الموصل عاصمة الشمال العراقي تقع علي بعد كيلومترات فقط من الحدود مع سوريا حيث تفصل بينها وبين معبر اليعربية الفاصل بين العراقوسوريا منطقة تسكنها عائلات سنية لها امتدادات عشائرية وعائلية علي الجانب الآخر من الحدود. والموصل ثاني مدينة تفقد القوات العراقية السيطرة عليها منذ بداية 2014 بعد الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) الواقعة في محافظة الانبار والتي تسكنها غالبية من السنة ايضا. وقال المحلل السياسي عزيز جبر لوكالة فرانس برس ان "سقوط محافظة مثل نينوي يشكل تهديدا خطيرا جدا للامن القومي العراقي (...) والمسالة تنذر بكارثة وطنية كبري، واذا لم تعالج فستنسحب المسالة نحو محافظات اخري". واضاف ان "الجماعات المسلحة تريد اقامة دولة اسلامية وهذه الدولة تريد ان تقتطع الموصل وصلاح الدين والانبار وديالي في العراق وتضيفها الي دير الزور والرقة في سوريا وهذه الاهمية الاستراتيجية لما حدث اليوم (الاربعاء)". ورأي جبر ان "الخطر داهم باتجاه العراق والمنطقة وبعدما تحقق مثل هذا الانتصار علي القوات العراقية لا بد ان يقوم اقليم كردستان وجيران العراق بتقديم اي مساعدة لهذا البلد". وفي التفاصيل الامنية، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية لفرانس برس ان "مجموعات من المسلحين سيطرت اولا علي مبني المحافظة في الموصل وعلي القنوات الفضائية وبثوا عبر مكبرات الصوت انهم جاءوا لتحرير الموصل وانهم سيقاتلون فقط من يقاتلهم". واضاف ان "افراد الجيش والشرطة نزعوا ملابسهم العسكرية والامنية (...) واصبحت مراكز الجيش والشرطة في المدينة فارغة، فيما قام المسلحون باطلاق سراح سجناء" من السجون في المدينة. وتابع "مدينة الموصل خارج سيطرة الدولة وتحت رحمة المسلحين". وفيما لم يحدد المصدر في وزارة الداخلية الجهة التي ينتمي اليها المسلحون، قال ضابط رفيع المستوي في الشرطة برتبة عميد لفرانس برس ان هؤلاء المسلحين ينتمون الي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام". واوضح الضابط ان الهجوم "بدأ في الساعة 23،30 (20،30 تج)، فيما بدأ سكان المدينة بالنزوح عنها صوب اقليم كردستان". واضاف ان "جميع القطعات العسكرية التابعة للفرقة الثانية خرجت الي خارج المدينة" وكذلك القيادات العسكرية العليا، مؤكدا ان "الموصل باكملها باتت تحت سيطرة ارهابيي داعش عبر انتشار وفراغ امني كبير وانتشار لمئات المسلحين". وتابع ان "مقر قيادة عمليات نينوي ومبني المحافظة ومكافحة الارهاب وقناتي سما الموصل ونينوي الغد (...) والدوائر والمؤسسات الحكومية والمصارف بيد داعش، وتم اقتحام سجون الدواسة والفيصلية وبادوش وهناك اطلاق سراح لمئات من المعتقلين". دولة «داعش» وفي وقت لاحق، قال النجيفي في مؤتمره الصحفي ان "كل محافظة نينوي سقطت في ايدي المسلحين"، مضيفا ان "مسلحين يتوجهون الي محافظة صلاح الدين لاحتلالها"، وهي محافظة تسكنها ايضا غالبية من السنة وتقع الي الجنوب من نينوي والي الشرق من الانبار. وتشهد نينوي حاليا حركة نزوح كثيفة باتجاه اقليم كردستان المجاور الذي يتمتع بحكم ذاتي، بحسب ما افاد مراسل فرانس برس في الموصل. وقال المراسل انه شاهد سيارات تحمل عائلات تفر من المدينة، وسيارات شرطة واليات للجيش بعضها محترق واخري متروكة علي الطريق، فيما اغلقت المحلات ابوابها.