أسست "حقوقيون مناهضون للتعذيب"، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب فى عام 1993 كأول مركز حقوقى متخصص من نوعه فى مناهضة التعذيب وتأهيل ضحاياه، وتزويدهم بالتقارير الطبية القانونية، وذلك بعد 8 سنوات من قيام مصر بالتوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب دون التحفظ عليها. واستطاع المركز فى السنوات الأولى فى تقديم طرح قوى لجريمة التعذيب على الرأى العام عن طريق نشر الحملات وتحريك دوائر مجتمعية مختلفة ضد ممارسات خرجت عن السيطرة فى العقود الماضية. الدكتورة عايدة سيف الدولة، مؤسس مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، عاشت عقودا من حياتها لأجل قضية واحدة لم تنساها أو تتناساها يوما، رغم الاتهامات والصعوبات، بقيت قضية التعذيب هى حلم " سيف الدولة" الذى تسعى للقضاء عليها، إلا أن الحلم لم يتحقق حتى الآن وربما لن يتحقق فى المستقبل القريب. أكدت سيف الدولة فى حوارها مع "البديل" أنه منذ تأسيس المركز والتعذيب لم يتوقف يوما فى مصر ربما يقل أو يزيد وفقا للنظام الحاكم، إلا أنه زاد فى الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق. س: هل تغيرت سياسات وزارة الداخلية منذ تأسيس المركز فى 1993؟ ج: سياسات وزارة الداخلية لم تتغير يوما، فنفس السياسات ما زالت كما هى، تعذيب بدون حدود، وتجاوز وانتهاك للقانون بدون حدود وللدستور، ودولة فوق الدولة، وافلات مستمر من العقاب، ولا وجود لمحاسبة لمن ارتكب خطأ. س: لكن لهذه الدرجة لم يطرأ أى جديد على الأجهزة الأمنية؟ ج: الجديد أنه بعد الثورة زادت مرتبات الجيش والشرطة، فى الوقت الذى يطالب فيه الجميع بتحديد الحد الأدنى للأجور، وفى الوقت الذى يموت فيه أناس من الجوع. س: وماذا تعنى هذه الزيادة؟ ج: بالنسبة لى هذه الزيادة فى المرتبات هى بدل ولاء، حيث إن النظام يسعى إلى أن تكون المؤسسة الأمنية فى خدمته، لدرجة أنه فى إحدى المرات أكد لى أحد الضباط أن وظيفتهم هى خدمة النظام، ولو أنك من ستتولى الحكم سنقوم بخدمتك. كما أن الفارق عن الوقت الماضى هو زيادة جبروت الشرطة، وتعاظم الشعور لدى الضباط بعدم المحاسبة. س: فى أى العصور زادت نسبة التعذيب؟ ج: لم يتوقف التعذيب يوما واستمر على مدار كل العصور، إلا أنه بعد 30 يونيو نحن تجاوزنا مرحلة التعذيب إلى المذابح، وبمعدل ليس طبيعيا، لدرجة أن القبض يتم من داخل البيوت والقبض على الأطفال وتلفق لهم تهم الانتماء إلى خلايا إرهابية مثلما حدث فى حادثة مؤسسة "بلادى"، وذلك بدعم إعلامى. س: كيف يتم ذلك بدعم إعلامى؟ ج: فى الوقت الحالى يتم الاعتماد على الإعلام بالتأكيد على قاعدة "اللى متعرفوش هو إرهابى حتى يثبت العكس"، وهذا الإعلام آيضا يخلق دعما مجتمعيا لأى جريمة بزعم أننا نريد الاستقرار، هذا الإعلام نفسه فى يوم من الأيام كان سيشن حربا بين مصر والجزائر بسبب مباراة كرة قدم. س: وهل هذه المطالبات بمنع التعذيب يجب أن تكون موجودة فى الوقت الحالى، حيث الحرب على الإرهاب؟ ج: بغض النظر عن نوايا الدولة، فهى موقعه على اتفاقية مناهضة التعذيب ولم تتحفظ عليها، وهذه الاتفاقية تقول إن التعذيب جريمة، والمادة الثانية من الاتفاقية لا تسمح بممارسة التعذيب حتى فى أوقات الحروب أو حالات الطوارئ. س: وكيف ترى تناول المرشحين للرئاسة صباحى والسيسى لقضية التعذيب؟ ج: بالنسبة لى المرشح لرئاسة الجمهورية الذى لا يرى أن التعذيب جريمة وأنه لابد من تطهير وزارة الداخلية، ولا يعترف بأن الداخلية تمارس التعذيب فهو مرشح " لا يلزمنى". الشىء المشترك والمستمر منذ كل العصور هو استمرار التعذيب، وعشت حياتى أتخذ قرارات بوصلتها موقف الغير من التعذيب، هذه البوصلة لم تخذلنى يوما، فما زال التعذيب مستمرا، والنظام الذى يمارس التعذيب هو نظام جبان. س: وما هو تعليقاك على حديث المشير السيسى حول حقوق الإنسان؟ خلال الأيام الماضية تحدث المشير السيسى المرشح الرئاسى، بضرورة موازنة بين الأمن وحقوق الإنسان، منوها بوقوع تجاوزات فى حقوق الإنسان، مطالبا بأنه إذا كان ذلك سيحدث فعليه أن يكون متسقا مع نفسه بأن يذهب إلى الأممالمتحدة ويسحب توقيع مصر من اتفاقية مناهضة التعذيب، كما أنه إذا كان المرشح نفسه يقول إن هناك أبرياء بيقتلوا فى سيناء، لكن قبل دفنهم ديتهم تكون فى أيدى أهلهم، متساءلة إذا كان ذلك ليس إرهابا فما هو الإرهاب؟. س: وماذا عن المرشح الرئاسى حمدين صباحى؟ ج: حمدين صباحى لم يتحدث حتى الآن بشكل واسع عن مستقبل حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، لكنه يتحدث من قبل 25 يناير وبعدها. س: كيف ترى حضرتك التحولات التى طرأت على من هم محسوبين على معسكر الثورة؟ ج: فى الحقيقة من تحولوا لم يكونوا يوما فى معسكر الثورة، فأحد المميزات والتى ندفع ثمنها أن الناس تنزل الميدان وتقول الشعب يريد إسقاط النظام، لكن لم يتفقوا على أسباب إسقاط النظام، فى حين أن شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية" لم يُطلق إلا من قلة قليلة وأغلبها من الشباب، وهذه أحد الدروس التى يجب أن يستفيد منها الشباب بعد السنوات الثلاث الماضية، وهى أنه لا يجب النزول فى الميادين بدون رايات، لأن فى الحقيقة علينا أن نعرف " مين بيقول إيه". س: وما تقييمك لأداء المجلس القومى خاصة العضوين راجية عمران وجورج إسحاق؟ ج: ليس لدى تعليق على المجلس القومى سوى" الله يسامحهم"، أما راجية عمران وهى ناشطة حقوقية معروفة بدورها فى الدفاع عن حقوق الإنسان فيمكننى التعليق على أدائها، لكنى لا أعرف " أحدا اسمه جورج إسحاق".