اليوم ذكرى اغتصاب فلسطين وحيث تحل المناسبة تثير أسئلة المصير والوجود المهددين منذ زرع الكيان الغاصب في قلب الشرق وتتلاحق الأسئلة عن تردي حال القوى السياسية الفلسطينية وانحراف بعض قياداتها في مهالك المشاريع الاستعمارية الرجعية الداعمة للاحتلال الصهيوني والساعية لتكريسه وتأبيده بمشروع الدولة اليهودية بينما شذ بعض القادة أكثر وإلى حيث هو أدهى بتآمرهم على سوريا الدولة العربية الوحيدة التي جعلت من فلسطين محور نهجها ومواقفها رغم التهديد المتواصل ورغم طعنات فلسطينية مسمومة تحملتها غالبا بصمت ولم تبدل في خياراتها ومبادئها . أولاً: من نافل القول ان سوريا هي الدولة العربية الوحيدة الحاضنة للشعب الفلسطيني في الشتات والممسكة بخيار المقاومة كنهج تحرري ثابت وهي الدولة التي دعمت حركات المقاومة الفلسطينية دون انقطاع وحتى في احلك الظروف التي تجتازها سوريا نكتشف ان الصواريخ التي استعملتها حركة الجهاد الإسلامي لدك المستعمرات الصهيونية مؤخرا هي سورية الصنع والمصدر وفقا لما صرح به قادة العدو وكذلك الصواريخ المضادة للدبابات التي استخدمها مقاومون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في القطاع من قبل. ينظر الفلسطينيون العاديون باحترام شديد لما اتاحته لهم سوريا من ظروف العيش الكريم وفرص العمل وحيث تحولت هوية الفلسطيني لمصدر فخر واعتزاز خلافا لما هي عليه الحال في دول عربية اخرى تمارس تمييزا وقهرا مذلين ضد الفلسطينيين ومنها لبنان ففي سوريا وحدها يتبوأ فلسطينيون وظائف عامة ويعملون في مهن تخصصية على قدم المساواة مع السوريين ويحظون بجميع الفرص الممكنة للعمل والتملك والحياة بكرامة مع الحرص المستمر من الدولة الوطنية على ترسيخ انتمائهم القومي وإحياء وعيهم لقضيتهم الوطنية. ثانياً: سوريا هي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت المساومة على مبادئها وأبت التعامل مع فرص التفاوض بمنطق فك الترابط بين المسارات على الرغم من انفراد قيادة منظمة التحرير في سقطة اوسلووسوريا هي التي قطعت الطريق على سلسلة الصفقات المنفردة في دول الطوق من كمب ديفيد إلى وادي عربة وأوسلو ومرورا باتفاق 17 أيار الذي كان لسوريا فضل كبير في دعم مقاومة الشعب اللبناني التي أسقطته . سوريا تبنت حق العودة وسائر الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني في تعبيرها عن مفهوم التسوية العادلة والشاملة وهي التي اعترضت مسار التفريط العربي الرسمي بقضية فلسطين وحالت في جميع القمم العربية وفي مؤسسات الجامعة العربية دون تثبيت الصيغ والمفاهيم التي تغطي تصفية قضية فلسطين ورغم غلبة أصوات المستسلمين نجحت في مقاومة المحاولات السعودية الحثيثة لفرض لغة التصفية ومفرداتها وليس بعيدا عن هذا الأمر استهداف سوريا وسعار الدول الرجعية المتكالبة ضدها فسوريا هي الصخرة التي هشمت مخططات تصفية القضية حتى عندما قدمت جهات فلسطينية غطاءها وتورطت في تلك المخططات المشبوهة . ثالثاً: إن جوهر الحرب الاستعمارية على سوريا هو استهدافها كمحور لمنظومة المقاومة التي احدثت انقلابا كبيرا في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وأدخلت إسرائيل في مرحلة العجز الاستراتيجي وفقدان هيبة الردع وليس من فراغ ان تقود الولاياتالمتحدة بنفسها الحشد العالمي والإقليمي والعربي لجميع القدرات والإمكانات في محاولة تدمير الدولة الوطنية السورية وبمرارة تلقت الدولة السورية حقيقة تورط جهات فلسطينية في المؤامرة التي تستهدفها وخصوصا من جناح في حركة حماس ولكن سوريا تعاملت سياسيا بحكمة وبأخلاقية عالية ولم تفرط بمبادئها وبموقفها التاريخي من قضية فلسطين ومن الكيان الصهيوني الغاصب وقد بات معلوما أن العروض التي تلقتها القيادة السورية منذ بداية العدوان تمحورت على الاعتراف بإسرائيل مقابل وقف جميع التحركات المعادية لكن الرئيس بشار الأسد الذي عرف بصلابته القومية والوطنية منذ لقائه الشهير بكولين باول بعد احتلال العراق رفض أي مساومة على المباديء رغم ما كان لديه من معطيات ومعلومات عن تورط بعض القيادات الفلسطينية في المؤامرة على سوريا . سوريا تخوض ملحمة الصمود والمقاومة في وجه العدوان الاستعماري وهي متمسكة بقضية فلسطين وهي ترفض تشريع وجود الكيان الصهيوني لأنها مؤمنة بان قوة سوريا واستقلالها مرتبطان بردع العربدة الصهيونية وبشل طاقة الكيان الغاصب على مواصلة العدوان ولذلك فقدر سوريا أنها كانت وستبقى حاضنة المقاومين والمخلصين للقضية وقلب العروبة النابض مهما اشتد تكالب الرجعيين والعملاء ومهما توسعت دوائر المتورطين بالتعامل مع العدو وهي واثقة بان انتصارها الكبير على المؤامرة سيؤسس لتحول نوعي في معادلات الصراع وبالذات في مسار الكفاح الفلسطيني التحرري الذي تدعمه سوريا ومنظومة المقاومة في المنطقة.