الإنسان بغض النظر عن المستوى العقلي بتاعه ، عقله بيبقى لسة برضه فيه الحد الأدنى من التعامل المادي مع الأشياء ، والحد الأدنى ده مهم جداً في استساغة الأمور حتى في المجتمعات الأشد جهلاً وتخلفاً . ومهما كان الإنسان مغموس في الميتافيزيقيا ، فلازم كل شيء بيحصل قدامه يكون ليه مدلول مادي أو عائد مادي ، لأن الحياة على الكوكب نفسه والطبيعة بكل شئ تحتويه ، قايم على مفهوم ال Recycle أو إعادة التدوير ، يعني مافيش حاجة بتروح في الفراغ أو العدم بشكل مطلق . علشان كده في المجتمعات إللي اعترفت بالعقل والماديات ، كل حاجة خاصة بالتطور والحضارة المفروض إنها تتعمل بيتحط ليها الأسباب المادية والعائد المادي . في مجتمعاتنا السواد الأعظم من الأشياء والاحتياجات وإللي المفروض ولازم تتعمل ما بيتحطلهاش سبب مادي أو عائد مادي ، كله رايح في الميتافيزيقا والكلام الهلامي الغير مادي ، ومثال على كده موضوع النظافة والعمل وخلافه . النظافة والجمال في مجتمعات كتيرة مش متعلقة حتى بالمظهر ، دي متعلقة بسهولة المواصلات عشان تلحق تروح شغلك ، متعلقة بالحالة النفسية للمواطن إللي بيشتغل عشان نفسه تبقى مفتوحة للشغل ، متعلقة بإنك تلاقي مكان نضيف تجري فيه وتلعب رياضة عشان صحتك ، ومتعلقة بالصحة نفسها وتقليل نسبة الميكروبات والجراثيم والأمراض عموماً ، وبجانب أسباب أخرى مادية كانت بتسهل عملية التوعية لحد لما بقت النظافة عُرف سائد وبدأت الطبيعة تبقى جاهزة لسن لوائح ونظم للحفاظ على الطبيعة ومعاقبة المخالف . في مجتمعاتنا لصق كل شيء تقريباً ومنها النظافة بالإيمان "النظافة من الإيمان" ، ولأن زي ما قولنا الإنسان فعلياً عقله مش مقتنع بالكلام ده برغم الروشتات الدينية والمظاهر الدينية والفكر الديني ، ومافيش نظافة ومافيش عمل ، وقيس على كده حاجات زي مثلاً العمل "العمل عبادة" ، واطلبوا العلم ولو في الصين "مُصاغة إيمانياً" ، وحتى السقوط في بئر حاجات زي التحرش وخلافه مش متعلقة بإن السياحة ما بتجيش بجانب بلاوي تانية متعلقة بالحياة العامة ، بيحاولوا يلزقوها "بالبعد عن الإيمان" ، وبيزيد التحرش لحد ما بقينا بننافس أفغانستان على المركز الأول عالمياً في التحرش . الخلاصة ! ربط الحياة العامة بالدين والإيمان والميتافيزيقا بس بدون ما يكون له أثر واقعي على المجتمع والفرد بيجيب الحياة العامة الأرض ونتايجها عكسية ، لأن الربط ده في أصله ضد العقل ، حتى في المجتمعات قليلة استخدام العقل ، ده غير إنه بيشوه صورة الدين أمام المجتمعات التانية . بمعنى ! إنك (كشحص أو مجتمع أو دولة) ما تبقاش نظيف وجميل أو محترم عشان بس ربنا عايز منك كده لأ ، انت بتعمل الكلام ده لنفسك ولبلدك ووطنك قبل ما يكون له مدلول ديني وإيماني عليك ، يعني لنفرض مثلاً إن النظافة ملهاش ثواب ديني ، هل ساعتها كنت هتسيب الركن ده في حياتك ؟؟ ، عشان كده ما تربطش إللي بتعمله بفكرة الثواب والعقاب وبس ، لأنك كده هتتحول لحيوان بيخاف وبيتمنى وبس ، لكن الطبيعي إنك تخاف وتتمنى وتحب وتسعى وتشتغل كله مع بعضه لنفسك ولربك مش لحد تاني . الدين جه عشان ينظم الحياة مش عشان يستعبدك .