عرفت مصر الحديثة مقولة مؤداها «من بيده الميكروفون هو صاحب الصوت المسموع»، لعل أشهر كوارثها ما رددته أبواق الإعلام المصري حينما كانت رحى حرب الخامس من يونيو 1967 دائرة، فظلت تبث للمواطن المصري أنباء عن أعداد الطائرات التي أسقطناها للعدو الصهيوني، ليفجع كل مصري بعد سويعات بأن جيشه هزم شر هزيمة. هذه المقولة انتقلت رويدا رويدا إلى التعليم، فصار من بيده القلم، ممثلا في وزارات التعليم المتعاقبة، صاحب الكلمة المرئية والمقروءة بغض النظر عن صحتها! فعلى مدار أعوام ظلت وزارة التربية والتعليم تنفق الملايين علي على «وضع الخطط الإستراتيجية»، بزعم «تطوير التعليم»، وما تلبث أن تذهب الوزارة أو الحكومة بأكملها، فتأتي وزارة أخرى تنفق الملايين على «الخطط الإستراتيجية» لكي «تطور التعليم»، وهكذا تستمر الدائرة. وحول هذه القضية يقول الدكتور كمال مغيث – الخبير التربوي، إن إلي تطوير التعليم قضية أكبر من وزارة التعليم ورئيس الوزراء، وربما رئيس الدولة، لأن تطوير التعليم يجب أن يكون نابعا من الإرادة السياسية الكاملة للدولة. ويضيف «مغيث» أن التطوير يلزمه عناصر ثلاثة، أولها توافر الإرادة السياسية لدى الدولة النابعة من أن التعليم أساس البناء، وثانيها توفير التمويل اللازم لعملية التطوير، أما العنصر الثالث فيتمثل في إنشاء مجلس وطني للتعليم يضع الأساس الذي ينطلق منه المجتمع نحو التعليم لمواجهة تحديات العصر. وأوضح الدكتور محمد رجب فضل الله – أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة قناة السويس، أن منظومة التعليم في مصر تعاني العديد من المشاكل، بداية من المناهج والمباني والمعلم والامتحانات. وأضاف أن القول بأن المناهج بعيدة عن الواقع العملي غير صحيح، لأن الخلل يكمن في عملية التطبيق، وفي توفير معامل والبنية التحتية اللازمة لذلك، لافتا إلى أنه يجب علي الجميع العمل علي الإسراع في خطوات تطوير التعليم في مصر بما يتواكب مع تطور مناحي الحياة، بالإضافة إلى التفكير بطرق غير تقليدية فيما يتصل بإعداد المعلم، وتدريبه، ودمج التكنولوجيا في التدريس، وحسن اختيار مديري المدارس. وقال عبد الحفيظ طايل – مدير المركز المصري للحق في التعليم، إن المرحلة الراهنة تشهد استغلال المنظومة التعليمية في العملية السياسية، وهو ما يشكل خطرا على الأمن القومي لمصر.