الحكومات المصرية المتعاقبة التي تنشب مخالبها في لحم الفقراء من عامة الشعب المصري تحتاج لدراسة جادة للوقوف علي سلامة قواهم الوطنية ومدى سلامهم النفسي مع المجتمع الذي ينتمون إليه ولا يدخرون جهداً في إنهاكه وإفقاره بكل الوسائل المتاحة ,فالحلول الجذرية غير مطروحة على جدول الأعمال وإنما اللجوء لفرض الإتاوات على المواطن الغلبان هو الحل الأسهل والأسرع,لجمع حفنة من الجنيهات تقيهم حر شمس نهار يوم واحد مهما كانت النتائج. فمنذ أيام أصدر رئيس الوزراء إبراهيم محلب قراراً غريباً برفع أسعار الغاز المستخدم في المنازل والأنشطة التجارية التي تعادل الاستخدامات المنزلية اعتباراً من الشهر المقبل وحسب القرار فإن الأسعار تنقسم لثلاثة شرائح الأولي لا تزيد عن 25 متراً مكعباً شهرياً مقابل 40 قرشاً للمتر الواحد ثم يرتفع الثمن لجنيه في حال ازدياد الاستهلاك ل50 متراً ليصل إلى 150قرشاً حين يزيد عن 50 متراً ,وقد أعقب القرار تصريح للمتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء ,كنا قد اعتدنا علي مضمونه في الزمن الغابر ,حيث أكد أن رفع أسعار الغاز للمنازل سيوفر للدولة مليار جنيه وسيحقق العدالة بين مستخدمي الغاز الطبيعي واسطوانات البوتجاز!!. هذه الحلول الجهنمية التي تفتق عنها ذهن أصحاب القرار تدعو للدهشة والعجب في ظل اتفاقية الغاز المشبوهة التي وقعت قبل تسع سنوات من قبل الحكومة المصرية مع الكيان الصهيوني والتي انتهت بنهب ثروات مصر الطبيعية على مدى عشرين عاماً كاملة . وكان البروتوكول الذي أبرم عام 2005 يقضي بتصدير 7,1 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز بثمن يتراوح ما بين 70 سنتاً إلى 5,1 دولار للمليون وحدة حرارية ,بينما التكلفة التقديرية حسب الأسعار العالمية تؤكد أن 65,2 دولار للمليون وحدة هو الأكثر تناسباً فضلاً عن الامتياز الذي أعطته حكومتنا الوطنية لشركة شرق المتوسط للغاز الطبيعي الصهيونية المملوكة للهارب حسين سالم بشراكة مجموعة (ميرهافا)الصهيونية من إعفاء ضريبي مدة لا تقل عن ثلاث سنوات .هذا الكرم الطائي الذي قدمته حكومات المخلوع المتعاقبة منذ 2005 وحتى سقوطه 2011 لاينعم به أبناء الشعب المصري ,ومما يزيد الطين بلة أن حكومات ما بعد الثورة مازالت تسير على نفس النهج ولا تتزحزح عنه قيد أنملة حتى في ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة والاحتياجات الوطنية الملحة لتوفير الغاز وتوصيله للمنازل والمصانع لتحريك عجلة الإنتاج وتغذية محطات الكهرباء والطاقة بنداءات لاتنتهي عن ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة ,نحن في غن عن الدخول في هذه الأزمات طالما كانت مصر قابضة على ثرواتها ,ولذا كنا ننتظر من حكومة محلب التي تحاول السباحة في المياة الراكدة اتخاذ قرار بتجميد اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني استناداً للمطالب الشعبية التي نادت بوقف ضخ الغاز مدعوماً بحكم محكمة القضاء الإداري التي قضت بوقف قرار الحكومة المصرية بتصدير الغاز لعدة دول على رأسها الكيان الصهيوني منذ 18نوفمبر 2008 بعد اعتراف الحكومة بأن سعر الغاز الذي يصدر للعدو أقل من الأسعار العالمية المتعارف عليها . في 6يناير 2009 أيدت محكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة للمرة الثانية استمرار الحكم وإلزام الحكومة المصرية برئاسة نظيف بتنفيذ حكم المحكمة ثم ألغي القرار حين تم قبول الطعن الذي تقدمت به الحكومة ليستمر ضخ الغاز ,في عهد المخلوع كان كل شئ مباح تخريب العقول ,بيع الأوطان ,نهب الثروات ,مساندة الأعداء فتقوى شوكتهم على حساب أقوات الفقراء من أبناء شعب مصر كان الفساد يفوق الخيال وكنا نتصور أن ثورة يناير سترد إلينا مغانمنا وسنسترد معها ما بقي من اتفاقية الغاز بقرار سياسي بات واضحاً أن الحكومة الحالية لا تستطيع اتخاذه ,فتوجهت مباشرة للدعم الذي تقدمه الدولة لمواطنيها دون حمرة من خجل فيما تفرط فيه لعدو قابع على الحدود يعلن في كل ليلة أن مصر هى الكعكة الكبيرة التي يريد التهامها ,إن مصر تعيش على بحر من الغاز الطبيعي حسب معلومات أدلى بها الاقتصاديون والخبراء في مجال الطاقة ,فهل من العدل أن يذهب هذا البحر للأعداء في الوقت الذي يتلمس المواطن المصري الطريق للحياة بعزة وكرامة لن يشعر بها إلا حين يمتلك ثرواته ومن ثم يمتلك قراره.