إلى القاهرة التي لم تغب عنها تعود ال"ماجدة "… ما بفهم بالسياسة لكن بفهم الوطن.. وغنائي لأطفال سوريا واجب مصر بخطر، لكنها ستنتصر بقوة شعبها الذي هدر في 30 يونيو كالنهر نحن العرب نتقاتل فيما بيننا و"إسرائيل" تعيش في سلام التنازل أسهل الطرق… لكن إنسانيتي أهم من صوتي ماجدة حليم الرومي التي اختارت قبل سنوات أن يكون صوتها عنوانًا علي الأحلام التي لا تنكسر.. وإن عانت قسوة الاغتراب، لتتحول من مطربة إلي رمز، إلي أغنية، إلى أفق للحلم… تعود إلي مصر التي لتشارك أهلها خطوة "الخروج من الكابوس" إلي حلم الغد، لتغني معهم ولهم ل"ست الدنيا" مرة أخرى لل"البديل" تحدثت "ماجدة" بعفوية مدهشة عن الماضي والحاضر.. والمستقبل الذي ننتظره معطرًا بالحرية غبت عن الغناء في مصر مدة طويلة، كيف كانت العودة؟ جاءتني الدعوة من القنصلية اللبنانية في الإسكندرية كدعوة البيت لأهله،لم أتردد، وافقت بفرح العائد إلى بيته بعد غياب… محبتي لمصر كبيرة، لي فيها جذور وذكريات سعيدة، خاصة قبل احتدام الحرب اللبنانية. يقال إنك رفضت أن تأتي وقتها، وتمسكت بوجودك في بيروت؟ لا أبدًا، هذا كلام غير صحيح بالمرة، رغم أن الكثير من أحلامي تكسر بسبب الحرب، وقتها كنت بعمر 16، وكان من شبه المستحيل المغادرة من لبنان، واضطر والداي أن يأتيا معي أثناء تصوير "عودة الابن الضال"، ولم أستطع العودة مرة أخرى بسبب الحرب. رغم أن الشعب المصري لمس قلبي من المرة الأولى، وتمنيت كثيرًا أن أكون في مصر بين أهلها. وما أسباب بعدك؟ البعد ليس بيدي، آخر مرة عرض علي عمل بالقاهرة، كان منذ تسع سنوات. كيف كان شعورك تجاه الجمهور الحاشد الذي احتفى بعودة ماجدة الرومي لمصر في حفلك بالإسكندرية؟ كنت كعصفور منع عن الطيران في فضائه لتسع سنوات، أو مثل بركان أقفلت فوهته طويلا… تمنيت وأنا على المسرح أن أنفجر غنًا مع الجمهور، كثيرون مثلي يتمنون أن يتفجروا فنيًا بالخير والجمال على المسارح المصرية، ليرتقوا بذواتهم وبالآخرين. ليلتها صليت لله لأستطيع الوصول إلي المصريين، ولأعبر عن نفسي معهم، وليمنحني نعمة النجاح… ورغم أني أستطيع الغناء لساعتين دون أن أتوقف لأشرب كوب ماء، إلا أني قبل الحفل اشتغلت لشهرين، بمعدل 6 ساعات يوميًا… تحديت نفسي لدرجة أذهلتني، حتى الموسيقيين والكورال حصل لهم نفس الشيء… كلنا كنا كبركان يريد أن يعبر عن مدى حبه لمصر، و"صدقيني، على قد ما الله شافني اجتهدت، حب يكرمني بهذه الليلة وبمحبة المصريين وتجاوبهم". غنيت في الحفل أغاني وطنية مصرية كثيرة.. ما الأغنية الأكثر تأثيرًا عليك؟ لم أغن بصوتي ولا بجسدي، الصوت الذي سمعتموه لم يخرج من حنجرتي، بل من أعماق روحي… كل الغناء لمصر كالصلاة، أنا أعشق مصر. سمعنا أنك ستعودين لمصر مرة أخرى، وأن هناك حفلًا قريبًا بدار الأوبرا؟ نعم.. ادعوا لي، ما زلت أريد أن أقدم تحية تليق بمصر، لم أوقع عقدًا حتى الآن، لكن بشعوري أعلم جيدًا أنني سآتي… عندما أدعوا الله بحب أعرف أنه لن يخذلني، وأنا أريد تقديم تحية حب كبيرة للمصريين بكيتي أمام قبر "شاهين" كيف كانت علاقتكما؟ أما قبره تذكرت الوقت القصير السعيد الذي عملت فيه معه، قلت له "أنا الابن الضال الذي رجع إلي حضنك، وأعتذر لك عن كل الأفلام التي لم أستطيع عملها معك، كانت رغبتي كبيرة، ولكن الحرب لم ترغب". بكيت بحرقة… كنت أرغب أن أصف له قدر حبي له. هل من الممكن أن نراك في السينما مرة أخرى؟ لدى غلطة كبيرة لم أغفرها لنفسي، عرض علي الفنان الكبير أحمد زكي سيناريو "قصة حب"، ولكنني لم أمض في التجربة، لأنه "خوفني" عندما قال "أنا بعمل أفلام كل يوم، أنت بتعملي فيلم مرة واحدة، لازم تكوني راضية عن السيناريو". وبحكم خبرتي وقتها، لم أرفض هذا السيناريو، ولكنني رأيت أنه يحتاج إلى العمل عليه، ومستحيل أن يرفض أي فنان العمل مع أحمد زكي، لذلك لم أغفر لنفسي ذلك من حينها، لأن العمل معه نجاح بحد ذاته. نادمة لأن الفرصة جاءت لي أكثر من مرة، لم أستطع أن أكمل العمل مع "شاهين"، ولم أغتنم فرصة "زكي"، أعتقد أن الله سيسألني عن الفرص التي لم يبخل علي بها، وأرسلها إلى بابي رغم وجودي في بلد حرب… أنا التي لم أستطيع التصرف. وعلى كل حال، تمنوا لي العودة إلى السينما، كما أتنمى. معروف أن لك رؤية سياسة فيما يتعلق بالوضع العربي منذ حرب لبنان، فما رؤيتك للوضع الحالي، خاصة في مصر؟ مصر بخطر، لكنها ستنتصر بقوة شعبها الذي كان في 30 يونيو كنهر هادر، وستنتصر بقوة جيشها الذي كسر بارليف في يوم من الأيام، وسوف يكسر الحاجز المعنوي الذي بني بين أبناء الشعب الواحد… عندي إيمان مطلق أن مصر لن تكون إلا حرة وأبية كما يتمناها شعبها. وما رأيك فيما يقال عن أن الوطن العربي فريسة لمؤامرة صهيونية؟ عندي يقين أن الأرض العربية كلها تتعرض لمؤامرة كبيرة، فمنذ تم زرع "إسرائيل" في الشرق الأوسط وهو مضطرب، والمخطط مؤكد، وموجود بكتابهم «بروتوكولات زعماء صهيون»، هم لم يخفوه بالسرير مثلا، قرأته وأنا صغيرة "بابا جاب الكتاب على البيت، وقال لنا اقرؤوا، لا بد أن تفهموا ما هي هذه الدولة المزوعة بيننا"… قرأت وفهمت أنهم يريدوننا مجموعات ملهية بقتال داخلي، كي لا يضطرون لحمل السلاح في مواجهتنا، نتقاتل نحن فيما بيننا، ويعيشون هم في سلام. هل ما زالت لبنان على صفيح ساخن؟ طبعًا، لبنان بخطر كبير، وأخاف عليها كثيرًا… أرى أنها في وضع أفضل من الدول العربية المهددة مثل سوريا وليبيا، ولكن الخطر ما زال موجودًا. وماذا عن سوريا… كيف ترين الوضع هناك؟ سوريا في خطر كبير، لا أعلم ماذا سيحدث، السياسة ليست نطاق عملي، ولكن "لايهون علي أراهم مقذوفين، أو أرى 6 مليون سوري خارج منازلهم، لا يهون علي ولا يهون علي كرامتي العربية الأولاد المذبوحين بهذه الطريقة البشعة". عار علينا كعرب، أن نسكت على هذا الوضع، وأنا هنا معي قصيدة لأطفال سوريا، أهديها لهم، هذا واجبنا الإنساني تجاه أطفال ليس لهم أسماء، ويموتون بهذه الطريقة المجانية… لهم مكان كبير بضميري. المشاهد المبكية في الدول العربية كثيرة، ما أكثرها قسوة في ظل هذه الأوضاع؟ بمصر، الأولاد الذين تم إلقاؤهم من أسطح العمارات، صدمني المشهد. وفي لبنان دم الشاب الصغير محمد شطي، الذي سال على الطريق بعد أن انفجر جسده، كل ذنبه أنه مر بالطريق صباحًا، وهذه ميتة لا أقبلها كلبنانية. وفي سوريا، لا استطيع أن أرى أطفالا لم تتعد أعمارهم العامين مذبوحين في الطرقات. ذلك كله يمس كرامتي كعربية، ويشعرني بالتقصير في حق سوريا وأطفالها وشعبها. هل من حلم بالخروج من هذه الأزمة؟ "إذا الشعب يومًا أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر"، هذا أمر طبقته مصر بامتياز في 30 يونيو، وهذا ما يعطيني الأمل بانفراجة الأزمة في سوريا. كيف رأيت الملاين في 30 يونيو؟ بكيت كثيرًا، كأني رأيت مخلصًا جاء ليخلص الكل، "نسر غطى علينا والدنيا كلها غربان سود، فات غطى عليهم بجناحاته، ووقف على أعلى هرم، يحاكي كل الشعوب العربية إذا أنا فيكو انتوا فيكو".. قدمت طوال مسيرتك أغان أثرت في الأمة العربية.. ماذا عن الألبوم الجديد؟ الألبوم في مرحله التحضير، ولكني لا أرغب في طرحه في الوقت الحاضر، لكن أجهز لأغنية "سنجل" كبيرة على غرار أغان «عبد الحليم حافظ»، وجئت من الإسكندرية إلى القاهرة كي أقابل ملحنين، وسأخص مصر بشيء كبير. هل قلت فعلًا "إنسانيتي أهم من صوتي"؟ نعم أكيد، أنا كإنسان أنطق أولا باسم الإنسان، ويهمني أن يكون محاطًا بهيبة الكرامة، مشواري بالفن كان صعبًا، عاكستني ظروف كثيرة، بداية من الحرب اللبنانية والظروف الشخصية، دائمًا كان يعاكسني التيار، وكان من الممكن أن أسلك مسارًا سهلا، التنازل أسهل ما يمكن عمله، يعني تنحرف عن المسار قليلًا فتأتي لك الفلوس، ولكن إلى الآن بيتي بالإيجار في لبنان، وهذا تاج علي راسي. الإنسان الذي بداخلي أهم من صوتي، هذا الصوت محاط بالكرامة وبشرف لآخر يوم في الحياة، وإلا ابتعدت عن الغناء أفضل، ورغم كل الصعوبات التي حكيت عنها، ربنا قدر دائمًا أن يضعني على الطريق الصحيح لأكمل المشوار. وهل قلت من قبل أنك رسبت في امتحان السياسة؟ من قال إنني على علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد! أنا لا أفهم بالسياسة، ولكن أفهم في الوطن "كتير". ما المطلوب من مواطن صالح يحب وطنه؟ مطلوب منه أن يدعم الهيبة والكرامة والحرية، هذه أشياء التزمت بها منذ بداية مشواري، ولا يهمني أن يقولوا "رسبت". وماذا عن الكليبات؟ لا أشعر أن لدي الرغبه للعمل في هذا المجال، وأصبح راسي مشغول بالسينما، وهي ما أتمناه لنفسي. تعاونت مع كاظم الساهر سابقًا.. هل تكررين التجربة؟ دائما أحب أن أشتغل معه، وهو فنان عظيم، من الأرض العربية، ونحن "نكبر بيه وبالفن، ودائما ما يلحن حلو، لأنه فنان من راسه لكعب رجليه". لماذا قلت إن الملحن الكبير «حليم الرومي» توفي غاضبًا منك؟ ليس بهذا المعني، أبي كان ضد خطوة ارتباطي، وحذرني منها، لكن أنا كنت طفلة، ولم يكن لدي خبرة في الحياة، والذي حذرني منه أبي وقعت فيه، ويؤسفني أن أكون عصيته، ويؤسفني أن يترك هذا العالم دون أن أعتذر عن هذا التصرف. وهل اعتزلتِ الغرام بعد؟ والله غنيت هالأغنية من هنا، ووجدت نفسي معتزله الغرام من هنا… قدمت ألبوم ديني سابقًا، ما هي مكانة الغناء الديني بالنسبة لك؟ كان ذلك بالكريسماس وعنوانه "نور من نور"، وكان الهدف منه أن أطبعه لكل المؤسسات الخيرية اللبنانية التي تهتم بالأيتام، وقلت لكل من يريد الطبعة أعطيه إياها لمساعدة الفقراء والأيتام، ولا توجد كلمة واحدة تعبر عن فرحي بتقديم ريع صوتي ليتيم أو فقير. ما الأغنية التي كتبتها وشعرتي أنها تشبهك؟ عندما قلت "ما فيا إزعل علي شئ"، قلت إنها جملة تختصر ماجدة الرومي في 3 كلمات. لماذا رفضت برنامج «ذا فويس»، وما رأيك في برامج المواهب؟ لم أرفض «ذا فويس»، ولكن لم تعرض علي المشاركة فيه، وأتابع الحلقات الأخيرة من هذه البرامج، ولا أعرف ما مصير هذه الأصوات.