الحلقة الظاهرة من الحرب الكونية على سوريا راهنا تتبدى في العدوان العثماني القطري السعودي على ريف اللاذقية الشمالي وهي في العمق علامة تخبط كبيرة ناتجة عن تلاحق الهزائم الميدانية في معظم المناطق السورية حيث يتقدم الجيش العربي السوري ويتواصل تفكك وتناحر الجماعات المسلحة واضمحلال الحاضنة الشعبية للتمرد المسلح. أولاً: قدمت خلاصات زيارة باراك اوباما إلى الرياض صورة عن حالة الفشل التي تسود حلف العدوان على سوريا الذي ينتقل إلى خطة الاستنزاف ويسعى لإطالة حلقة العنف والتدمير على الأرض السورية بعد اتضاح السقوط المدوي لرهاناته على إسقاط سوريا والنيل من زعيمها ورئيس دولتها الوطنية الذي اعترف روبرت فورد مدبر العدوان المستقيل بأنه يحظى بشعبية متعاظمة في بلاده ويستند إلى دولة صلبة عصية وقوات مسلحة نظامية وشعبية متزايدة القوة والتماسك مقابل واجهات معارضة هزيلة متناحرة وفصائل وقع منها آلاف المسلحين في اقتتال على الأموال والمغانم وفي صراع أمراء جماعات التكفير. يردد الصحفيون في الغرب عبارات الإعجاب بصلابة الرئيس بشار الأسد في التصدي لحرب كونية فريدة من نوعها لم يوفر فيها أعداء سوريا وسيلة من أدوات الحرب بالواسطة وتدابير الحصار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي التي تكافح الدولة السورية مع شركائها الإقليمين والدوليين لمقاومتها وحيث يبذل السوريون تضحيات كبيرة في مجابهة آثارها في حالة من التضامن يعبر عنها احتضان النازحين داخل سوريا برهانا على تأكيد الوحدة الوطنية التي شكل النيل منها أحد أخطر أهداف المذابح المدبرة وحملات التحريض والتضليل عبر منظومات إعلامية عابرة للحدود . ثانياً: التخبط يسيطر على سلوك حلف العدوان على سوريا بقيادة الولاياتالمتحدة التي يشينها ويحرجها في الداخل والخارج ولاسيما أمام عملائها في المنطقة أن تظهر عاجزة أمام الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية بعد العنتريات الهستيرية التي طبعت سلوك الرئيس الأميركي ومسؤولي إدارته الذين تعاقبوا في قيادة الحرب على سوريا وبعد التهويل والتهديد اللذين طبعا سلوك حكومات العدوان في الناتو والمنطقة والثلاثي السعودي القطري التركي بالذات وبكل بساطة يسعى المتورطون في الحرب لطمس التدحرج الأميركي من شعارات الإسقاط والعزل والتنحي إلى الاعتراف بالعجز وإجراء المفاضلات بين الدولة الوطنية وشبكة القاعدة التي جاهر بها مدير المخابرات المركزية امام الكونغرس بينما يبدو الكلام عن مسلحين معتدلين نوعا من الثرثرة الفارغة واختراعا افتراضيا تكذبه الوقائع والدليل ما يسمى بالجبهة الإسلامية ومآثرها الدموية. بات الاعتراف بالعجز عن إخضاع سوريا والنيل من الرئيس الأسد حقيقة تثير الخيبة الثقيلة في جميع دوائر التخطيط الأميركية وكابوسا للحكومات العربية المتورطة. ثالثاً: لم يسمع الملك السعودي الإجابة التي تمناها على سؤاله عن سر تراجع أوباما أمام قرار سوريا وحلفائها بمجابهة تهديده بالحرب من نوع عبارة: "جميع الخيارات على الطاولة" التي تكررت قبل ثلاث سنوات فما لم يقله الرئيس الأميركي لمضيفه هو أن الإمبراطورية عجزت عن خوض المغامرة وترجمة التهديد بالغزو وسحبت أساطيلها بعدما أجرت جميع الحسابات العسكرية والاقتصادية وليس فحسب لأن روسيا ساعدتها في المخرج الكيماوي الذي غطت به عدم قدرتها على احتمال كلفة العدوان ونتائجه التي كانت تنذر بمجابهة إقليمية وعالمية كبرى . كذلك وجد اوباما نفسه مضطرا لتأكيد السير في التفاوض مع إيران فهو خيار استراتيجي أقرته المؤسسة الأميركية الحاكمة كنتيجة لميزان القوى الذي فرضته منظومة المقاومة وفي قلبها سوريا الصامدة وأملته التحولات في ميزان القوى العالمي وما خرجت به لقاءات الرياض حول سوريا كما وصفته الصحافة الأميركية هو مواصلة الدعم للجماعات المسلحة وتكليف المخابرات الأميركية بتدريب ستمئة مرتزق شهريا في الأردن وقطر والسعودية بينما كان آل سعود يهولون بعشرات الآلاف من المسلحين قبل أشهر لشد أزر الجماعات المسلحة التي تساقطت مواقعها قرب الحدود اللبنانية وهي عموما تتآكل وتنزف. يتأكد مجددا أن نهوض السوريين في مسيرتهم الوطنية الكبرى لتحرير الأرض من الإرهاب ولإعادة البناء الشامل هو الذي سيختصر الزمن الضروري للحسم الوطني الميداني والدستوري الذي تقبل عليه سوريا في الأشهر القادمة.