لا أود منذ البداية أن أكون طرفاً فى الجدل والحملة الشعواء على باسم يوسف، بخصوص سرقته مقالة لكاتب صهيونى، ونشرها باسمه فى جريدة "الشروق" المصرية. فالسرقات الأدبية معروفة، ومن بينها، بطبيعة الحال، المقالات. ورغم إعتذار باسم يوسف المتكرر، وبوضوح لا بس فيه، فإن الهجوم عليه لم يتوقف، بل إمتد ليشمل جوانب فى حياته الشخصية، خاصة زوجته، ونشر صور مؤسفة لها، مما يعكس حالة الضحالة والإفلاس فى خلافات الرأى. وفى السياق الأشمل ، فإن الجريدة التى نشر فيها مقالته "المسروقة" لا يتوجب أن تعفى نفسها عن المسئولية. فكل جريدة لها ثوابت وانحيازات لسياستها التحريرية، ولهذا تكون عبارة" كافة الأراء لا تعبر بالضرورة عن رأى الجريدة وانما تعبر عن رأى كتابها"!! فرئيس التحرير، ومن قبله، المسئولين عن صفحة الرأى، عندما يجد مقالة تعبر عن رؤية خاصة يحاول أن يضع مقالة أخرى تعبر غن رؤية مضادة لها، أو يطلب من أحد تولى ذلك، حتى لو اقتضى الأمر إرجاء النشر لفترة قصيرة لمعالجة ذلك، دون مصادرة لرأى أحد، وإنما تحقيقاً لمصداقية الجريدة. ومما له صلة، ومن واقع الخبرة والممارسة العملية، لفترة ليست بالقصيرة فى بلاط صاحبة الجلالة، لا يعد من قبيل السرقة إذا ما أشار الكاتب إلى مصدره المنقول عنه، سواء بوضع الجزء المنقول: " ……. " بين قوسين، أو بتصرف، المهم عدم إغفال حق صاحب الجهد الأصلى والاشارة له. وهذا هو خطأ باسم الرئيسى. أما مضمون وجوهر ما تصمنته المقالة، ومحاولة الترويج له، أو تسويقه، فهذه مسئولية مشتركة، بين الجريدة والكاتب. وهذا فى اعتقادى الجزء الأهم فى الموضوع وخطورته، وبالتالى موضع الانتقاد. وفى السياق ذاته، وفى الوقت الذى ترفض فيه هذه الجريدة، كما هو حال الكثير غيرها، مقالات لكتاب ذوى خبرة ومؤهلين لممارسة هذا النوع من الكتابة، وبرغم معرفة الجريدة بحجم مشغوليات باسم يوسف فى برنامجه الأسبوعى، تحرص على توظيف اسمه، ومداومة الكتابة الأسبوعية، وهى تعلم أنه ليس لديه المؤهلات المطلوبة، وسابق الخبرة، حيث انه طبيب جراح، لم يسبق له أن كان له باع فى عالم الصحافة أو التحليل السياسى، كما أنه يستطيع التعبير عما يريد من خلال برنامجة الواسع الانتشار والصيت، سواء أرضى ذلك محبيه، أو معارضيه، على حد سواء. وفى السياق الأشمل، وحتى تتضح الصورة الكاملة، من مختلف زواياها، لا اشاطر الرأى مع من يتبنون هذه الرؤية، وهى محاولة تصفية حسابات قديمة مع باسم يوسف، والتهويل والتضخيم من حجم الخطأ الذى اقترفه. وحسناً فعل باسم عندما اعتذر عن مثل هذا الخطأ، ونحن نعلم أن شجاعة الاعتراف فضيلة كبرى، تعبر عن قوة شخصية، وعن القدرة للتعلم من الأخطاء وعدم الوقوع فيها مرة ثانية، أو تكرارها. أما محاولة تعمد الاغتيال الأدبى والمعنوى لباسم يوسف، فهذا ما أرفضه وبشدة. وقديما قالوا: من كان منكم بلا خطيئة، فليرجمها بحجر!! كلنا خطائون .. وخير الخطائين التوابون. وليس من المفترض، بل هو من قبيل عالم المثالية!! أن يكون من يقدم برنامجاً هزلياً ساخراً، من قبيلة القديسيين، الذين لم يقترفوا فى حياتهم الخطأ. فباسم يوسف بشر، مثل السواد الأعظم من الشعب، لا يستهدف، مع سبق الاصرار والترصد، التشهير بأحد، ولكن السخرية، وأحياناً تكون لاذعة، من سلوكيات وممارسات، خشية أن تؤثر فى الوجدان والعقل الجمعى، وفى وعى الناس وفى قدرتهم على كشف الخطأ وتفاديه. وفى السياق ذاته، تتبدى خطورة، بل ضحالة تفكير من يخوضون فى حياة باسم الشخصية ، ومحاولة النيل من زوجته أو أسرته، خاصة تلك الصورة التى تظهر فيها زوجنه معه " بالمايوة "، شأنها فى ذلك شأن الكثير من الأسر، سواء فى مصر، أو حتى خارجها، لقضاء عطلة صيفية ممتعة، فهل نحكم على الأزواج الذين يفعلون ذلك، بنفس الحكم الذى مارسوه هؤلاء على باسم، ونعته بصفات لا تليق وغير مقبولة. إن الخلاف مع باسم يوسف، سواء بالقبول أو الرفض، ينبغى أن يكون فى حدود ما يقدمه بالفعل، ولا يتوجب أن يتجاوز ذلك. فمن المستحيل أن ترضى جميع الأذواق، بل إن متابعة الحلقة الواحدة تتباين فيها الأراء: فهناك من يقول أن باسم تفوق فيها على نفسه!! ومن يقول أنه سخيف وغير مضحك!! وكذا.. وكذا ..، والكل يعلم أن لديه "ريموت" يمكنه متابعة الحلقة حتى نهايتها، أو التحول لقناة أخرى!! هكذا الحل ببساطة.