تتعرض الآثار الإسلامية بمنطقة الدرب الأحمر بوسط القاهرة لحملة شرسة تهددها بالانهيار وذلك بعد موجة البناء العشوائي وهدم المنازل القديمة التي تشهدها المنطقة منذ قيام ثورة يناير. وتستمر استغاثات أهالى منطقة الدرب الأحمر للمسؤولين بضرورة سرعة اتخاذ موقف حيال هدم تلك الحقب التاريخية إلى أن مهام المسؤولية تفرض نفسها وتبيح هدم التاريخ. وتقع مسئولية إزالة المبانى المخالفة والمضرة للآثار على عاتق رئاسة حى الدرب الأحمر التى لم تتدخل لإنقاذ الأثر فى ظل محاولات من وزارة الآثار للحفاظ على تلك المبانى الأثرية الهامة وترميمها وجعلها مزارا سياحيا يعرض من خلاله تاريخ الدولة الإسلامية ولكن يقف التمويل عائقًا أمام ترميم تلك المبانى الأثرية التاريخية بالإضافة لتبعية الآثار الإسلامية لوزارة الأوقاف . ومن أمثلة تلك الآثار العريقة مسجد الطنبغا المارداني الذى يقع بشارع التبانة بالدرب الأحمر بالقاهرة، أحد أقدم الآثار الإسلامية، وقد تعالت صرخات أهالى الدرب الأحمر بسرعة حمايته حيث إنه أحد الرموز الإسلامية الشهيرة في عصره. كان هذا المسجد منبرا للعلم وتبادل المعارف والحل والعقد، وكان غنيا بالزخارف والنقوش النادرة والأدوات الخشبية المميزة، لكنه تعرض لعمليات سرقة متتالية من قبل لصوص، وبدت عليه آثار التهدم مما ضيع الحس الجمالي المميز له. تصدعات وشروخ وسرقات لبعض التعشيقات الخشبية منذ 2010 ولكن دون جدوى حتى جاءت الكارثة الكبرى التى قد تودى بسلامة الجامع وتتمثل فى هدم المنازل القديمة المجاورة للمسجد وبناء عمارات سكنية مما تؤثر بشكل كبير على سلامة المسجد. تقول الدكتورة سالى سليمان مؤسس حملة "أنقذو القاهرة "«الجامع فى حالة مؤسفة يعاني من الإهمال وتصدعات بالحوائط وأخطر ما يهدد الجامع المباني الحديثة التي تبنى بلا تراخيص حول الجامع، حتى إن أحدث العمائر التي تبنى ملاصقه له تبنى على جزء من ملحقات المسجد وحرفيا فى حرم الجامع، كما أن المئذنة على وشك الانهيار بالإضافة إلى وجود خبطات بالجانب الغربى لحائط المسجد لن نعرف مصدرها والمشكلة الأكبر وجود مدرسة أمام الجامع مما ينذر بوقوع كارثه، فيجب وقف البناء فورا والتدخل السريع لإنقاذ كنز من كنوز الدرب الأحمر. من جانب آخر يقول المهندس محمد عبدالعزيز -مدير مشروع القاهرة التاريخية- نحن نعمل فى وزارة الآثار وليس وزارة الإسكان ولا أستطيع تنفيذ قرار إزالة، فيسأل عن ذلك رئاسة حى الدرب الأحمر وسبق أن أبلغنا بتأثير تلك العمارات على السلامة الإنشائية للمسجد والتعدى على الحرم الأثرى له. وتابع:"نسعى فى مشروع ترميم القاهرة التاريخية إلى إعادة ترميم كل الآثار الإسلامية بالتعاون مع وزارة الأوقاف التي يتبعها كثير من تلك المواقع الأثرية من مساجد تاريخية، ولكن تقف أمامنا مشكلة التمويل، لترميم المواقع الأثرية بالدرب الأحمر وغيرها فترميم وإعادة الموقع الأثرى وجعله وجهة سياحية يتطلب توفير مبالغ هائلة. كما أشار عبدالعزيز إلى أن مشروع القاهرة التاريخية أثبت نجاحه فإذا نظرنا إلى شارع المعز قبل تدميره عقب ثورة 25 يناير سنقدر المجهود الذى بذلناه من أجل تاريخنا وآثارنا الإسلامية والتاريخية. والجامع أنشأه الطنبغا المارداني الساقي – أحد مماليك الناصر محمد بن قلاوون وزوج ابنته، وبدأ بناءه سنة 739 ه ،1338 وانتهى في740 ه1340 م تحت إشراف مهندسه المعلم ابن السيوفي -رئيس المهندسين في دولة الناصر محمد بن قلاوون. وصف الجامع وجاء إنشاء الجامع على شكل مربع ب طول 20 م عرض و22.5 م طول ذات الثلاثة أبواب ويوجد بالمدخل الرئيسى للجامع أعلى فتحة الباب عتب يحتوى على صنجات معشقة ملبسة بزخارف خزفية زرقاء غاية فى الدقة والإبداع، وبداخله صحن مكشوف تحيط به الأروقة من جميع الجهات. أما سقف الجامع فمن الخشب المدقوق بزخارف هندسية منقوشة بالألوان ومذهبة وقد جدد قسم منه برواق القبلة. ويفصل رواق القبلة عن باقى الجامع حاجز من الخشب الخرط المحفور بزخارف دقيقة ينتهي من أعلى بطراز كتب به بالحفر من الوجهين آيات قرآنية. وبوسط الصحن توجد فسقية من الرخام مثمنة الشكل للوضوء يعلوها قبة خشبية نقلت إليه من مدرسة السلطان حسن سنة 1321 هجرية سنة 1903م.