الوطنية للانتخابات: لا توجد خروقات والغلق وفق إجراءات دقيقة    وزير الخارجية: منتدى الاستثمار والتجارة المصري الخليجي منصة مهمة للحوار والتعاون    عبر مدخل جانبي.. الرئيس السوري أحمد الشرع يدخل البيت الأبيض بهدوء دون ضجة اعلامية    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020    عمر الرملي يحرز ذهبية الجودو بدورة ألعاب التضامن الإسلامي    كشف حساب صفقات الزمالك 2025 بعد خسارة السوبر.. ثنائى ينجو من الانتقادات    استجابة سريعة من الداخلية بعد فيديو تعدي سائق على والدته بكفر الشيخ    هذا هو موعد تشييع جثمان إسماعيل الليثي لمثواه الأخير    الداخلية تكشف حقيقة «بوست» يدعي دهس قوة أمنية شخصين بالدقهلية    مصطفى كامل ينعى إسماعيل الليثي: فقدت إنسانا طيبا ترك أثرا في قلبي    نقابة الموسيقيين تنعي المطرب إسماعيل الليثي    مراسل إكسترا نيوز ل كلمة أخيرة: لجان المنيا شهت إقبالا كبيرا حتى ميعاد الغلق    ترامب يطالب مراقبي الحركة الجوية بالعودة للعمل بسبب حالات إلغاء الرحلات    لجان الرقابة بوزارة الرياضة تصل لمحافظة كفر الشيخ    مهرجان القاهرة يحتفي بالنجم خالد النبوي بعرض فيلمي "المهاجر" و"المواطن"    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    «هنو» فى افتتاح مهرجان «فريج» بالدوحة    وكيل صحة القليوبية يتفقد مستشفى الحميات ويتابع تسليم مستشفى طوخ الجديدة    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    ضبط لحوم دواجن في حملة تموينية بشبرا الخيمة    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    تبرع ثم استرداد.. القصة الكاملة وراء أموال هشام نصر في الزمالك    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    الاتحاد السكندري يفوز على سبورتنج وديًا استعدادًا للجونة بالدوري.. ومصطفى: بروفة جيدة    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    ابدأ من الصبح.. خطوات بسيطة لتحسين جودة النوم    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معتز عبد الرحمن : أنت معانا ولا مع الناس التانيين؟؟
نشر في البديل يوم 23 - 10 - 2011

كنت أتحدث مع أحد أصدقائي القريبين لي جدا ، وفي نهاية حديث طويل عن الأحداث الجارية قلت له مداعبا و”مفضفضا” في نفس الوقت (تخيل أنني في خلال الفترة القصيرة الماضية وصفت بكل الصفات المتناقضة ، وصفت بأنني علماني ، وبأنني إبريلي ، وبرادعاوي ، وبأنني مهادن للنصارى على حساب ديني ، وفي نفس الوقت وصفت بأنني إسلامي سلفي متطرف ظلامي ضحل الفكر) فقال لي (صراحة يا معتز من يقرأ لك وهو لا يعرفك شخصيا يتجنن) ، وكان ردي ببساطة ، إن “اللي هيتجنن” فعلا هو صنف معين من القراء إلا أنه للأسف الصنف الغالب في القراء المصريين ، وهذا الصنف هو الذي لا يقرأ الكلام من أجل تفهمه والاستفادة منه والاتفاق أو الاختلاف معه ، ولكن يقرأ الكلام كي يصنف الكاتب ويحدد توجهه ومن ثم يقرر هل هو عدو أم حبيب ، وهل سيقرأ له بعد ذلك باستمرار ودون تفكير ، أم سيهاجمه ويسفه كل ما يكتب أيضا باستمرار وبدون تفكير ، فليت الأمر يتوقف فقط عند التصنيف ، فالتصنيف في حد ذاته ليس مشكلة ، ولكن المشكلة في عواقب التصنيف ، فالتصنيف المصري حكم ابتدائي يتبعه حكم نهائي بالإعدام الفكري على المخالف ، وقد يتبعه حكم بإعدام التعايش مع المخالف ، وكلاهما نتج عنه خسائر وظواهر عجيبة حاولت أن تعالج هذه القضية إلا أنها اختارت الطريق الخاطئ تماما.
فمن خسائر الإعدام الفكري للمخالف ، الحرمان من نصيحة الخصوم ، فهجوم الخصم هو خير النصائح وأصدقها ، وهو خير من يكشف لك عيوبك وأخطاءك دون مداهنة أو مجاملة ، والذي يسعى بحق لتحسين وتطوير نفسه يجب أن يبحث دوما بين سطور الهجوم الذي يشنه خصمه عليه على ما ينفعه ويفيده ، لذا فعندما كتب لي أحد المعلقين على مقال (الإسلاميون والبطيخة الصيفي) أنني بلاشك علماني متخفي وأن على أن أحلق لحيتي ، كتبت له دع عنك من أنا وأقرأ كلامي وأبحث له عن رد ، فهل كون الكاتب علمانيا – كما يظن المعلق – يعني أن كلامه يلقى في سلة المهملات دون أن يقرأ أو يناقش؟ خاصة أن الكلام كان يخص بشرا ولا يتحدث عن أمر عقائدي أو شرعي ، والعكس بالعكس ، فالقارئ العلماني أو الليبرالي أو المدعي لليبرالية عليه أن يحاول الاستفادة من كتابات الإخواني والسلفي وآرائه ، ولو فعل كل منهم ذلك لضاقت هوة الخلاف بين الفصائل الفكرية في كثير من الأمور ، وإن كانت بالطبع لن تختفي.
ومن خسائره أيضا ترك العمل بأمر شرعي من أعظم الأوامر الشرعية في الإسلام ، وهو العدل والانصاف ، إنصاف الحق ولو صدر من خصم أو حتى عدو ، وانتقاد الخطأ ولو صدر من أحب الناس ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) (1) ، لذا فانتقادي للتيارات الإسلامية لا يعني أبدا التخلي عن فكري الإسلامي وعن حبي الشديد لهم ، ومناصرتي وتضامني مع الليبرالي أو العلماني أو حتى النصراني في موقف أو كلمة لا يعني أنني تبنيت فكره وعقيدته ، لذا فعندما قرر أيضا أحد المعلقين على الجانب الآخر اختراق قلبي والبحث في نواياي ووصفني بأنني متعصب من داخلي ولكنني أحاول إخفاء التعصب في كتاباتي لأبدو متسامحا ، تعاملت مع هذا التعليق على أنه مدح وإطراء وليس ذما ، لأن المسلم عليه دوما أن يحكم على الأمور بالحق والعدل وإن خالف ذلك هواه وأحاسيسه ، فعندما تكون مشاعري كلها مع الإسلاميين وأتعصب لهم من داخلي ولكن لا يمنعني ذلك من انتقاد أخطائهم ، وعندما تكون مشاعري ضد كل من يهاجم الشريعة ويرفض تطبيقها ولا يمنعني ذلك من انصافه إن كان محقا ، فهذا خلق إسلامي يحمد ولا يذم.
أما عن الحكم بإعدام التعايش فأنا لا اعتقد ابتداءا أننا نعاني في مصر واقعيا من قضية إعدام التعايش مع المخالف ، والدليل أن المسلمين تعايشوا في مصر مع غير المسلمين – والخلاف العقدي هو قمة الخلاف – طوال أربعة عشر قرنا ولم يحدث بينهم مشكلات تذكر ، ولم تحدث المشكلات إلا عندما تم تسيس القضية ودخلت فيها عناصر وجذور كثيرة مستحدثة تكلمت عنها باستفاضة آنفا (2) ، ولكن هناك شريحة كبيرة من الكتاب والمفكرين والنخبة في مصر ترى أن مجرد وجود الخلاف الفكري والعقدي يعني الصدام والقتال ، ربما لأنهم هم أنفسهم يفعلون ذلك ، فكثير من هؤلاء يستحلون الكذب والتدليس في معاركهم الفكرية مع مخالفيهم ، بل كنا نقرأ في كثير من كتاباتهم قبل الثورة تحريضا صريحا للأجهزة الأمنية في النظام الظالم ضد من يخالفهم ، ونقرأ مقالات الشماتة والفرح إذا اعتقل خصومهم أو سلبت أموالهم أو أغلقت قنواتهم ، لذا فعندما بدأت قضية الطائفية تطل برأسها الخبيث على الساحة المصرية ، ظن هؤلاء أن كل المصريين انتقاميون مثلهم ، فبدلا من أن يعلموا الناس كيفية التعايش مع المخالف في العقيدة والتي نص الإسلام عليها صراحة في القرآن الكريم ، طفقوا ينفون الخلاف أصلا ، فالمسيحي غير كافر أصلا في عقيدة المسلم – ولم يتحدث أحد عن العكس – فبالتالي لا توجد مشكلة من الأساس ، وظلوا يهاجمون كل من يقر بهذه الحقيقة المنطقية ، مع العلم أنه لا ينطق بها إلا إذا سألوه هم عنها صراحة ، ومنهم من رأى الحل في قضية التعايش هو إقناع الناس أن جميع البشر على اختلاف عقائدهم سيدخلون الجنة ، لأن كل منهم عبد الله بطريقته ، بالضبط كما عبد كفار مكة الله بطريقتهم عبر الأصنام (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) (3) مما يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أضاع من عمره ثلاث وعشرين سنة ، وأوذي هو وأصحابه وترك دياره وناضل وقاتل ، من إجل إخراج المشركين من الجنة إلى الجنة ، وبذل جهده في دعوة اليهود والنصارى كي ينقذكم من إلى الجنة إلى الجنة ، ولأمثال هؤلاء أقول لا تقلقوا ، فإن عامة المصريين ليسوا مثلكم ، عامة المسلمين يقرأون كتابهم ويتعلمون منه كيف يتعايشون بل ويحسنون التعامل مع من يخالفهم في الدين والاعتقاد ما لم يحمل هو عليهم السلاح ، وإن كان منهم من يجهل ذلك ، وإن كان هناك بيننا من لا يستطيع التعايش مع المخالف ، فبدلا من أن تضللوه وتلبسوا عليه عقيدته ، علموه كلام ربه (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (4)
ومنا هنا أخلص إلى دعوة صريحة أدعوها لنفسي ولكل من يقرأ كلامي من الغالبية العظمى للشعب المصري ، لا ينبغي أن نكون مع أحد أو مع “الناس التانيين” ، فالولاء والإخلاص لا يكون إلا لله وحده ، والتصنيف الوحيد الذي يجب أن نسعى إليه جميعا هو (مسلم) وحسب ، مسلم يطبق الشريعة ، والشريعة تحمل في ذاتها كل خير وعدل ووفاء للوطن ودفاع عن الحق ومحاربة الظلم ، وتطبيق الإسلام والشريعة ليس مرتبطا فقط بالدستور والقوانين والاقتصاد ، ولكن تطبيق الإسلام يكون في كل شيء وفي كل خلق ، والتحدي الحقيقي هو أن نطبق الإسلام على أنفسنا في مواجهة أهوائنا ، فننتقد الحبيب إن أخطأ وننصف الخصم إذا أصاب وننصره إذا وقع عليه الظلم ، ، فهذا هو الإسلام الذي أعرفه وأؤمن به وانتسب إليه وأسعى لتطبيقه في كتاباتي ، وهذا هو التحدي الذي إذا خضناه ونجحنا فيه دعونا إلى الإسلام دعوة عملية أبلغ من آلاف الكلمات ، وإذا فشلنا فيه لا أقول أضررنا بالإسلام ، ولكن أضررنا بأنفسنا نحن ، فالإسلام لا يحتاجنا كي ننصره ، ولكن نحن من نحتاج نصرته ليرضى الله عنا (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) (5)
————————————————-
(1) سورة النساء ، الآية 135
(2) شجرة الطائفية ، التربة والسباخ
(3) سورة الزمر ، الآية 3
(4) الممتحنة ، الآية 8
(5) سورة محمد ، الآية 38
للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك
http://www.facebook.com/#!/Moataz.articles
مدونة الكاتب
http://just-khawater.blogspot.com/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.