انطلاق ثاني أيام المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب في 14 محافظة    فتح اللجان الانتخابية في اليوم الثاني والأخير للتصويت بانتخابات مجلس النواب    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 11نوفمبر 2025    السفير الأمريكي السابق: إدارة ترامب تتوقع سيطرة الحكومة السورية الكاملة    أخبار مصر: زلزال ضرب كريت وبيان من البحوث الفلكية للمصريين، نجاة والدة رونالدو من الموت، تفاصيل أمركنة الشرع بالبيت الأبيض    ننشر كواليس لقاء وفد روسي رفيع المستوى بالرئيس السيسي    كدتُ أموت، نجاة والدة كريستيانو رونالدو من حادث طائرة (فيديو)    عادل عبدالرحمن: الزمالك أنفق في الميركاتو الصيفي "أضعاف" الأهلي    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى    هتندع.. عاجل من الأرصاد بشأن طقس اليوم الثلاثاء    اليوم.. محاكمة 9 متهمين ب«رشوة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية»    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين بقضية خلية النزهة الإرهابية    مصطفى كامل ناعيًا إسماعيل الليثي: «والله يا ابني قلبي زعلان عليك»    موعد عرض مسلسل كارثة طبيعية الحلقة 6    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    بعد تداول فيديو.. «الداخلية» تضبط سائق «ربع نقل» سار عكس الاتجاه في الجيزة    أوقاف الإسماعيلية تعيد أتوبيسا دعويا للعمل بعد إهمال 16 عاما    زلزال يضرب كريت باليونان| هل شعرت مصر بالهزة؟.. البحوث الفلكية توضح    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى.. ويوجه بإعداد تقرير عاجل    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز والسلع الغذائية ب أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11-11-2025    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    بتوقيع عزيز الشافعي...بهاء سلطان يشعل التحضيرات لألبومه الجديد بتعاون فني من الطراز الرفيع    بعد إجراء الكنيست ضد الأسرى الفلسطينيين.. بن غفير يوزع البقلاوة (فيديو)    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    مقتل شخصين إثر تحطم طائرة إغاثة صغيرة في فلوريدا بعد دقائق من إقلاعها    «متحف تل بسطا» يحتضن الهوية الوطنية و«الحضارة المصرية القديمة»    انتخابات «النواب» بمحافظات الصعيد: إقبال متوسط في أول أيام التصويت    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2025 وخطوات استخراجها مستعجل من المنزل    أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    ريم سامي: الحمد لله ابني سيف بخير وشكرا على دعواتكم    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    أهمهما المشي وشرب الماء.. 5 عادات بسيطة تحسن صحتك النفسية يوميًا    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيلة الإمام محافظ كفر الشيخ !


تحقيق وتصوير : أسماء نصار
ليست السطور التالية تحريضية بأي حال من الأحوال بقدر ما هي انعكاس «صارخ» لحالة محافظ فقد استنارته.. فقرر، طائعا، أن يركن إلي الحائط منحنيا،طمعا في شعبية «زائفة»!! هزمت «السلفية» قراره فوجدت مناخا ملائما، لأن تنمو وتزدهر تحت إشراف حكومي من قبله لتقوض أركان المحافظة.. وعقول أبنائها «شيوخا وشبابا وأطفالا»!!
ذهبنا إلي أحمد زكي عابدين، محافظ كفر الشيخ لنحقق فيما تردد عن منعه تحفيظ القرآن داخل البيوت.. فغاصت أقدامنا في مستنقع من التشدد والتطرف الموجه نحو قلوب نشء غض لا يزال يخطو أولي خطواته نحو تعلم الحروف الهجائية.
وجدنا أنفسنا داخل محافظة يمكن أن يظنها الفرد للوهلة الأولي، جزءا من أفغانستان، لا بلد الوسطية والاعتدال والأزهر الشريف!!
ساقتنا أقدامنا، نحو جمعية لتحفيظ القرآن يرعاها المحافظ ويعتبرها مشروعا قوميا، اسمها «نهر الخير».. وهي جمعية مشهرة في العام 2009 ورئيستها سيدة «منتقبة» تدعي سوسن هيبة حاصلة علي بكالوريوس زراعة!!
والجمعية لها 52 فصلا في مختلف مراكز وقري محافظة كفر الشيخ وبها أكثر من 22 معلما ومعلمة. وقد ساعد المحافظ «سوسن» لإقامة مقر لتحفيظ القرآن بالمدارس بعد انتهاء اليوم الدراسي.. ولك أن تتخيل أن مدارس تحفيظ القرآن التي تعمل تحت حماية المحافظ ودعمه شخصيا كل معلميها من ذوي الانتماء السلفي «مظهرا وفعلا».. فالرجال ملتحون ملتزمون بتقصير الجلباب لما فوق الكعبين.. والنساء «منتقبات» نجحن في نقل أفكارهن عن «النقاب» لما يقرب من 90% من البنات اللائي يذهبن للدرس عليهن!!
كما أن هؤلاء المدرسات - حوالي 20 مدرسة منهن اثنتان فقط غير منتقبات - يرفضن تحفيظ القرآن للأولاد، أما تجاوز أحدهم سن الثامنة.. وهي نفس السن التي يمتنع فيها المحفظون «السلفيون» عن تعليم البنات!!
--
داخل إحدي هذه المدارس أو الفصول «الدينية» التي أسسها المحافظ - المسلم شديد التدين بحسب وصفه لنفسه في حديثه معنا - مع الحاجة سوسن «وفقا لما يلقبها المحيطون بها»، كان الوضع كالآتي: يتم تقسيم الأطفال إلي مجموعات مختلفة حسب الفئة العمرية، وحسب النوع.. فمن سن 3 إلي 5 سنوات «براعم».. ومن سن 5 إلي 7 سنوات مستوي آخر أكثر تقدما.. وهذان المستويان مسموح بالاختلاط فيهما بين الأطفال.. ومسموح كذلك، للمعلم أن يدرس للبنات وللمعلمة أن تدرس للأولاد.
أما من سن 8 إلي 11 سنة فتعزل البنات في فصول خاصة والأولاد في فصول أخري.. حيث يكتفي أيضا الذكور بالتدريس للذكور والإناث بالتدريس للإناث، مرورا بالمستوي المتوسط «12 سنة» وانتهاء بالمستوي «الفائق» 16 عاما فما فوق.
انتدب المحافظ اثنين من جمعية «تنمية المجتمع ورعاية حفظة القرآن» بالمنيا ليدعما مدارس القرآن ويشرفا عليها في إعارة داخلية حيث يقيمان في فندق تابع للمحافظة.
وهذان الشخصان هما: أشرف إسماعيل وزوجته سهام عبدالله شحاتة.. وهي سيدة محجبة غير منتقبة وليس لديهما أي فكر متشدد، بل أبديا تعجبهما في حديثهما معنا من ارتفاع نسبة التشدد.. قالت لنا سهام إنها تجد في مدارس القرآن بنات «منتقبات» في سن العاشرة، وأنها تشرف علي فصل بمدرسة «الشهيد رياض» للفائقات به 24 فتاة، ثلاث منهن فقط غير منتقبات!!
وقال لنا زوجها إن هناك معلمة غابت عن فصل الطالبات فرفض المعلم أن يدخل للبنات مبديا استغرابه من التشدد الذي يراه في تلك المحافظة إذ إنه في أحد الفصول كان يتحدث مع طفلة اسمها «آسيا» عمرها ثلاث سنوات ونصف فقط.. فقالت له: والدي أمرني بألا أصافح الرجال مردفا: الخطورة ليست في المشايخ الذين يدرسون لهم بقدر ما هي في بيوتهم.. فأهالي هؤلاء الأطفال أكثر تشددا من هؤلاء المعلمين!!
--
وفي الحقيقة فإن الضجة التي ثارت حول منع المحافظ تحفيظ القرآن وكتب البعض، مثل فهمي هويدي بجريدة الشروق الخاصة أنها تستهدف الإسلام، لم تكن سوي محاولة من المحافظ لتأميم تحفيظ القرآن لحساب الحاجة سوسن والذين معها من أصحاب التوجه السلفي، إذ كان قد كلفها بأن تختبر أحد المحفظين ممن امتهنوا هذه المهنة قبل 50 عاما تقريبا إلا أنها قالت إنه لا يصلح!!
والرجل الذي قامت بسببه الضجة التي أثارها تيار التأسلم الإعلامي يدعي الحاج أحمد أبوعوف.. وهو رجل غير ملتح.. كان اشتكاه جاره لمشاكل بينهما.. فأصر المحافظ علي تحويله للحاجة سوسن التي يبدو أنها لا تعترف إلا بالمنتمين إلي نفس توجهها، وإلا كيف قبلت بكل من يعملون معها.. ويبدو مظهرهم وكأنك هبطت عن طريق الخطأ في «تورا بورا».. حتي أن أحدهم عندما ذهبت لأتحدث معه.. هرول بعيدا عني، ولم يشأ أن يتحدث معي أو حتي ينظر لي اتقاء لما وصفه بالفتنة.. وهو الشيخ إسماعيل بمدرسة الروضة الخليلية بقرية الروضة التابعة لمركز كفر الشيخ!!
وفي الوقت الذي قال فيه المحافظ لنا، إنه لا يمكن أن يدرس بتلك المدارس إلا من اختبر من قبل في تلك اللجنة، قال لنا الشيخ أشرف المنتدب من المنيا: إن هناك شيوخا يعملون في المدارس ولم يختبروا.. وكذلك هناك سيدات يعملن محفظات ولم يختبرن.. وهذا ما أكدته أيضا الشيخة أماني الصاوي وهي محفظة «منقبة» بمدارس المحافظ!!
وذكرت لنا الصاوي أنها عملت بإحدي هذه المدارس، لأن الحاجة سوسن كانت تعرفها لأنها كانت تحفظ ابنتها القرآن في المنزل وأنها تعرف أنها تعمل محفظة منذ فترة طويلة بمسجد عباد الرحمن.. وهو أقدم مسجد مخصص للسيدات فقط في كفر الشيخ.
الشيخ الملتحي إسلام عبدالعال الذي يعمل محفظا بمدرسة حسني مبارك بسيدي سالم أكد هو الآخر أنه لم يختبر وأنه يعلم البنات حتي سن 11 سنة فقط لاتقاء الشبهات.. وأنه يعطي للأطفال ساعة إضافية من وقته يعلمهم فيها العلوم الشرعية وأمور الحياة، حتي أنه قال للبنات تحت سن 11 سنة أنهن لا يجب أن يشاهدن مصارعة الرجال.. وأن أحد الأطفال، كان معه موبايل «لعبة» عليه أغان فأخذه منه.. وأعطي له قطعة حلوي قائلا: «يأتي أناس يوم القيامة يستلحون الحر والحرير والخمر والمعازف»، رغم أن هناك آراء فقهية وحديثية متنوعة تكلمت في هذا الحديث مرارا، وأنه في أقصي تقدير - بفرض صحته - آحاد لا تأخذ به شريعة!!.. وهو ما يتجاوزه بالتأكيد الشيخ، الذي أردف قائلا: الحمد لله.. الأطفال يستجيبون إلي هذه التعاليم جيدا!!
--
تحدثنا مع المحافظ فكان حديثه أكثر من صادم.. فالسيد المحافظ لا يشغله إلا أن يكون بطلا شعبيا حتي لو كان ذلك علي حساب منح مساحات إضافية للمتطرفين.
المحافظ والذي قال لنا إنه يقوم بعمل لقاء يومي للمواطنين لمدة ساعة فيما عدا الجمعة والسبت أن بعض المواطنين اشتكوا من رجل أقام مدرسة لتحفيظ القرآن بجوار بيته، وأنه يحدث ضجيجا.. فقام باستدعاء الرجل.. وسأله: هل تستطيع أن تحفظ القرآن، إذ إن هيئته لا تدل علي هذا - لاحظ أن المحافظ لا يعترف بهيئة غير الملتحين والمقصرين للجلباب!! - فقال الرجل «نعم». واستطرد المحافظ: سبق أن أقمت وأنا محافظ لبني سويف «منظومة» لتحفيظ القرآن عبر فتح فصول بالمساجد والمدارس شريطة أن يكون كل فصل به 10 أو 15 تلميذا.
وهناك محفظ «يختبر» ويأخذ أجرا شهريا 100 جنيه والأطفال الذين يحفظون القرآن يدفعون اشتراكا شهريا.
ولاقي هذا الأمر نجاحا كبيرا.. ووصلنا ل 10 آلاف طفل يدفع الواحد منهم 10 جنيهات
وأوكلناها للجمعيات الأهلية الدينية الموجودة بالمحافظة التي تسكنها العديد من الجماعات الموصوفة بالإسلامية أي أن المحافظ أعطي إطارا شرعيا لعمل هذه الجماعات السلفية في مقابل احتوائهم وإرضائهم!!
وبالتالي قمت بتكرار التجربة بكفر الشيخ.. وعملنا جمعية «نهر الخير».. وجدت سيدة محترمة عندها استعداد لأن تكون رئيسة للجمعية اسمها سوسن هيبة.. وفتحنا الفصول واتفقنا مع الجهات الأمنية ومع التربية والتعليم ومع الأوقاف وبعد أن وصل عدد فروعها ل«52 فرعا» لدينا أمل أن نصل بفصولها إلي 1000 فصل!!
وأعطيناها شقة في المحافظة لكي تكون مقرا للجمعية وعملنا شيء منظم مسيطر عليه حتي لا يحدث مشاكل.
وهذا الرجل عندما أتاني.. قلت له: قبل أن تكون محفظا اذهب للاختبار، فسقط.. فذهب بعدها لصحفي قريبه كتب إن محافظ كفر الشيخ يمنع تحفيظ القرآن في البيوت.. فأنا لا أمنع تحفيظ القرآن ولكن إذا كنا سوف نحفظ بطريقة مهنية فلابد أن يكون محفظا معتمدا.. وأنا فقط أريده أن يذهب لينضم للجمعية تلك ويصبح تحت سيطرتها!!
--
كلمات المحافظ الداعمة بقوة لسيطرة جمعية سلفية علي عقول أبناء المحافظة دفعتنا لأن نسأله عن التحقيق الذي أجريناه من قبل عن كفر الشيخ.. فقال لنا: النقاب حرية شخصية ولكن إذا تعارضت هذه الحرية مع طبيعة العمل يجب أن يلتزم الشخص بصالح العمل.. ونفس الأمر بالنسبة للحجاب.. فطبقا لأهل الدين، الحجاب شرع.. ولكن التي لا تريد أن تتحجب هي حرة.. ومن حقي كصاحب عمل.. وضع اللوائح التي تضمن لي سلامة العمل.. فأنا كوزارة الصحة لو قلت أن النقاب يتعارض مع عمل الممرضة أو الطبيبة، فعليها أن تلتزم بالقرار.
قلنا له إن التحقيق تم إجراؤه قبل 3 سنوات وبعدها ظهر القرار الخاص بمنع المنتقبات من الممرضات من ارتدائه، لكن منذ شهور قليلة وجدنا أن عدد الممرضات المنتقبات قد زاد.. فقال: نعم.. وأقر بذلك!!
سألناه: ولماذا لا تنفذون هذه القوانين.. فرد قائلا: «منعرفش ننفذها كويس.. تعمل مشكلة لو اتنفذت»!!
بادرناه باستهجان: كيف يتسبب تنفيذ القانون في عمل مشكلة.. فأجاب: «أنتي شايفة أهو أما تقولي لواحدة «منتقبة» لا ترتدي النقاب ترفض.. وعندما قلنا لرجل اذهب للامتحان، قلب علينا الجرائد.. نحن نعيش في عصر الإرهاب الفكري.
وأنا محافظ لبني سويف ذهبت لمدرسة حكومية في أقاصي المحافظة قبل 4 سنوات.. فوجدت المدير يرتدي «طاقية».. ولحيته طويلة وجاكتة وجلابية. وكان وقت أداء طابور الصباح.. وكان من المفترض أن يردد التلاميذ نشيد بلادي بلادي ثم يحيون العلم، إلا أنني وجدته يقول «الله أكبر - الله أكبر - الله أكبر».
وبعد أن طلع الأطفال الفصل استدعيت الناظر وقلت له «إيه المنظر السيئ ده» فقال لي: أنا لا أملك بدلة!!
فسألته: لماذا لا تحيي العلم ولا تقول تحيا مصر، ألم ترسل لك التربية والتعليم تعليمات بذلك.. ألم نترب علي ذلك.. والله أكبر في الجامع، ولكن في المدرسة «تحيا مصر»، وتغني النشيد الوطني للبلد، وفصلته.. وفي اليوم التالي بعد أن ظهرت علي النت ادعاءات بأنني ألغيت الدين وكان ابني لا يزال طالبا بكلية الهندسة في جامعة عين شمس.. فكان أن حاول طلاب الجماعات الإسلامية الاعتداء عليه، لأن أباه كافر.
وبالمصادفة، كانت سوسن هيبة تنتظر المحافظ بالخارج، فاستدعاها.. وقبل أن تدخل علينا قال إنها شخصية مستنيرة شديدة التنوير رغم أنها «منتقبة».. وأنا شخصيا مبسوط منها جدا.. فهي تعمل أشياء جيدة جدا وعائلتها محترمة أيضا.
دخلت هيبة فسألها عن الرجل الذي أرسله للامتحان، وأنه قلب عليهم الدنيا.. فقالت: «لا حول ولا قوة إلا بالله».. قلت له: سوف نمتحنك وإذا نجحت سوف تبقي ضمن الفصول الخاصة بنا.. لكنا وجدنا أنه لا يصلح.. فتدخل المحافظ في الحديث: أغلقت «كتابه» لأن السيدة سوسن قالت ذلك!!.. ولن يكون هناك تحفيظ في البيوت بدون معرفتنا وبدون أن تختبره الجمعية!!
وضحك المحافظ قبل أن يردف: «إحنا جايبين واحدة متطرفة هي اللي ماسكة الموضوع كله» ثم ضحك مجددا قائلا: لا أنا بضحك دي ست محترمة جدا.. فتدخلت سوسن: معالي الباشا أنا كنت جاية أبشرك أن إحنا هنفتح مدرستين في دسوق.. فوجه المحافظ كلامه لي: سامعة.. وبقي عندنا 52 فصل كمان.. نحن نريد نشاطا دينيا يتم السيطرة عليه فليس كل من هب ودب يحفظ قرآن ويقول الأحاديث.
--
في تناقض غريب قال لنا المحافظ، الذي يشغل موقعه منذ عامين و8 شهور أنه لا يري في ازدياد النقاب مؤشرا علي نمو التطرف إذ إنه يري سوسن نموذجا للاستنارة معقبا: أنا لا أتدخل نهائيا في موضوع النقاب.. عارفة ليه؟؟.. لأنه موضوع شائك جدا ويزعجنا جدا.. وسوف تتعالي الأصوات التي تصيح وتشوشر علينا.. وأنا مش عايز شوشرة في المحافظة.. يعني بناقص كام واحدة لابسين نقاب.. ولو جيت أنفذ منعه، سوف يخرج من يقول المحافظ ده كافر.. وأنا أعتمد في عملي علي مصداقيتي مع الناس وعلاقتي المباشرة بهم.. وأي محافظ يريد أن ينفذ شغله كويس لا يجب أن يدخل في هذه المشاكل الملتهبة، حتي لو كان مقتنعا بأن الممرضات لا يصح أن يكنَّ منتقبات.. بناقص الكام واحدة المنقبة دول.. بناقص، في مقابل ألا أخلق رأيا عاما يعاكسني في أشياء أخري أريد عملها مثل المياه والصرف الصحي والطرق والصحة والتعليم.. هم يزدادون لأننا نركز معهم.. ولو لم نركز معهم لن يزدادوا.. والمحافظ لو وقف إلي جانب الحكومة سوف يخسر.. فيجب أن يكون إلي جانب الناس!!
يقول المحافظ إنهم عندما سألوه: ما رأيك في أحداث الإسكندرية.. قال: «مش إحنا اللي نسفنا الكنيسة.. المسلمون لم ينسفوا الكنيسة.. لماذا تحملوننا الذنب»؟!
فالمحافظ يتحدث كمسلم وليس كمسئول عن مواطنين منهم المسلمون والمسيحيون.. وهو ما أكدته أيضا عباراته التالية: المسيحيين إخواننا، لكن مش مطلوب مننا اعتذارات.. عن ماذا سنعتذر.. نحن مثلهم بالضبط.. ومن يعتدي علي الكنيسة من الممكن أن يعتدي علي جامع!
وواصل عابدين كلماته الغريبة: أنا لا يهمني انتماء المدرس مثلا لأي جماعة دينية أنا أريده فقط أن يدرس بشكل جيد.. فإذا كان عندي مدرس الرياضيات ينتمي للإخوان فهذا شيء يخصه وحده.. سألناه: وماذا لو نشر أفكارا سيئة.. فرد باقتضاب: هناك مراقب وموجه.. وأنا لم أر ذلك في كفر الشيخ!!
وهناك الكثير من المنقبات ليس لديهن أي مشكلة.. وعندما تذهبين للمدرسة سوف تجدين مدرسات يرتدين النقاب لكنه مجرد نقاب وهي من الداخل فارغة ولا تعرف أي شيء ولو سألتيها في الدين سوف تجدينها غير «متدينة».. النقاب مظهر فقط.. والمنع ليس علاجا، بل العكس. سوف يزيده انتشارا.
وأستطيع أن أنفذ قرار المنع، لكن إن قمت بتنفيذه سوف أخسر، إذ ستتكون أمامي عداءات في المحافظة.. فأنا لا أريد أن أذهب لاجتماع شعبي وأجد من يقول لي أنني ضد الدين!!.. والأفكار يجب أن تواجه بالأفكار والقرارات.. ويجب أن يكون كل الناس «تبعي وأصحابي».. ولو بدأت في قمعهم سوف تكون هناك حالة من عدم الرضا.
وأنا لا أري خطورة في وجود مدرسات منتقبات فكل منتقبة ليست بالضرورة متطرفة..فلم يقل أحد أن النقاب حرام.. وحتي لو وجد بينهن 4 أو 5 مدرسات متطرفات.. فماذا يعني هذا الرقم في مدرسة بها 50 مدرسة.. وهذا واجب المدير الذي يجب أن يعرف أن هذه سيئة ومتطرفة فيعطيها عملا إداريا.. وأنا أتعامل مع أي أحد ولا أرفض فكر أي أحد.. الفكر حرية، المهم أن يكون في إطار الصالح العام.
لكن يبدو أن عابدين لا يقرأ محافظته جيدا، إذ انتشر النقاب بشكل وبائي حتي بين الأطفال الذين يتخذون من مدرساتهن مثلا.. ويفرضه أباؤهن عليهن وهن في سن الثامنة!!.. عابدين قال لنا: ليس عيبا أن يرتدي الأطفال الحجاب، فابنتي وزوجتي محجبتان، لكن النقاب للأطفال «مغالاة» وهو نادر الحدوث بالنسبة للأطفال - يبدو أن المحافظ أيضا لم يمر علي مدارس القرآن الذي أنشأها منذ فترة ثقة في الحاجة سوسن - إلا أنه حرية شخصية.. ولا ندري أي حرية شخصية يتكلم عنها المحافظ بالنسبة لطفلة لم تتعلم بعد قراءة جملة «كاملة» في هذه السن المبكرة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.