قالت صحيفة "لوفيجارو "الفرنسية إنه بعد الأحداث التي شهدتها كييف، صارت منطقة أخرى بأوكرانيا تجذب كل الأنظار وهي شبه جزيرة القرم، فالوضع فيها اليوم صار متأزمًا. وأوضحت الصحيفة أن القرم تصل مساحتها إلى 26.000 كم مربع، وأغلبية سكانها موالون لروسيا، والذين استقبلوا نبأ الإطاحة بالرئيس يانوكوفيتش بمعارضة ورفض، لافتة إلى أن التتار الأقلية، الذين تعرضوا للاضطهاد من جانب النظام السوفيتي، يؤيدون الحكومة الجديدة. وتشكل هذه المنطقة مصلحة استراتيجية لموسكو؛ بسبب ميناء سيفاستوبول والذي يتواجد فيه أسطول البحر الأسود الروسي، كما أن هذه المنطقة في نظر العديد من الروس، تنتمي تاريخيًا إلى أراضيهم، كما أن شبه جزيرة القرم، لها مكانة خاصة في قلوب الروس، حيث ظلت لفترة طويلة المكان المفضل إليهم. وأكدت الصحيفة أن اليوم صار السكان ذوو الأصول الروسية يشكلون أغلبية كبيرة ويمثلون نحو 60% من عدد السكان الذي يصل إلى 2 مليون بينما لا يشكل الأوكرانيون سوى الربع فقط، وهي نسبة جيدة للسكان الناطقين بالروسية والذين يحملون الجنسية المزدوجة. وهناك أيضًا "التتار" وهم المؤيدون للحكومة الجديدة، وهذه الطائفة المسلمة استقرت في هذه المنطقة منذ القرن الثالث عشر، ويرون أنفسهم أنهم الشعب الذي ينتمي إلى هذه الأرض تاريخيًا، ويمثل التتار 12% من عدد السكان، وفي عام 1944، قام ستالين بترحيلهم على نطاق واسع إلى سيبيريا وآسيا الوسطى، متهمًا إياهم بالتعاون مع ألمانيا النازية، وقد عاد جزء كبير منهم بعد ذلك لشبه جزيرة القرم، إلا أنه منذ ذلك الحين صاروا يحملون استياءً شديدًا إزاء روسيا. وأوضحت الصحيفة أنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، صارت القرم مصدرًا للخلاف بين كييف وموسكو، بسبب ميناء سيفاستوبول، ويواصل الميناء استضافة الأسطول الروسي في البحر الأسود، وتم منح عقد الإيجار الأول إلى الأسطول الروسي عام199 لمدة 20 عامًا، وفي عام 2010، اتفقت الدولتان على مدّ الاتفاق لمدة 25 عامًا. ومقابل ذلك، حصل الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش على خصم 30% على أسعار الغاز، ولكن الإطاحة بيانوكوفيتش قد تؤدي إلى إعادة التفاوض حول الاتفاق، وهو ما سيعد موقفًا استراتيجيًا للجيش الروسي، حيث سيضمن له الهيمنة على البحر الأسود والقوقاز. ورأت الصحيفة أن هذا النزاع الإقليمي ينذر بالأسوأ وهو التدخل العسكري، فالسيناريو الجورجي يظل في أذهان الجميع، مشيرة إلى أنه في أغسطس 2008، لم تتردد موسكو في إرسال دباباتها للدفاع عن استقلال دولتين أعلنا استقلالهما حديثًا وهما أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، مرجحة أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام حجة وجود مواطنين روس في هذه الأراضي لإرسال جيشه إليها.