رفع المصريون شعار العدل الاجتماعي كأحد أهم أهداف ثورة 25 يناير، وظلت العدالة الغائبة عن كل الحكومات التي تولت المسئولية بعد الثورة، والتي جاءت بعد موجاتها خاصة الأعظم في 30 يونيو حاضرة في كل ميادين الثورة وفي أحلام المواطنين، وانتقلت بالتالي إلي برامج الأحزاب الجديدة، وفي برامج المرشحين لكل الاستحقاقات الانتخابيه التي شهدتها مصر بعد 25 يناير. لكنها لم تخرج من حيز الشعارات لحيز الخطط الاقتصادية إلا قليلاً واجتمعت الاحزاب، والتيارات السياسية علي اتخاذ العدالة اجتماعية شعارا للتقرب من المواطنين البسطاء، فيما اختلفت فيما بينها علي نظرتها الحقيقية لها، فاعتبرها تيار الإسلام السياسي نتيجة طبيعية لتبني سياسة الإحسان وزكاة الغني علي الفقير، ولم يختلف عنه رجال آعمال عصر المخلوع مبارك اللذين ارتدوا ثوب الثورية مؤخرا أو من يتبنون منهج الاقتصاد الرأسمالي سوي في أن الإحسان لن يكون نتيجة الزكاة، لكنه نتيجة التبرع، وعطف الأغنياء علي الفقراء في إطار ما يمكن تسميته حل "الشحاتة"، لتتحول مصر إلي مجتمع الشحاتين يآكلون من بنك الطعام، ويلبسون من بنك الملابس، ويعالجون في مستشفيات التبرع، ما يؤسس لتخلي الدولة عن مسؤوليتها ويضطر المواطن آمام الحاجة والمرض للقبول بآي حل حتي ولو يحمل من الإهانة أكثر من المساعدة، وربما كان انتقاد هذه الحلول من قبل سياسيين يآملون في تطبيق سياسات اقتصادية تحقق العدل الاجتماعي نوع من الرفاهية والتعالي علي المشكلة وهم لا يملكون وضع سياساتهم آو ما يتبنون من الخطط علي أرض الواقع، أما بعد ثورة 25 يناير وموجتها الاعظم في 30 يونيو لم تعد مثل هذه الحلول مقبولة بل بات رفضها واجب وطني حتي لا نضع أهداف الثورة في سلة رجال الأعمال يستخدمونها في شعاراتهم الانتخابية ويلتفون عليها في حكومتهم. والعدالة الاجتماعية لن تتحقق دون تبني سياسات اقتصادية واضحة تنحاز للمواطن البسيط من خلال بناء نظام اقتصادي وطني يضمن استغلال أمثل لإمكانياتنا، وتوزيع عادل للثروة علي المواطنين، نظام اقتصادي تتحمل فيه الدولة أركانه الرئيسية، وتسمح للقطاع الخاص بالعمل بما يخدم مصالح الوطن وليس مصالحهم علي حساب الفقراء، نظام اقتصادي ينهي مرحلة اعتمدت في سياساتها علي مفهوم "العمولات والتهليب وتزاوج رأس المال بالسلطة" وفي حالتنا يبدو آن تزاوج رآس المال بالسلطة بدء مبكراً، فالتفاف كل رجال آعمال مبارك، وفاسدوا العصر البائد حول المرشح الذي مازال محتملاً المشير عبد الفتاح السيسي يؤكد أنهم يرون في مرشحهم نموذجاً لعدل الإحسان، و ضماناً لبقاء الوضع كما هو عليه، كما سبق وقال الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء آنه لاتغيير في السياسات الاقتصادية، وبما أن السياسات واحدة، فالنتيجة واحدة، مزيدا من سياسات الإفقار، والتجويع، ونهب ثروات الوطن، وتبعية الاقتصاد المصري لسياسات المؤسسات الدولية" البنك الدولي وصندوق النقد الدولي"، ما يرهن ثروات الوطن للغرب ورجال الأعمال المصريين الموالين لهم، يجعل من الوطن ساحة للنهب من قبل الشركات متعددة الجنسيات العابرة للقارات. ومن بين كل المرشحين الذين خاضوا انتخابات الرئاسة الأخيرة، قدم المناضل حمدين صباحي برنامجآً حمل سياسات اقتصادية قادرة علي وضع العدل الاجتماعي حيز التطبيق، برنامجاً انحاز للفقراء بقدر انحيازه لما يؤمن به وبقدر ما دفع من ضريبة في غياهب سجون المخلوع دفاعاً عن آبناء هذا الوطن، فحمدين، هو مرشح العدل الاجتماعي بامتياز