ودعت محافظة المنيا "الفلانتين داي" – عيد الحب – باللون الأحمر، ولكنه أحمر دماء، فكما هو معتاد ومع طليعة يوم الجمعة من كل أسبوع يتجدد موعد مع الدم في مظاهرات وقودها الأطفال والحجارة، تعلوها الغازات والمولوتوف والرصاص؛ لتتخللها مشاهد الدم والعنف. تخرج تظاهرات جماعة الإخوان بالمنيا مع طليعة يوم الجمعة؛ لتودع المحافظة أحد أبنائها، وقد بات أمرًا معتادًا، غير أن الجمعة الماضية والتي سبقتها ودع أهالي مركزي سمالوط وديرمواس طفلين لا ناقة لهما ولا جمل بأحداث السياسة وصراع البشر، غير أنهما وقود لتلك الأحداث والصراعات والمظاهرات، وبأي ذنب قتلا؟ تكمن الإجابة في أنهما أصبحا وقودًا لتظاهرات الدم والنار. الطفل الأول كان ضحية أحداث الاشتباكات التي دارت الجمعة قبل الماضية بين أجهزة الأمن وجماعة الإخوان في قرية "دلجا" التابعة لمركز ديرمواس، وتخلل تلك التظاهرات إطلاق أعيرة نارية، بعد أن اشتعلت وتيرة الصدام بين الأمن والإخوان، وألقت القوات قنابل الغاز على المسيرة التي ردت بإلقاء المولوتوف الحارق والطوب والحجارة؛ لتنتهي بمقتل يوسف طه يوسف (13 سنة طالب بالصف الثالث الإعدادي) مقيم بمنطقة "العوام" بدلجا. خرج يوسف من منزل الأسرة في تمام الثالثة والنصف عصرًا في طريقه لشراء بعض البضائع التي طلبها منه والده طه يوسف جبر (54 سنة صاحب محل ملابس)، وفي منطقة السيول، والتي تبعد عن مكان الاشتباكات الدائرة وقتها بين الأمن والإخوان 3 كيلو مترات كانت نهايته التي سجلها المحضر رقم "510″ إداري ديرمواس، وأكد وقتها العميد هشام نصر مدير البحث الجنائي بالمنيا أن أهالي الطفل حرروا محضرًا لم يتهموا فيه أحدًا بالتسبب في مقتل نجلهم. وبينما يحتفل العالم بعيد الحب، ويقدم البعض على محال الهدايا والورود مرتدين الزي الأحمر، تتلطخ جلباب أحد الأطفال بأحمر الدماء، ويودع أهالي مركز سمالوط مساء أمس الجمعة الطفل الثاني، ويدعى عرفة سعودي كمال (12 سنة)، وقد لقي مصرعه متأثرًا بطلق ناري بالصدر أثناء تواجده بشرفة منزله وقت خروج تظاهرة لجماعة الإخوان بمركز سمالوط بالمنيا؛ ليتقدم شريف كمال محمد عم الطفل بمحضر رسمي لمركز شرطة سمالوط برقم "839″ إداري المركز، متهمًا جماعة الإخوان وأنصارهم بالتسبب في قتله. وقال شريف كمال عم الطفل ل "البديل" إن عرفة كان يطل من شرفة منزله لمتابعة مشاهد الاشتباكات الدائرة بين الأمن والإخوان، والتي تخللها إطلاق أعيرة نارية وزجاجات مولوتوف وحجارة، وكان شغوفًا برؤية مشاهد الكر والفر، غير أن رصاصة طائشة أنهت حياته في الحال وقت أن ابتعد الأمن عن مكان الاشتباكات، بعد فض التظاهرة التي خرجت مجددًا؛ لتقتص من عرفة الطفل والقتيل، وتساءل شريف "بأي ذنب قتل؟"، مضيفًا أن عصر اليوم السبت ستقوم الأسرة باستلام جثة الطفل من مستشفى الحميات بمدينة المنيا، ولم يتحدد موعد تشييع الرفات لمثواه الأخير بمقابر الأسرة ببندر سمالوط. الشيخ سيد محمد مدير المساجد بمديرية أوقاف المنيا وأحد أقارب الطفل القتيل قال ل "البديل" إنه "ورغم المأساة والألم، إلا أننا نظل بجانب الدولة في مجابهتها الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، ونحتسب شهيدنا عند المولى عز وجل".