أخذ على نفسه تهذيب اللغة، وعمل على تقريب متناولها فحببها إلى القلوب، وأصبح من محركي الحركة القومية العربية، إذ حمل الناس على المساهمة في إحياء تراث اللغة ونشره، حاول مجاراة العرب الأقدمين في مؤلفاته ويعتبر من أعلام بداية عصر النهضة العربية في القرن التاسع عشر ميلادي. ناصيف اليازجي، الشاعر اللبناني، الملقب ب«الشيخ» الذي تمر اليوم الذكرى ال143 على وفاته، ترك مؤلفات متعددة شملت الصرف والنحو والبيان واللغة والمنطق والطب والتاريخ، كما ترك ديواناً شعرياً متنوع الموضوعات، ومراسلات شعرية ونثرية. ومن مؤلفاته:نار القرى في شرح جوف الفرا في الصرف والنحو،فصل الخطاب في أصول لغة الأعراب وهي رسالة في التوجيهات النحوية،عقد الجمان في علم البيان،مجمع البحرين،ديوان ناصيف اليازجي، طوق الحمامة،قطب الصناعة في أصول المنطق والتذكرة في أصول المنطق،الحجر الكريم في الطب القديم،فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء،رسالة تاريخية في أحوال لبنان في عهده الإقطاعي،العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب. يعرف كتابه "مجمع البحرين" ب"مقامات اليازجي"،ويعد إحدى كتب فن المقامات، تقوم بينة المقامة على الرواي الذي يرويها، وهو شخصية متخيلة تقوم برواية الأحداث، كما في كتابنا هذا باسم "أبو عبادة سُهيل بن عبّاد" ويكون بطل الحكاية هو رجل مُشرد ذو أدب ولسان بارع يتقمص في كل مرة شخصية معينة، يضحك الناس أو يبكيهم أو يبهرهم ليخدعهم وينال من أموالهم، ضمن حدث ظريف، واسمه في كتابنا " ميمون بن الخِزام" ويشاركه في الأحداث ابنه رجب وبنته ليلى، بالإضافة للراوي غالباً. جاءت تلك المقامات من ناصيف اليازجي محاكة منه لمقامات الأديب البارع أبي محمد القاسم بن علي الحريري، في مقاماته المشهورة "مقامات الحريري".. وقد جاءت مقاماته في ستين مقامة، فزادت عن مقامات الحريري بعشرة مقامات، ولغة الكتاب هي عبارة عن نثر مسجوع، قد يملها بعض غير المُعتادين على قراءة مثل هذا الفن. ويرى النقاد أن اليازجي قد أبلى فيه بلاءً حسناً، وأخرج هذه المقامات البديعة التي يصعب أن تخرج من أحد من أبناء العصر الحديث، فكأن الرجل كان يكتب بمداد السحر القديم، أو يتقمص شخصية أحد الأدباء القدامى. يقول في قصيدته «المال»: «ألا يا جامعَ الأموالِ هَلاَّجَمَعْتَ لَها زماناً لافْتِرَاقِ رأيتُكَ تطلبُ الإبحارَ جَهْلاً وأنتَ تكادُ تغرقُ في السَّواقي إذا أحرزْتَ مالَ الأرضِ طُرَّاً فما لَكَ فوقَ عيشِكَ منْ تَرَاقِ أتأكلُ كُلَّ يومٍ ألفَ كَبْشٍوتلبسُ ألفَ طَاقٍ فوقَ طاقِ فُضولُ المالِ ذاهبةٌ جُزافاًكَمَاءٍ صُبَّ في كأسٍ دِهَاقِ»