"امنع معونة" و"ارفض تبعية".. حملات تنتشر بقوة في الشارع المصري، تسير على نهج "تمرد" التي سبقتها، لتحاول أن تجذب إليها أعداد كبيرة من المصريين، لتجمع منهم توقيعات رافضة للمعونة الأمريكية، واصفين إيها بأنها تعبر عن تدخل سافر من قبل الجانب الأمريكي في الشئون المصرية، رافعين شعار "لا حرية لمواطن لا يمتلك قوت يومه، ولن يمتلك المواطن قوت يومه إلا في نظام اقتصادي قوي يضمن توزيعًا عادلًا للثروة، وهو ما يتطلب ضرورة التخلص من التبعية للأمريكان، من خلال رفض المعونة الأمريكية والوصايا الصهيونية وعلى رأسها كامب ديفيد". لاقت هذه الحملات تأييدًا كبيرًا من قِبل الأحزاب السياسية والشخصيات العامة، والذين عملوا بدورهم على الوقوف بجانب هذه الحملات، حتى تستطيع الحصول على التوقيعات اللازمة لمنع المعونة الأمريكية عن مصر ووقف اتفاقية كامب ديفيد المهينة. كما ساندت الأحزاب السياسية تلك الحملات ومنهم؛ حزب الكرامة؛ الذي قام بفتح مقاره للحملة لجمع التوقيعات، كما أعلن عن تضامنه مع الحملة للتأكيد على استقلال القرار الوطني، ورفض التبعية، والتخلص من الهيمنة الأمريكية وأيضًا الجمعية الوطنية للتغيير. لنجد بعد ذلك أن الدولة كشرت عن أنيابها لهؤلاء، وتلقي القبض على عدد منهم، ففي خلال الثلاثة أيام السابقة تم القبض على عدد كبير من حملة "أرفض تبعية" وعلى رأسهم "محمد محمد السايس" و"عبد الله محمد" و"إبراهيم محمد" وآخرون، وذلك بتهمة حيازة لافتة تتضمن "يا راكعين لأمريكا أنا برئ منكم". وعن ذلك قال تامر هنداوي، المتحدث الرسمي باسم "امنع معونة"، إن الحركة ترفض أي ملاحقات للشباب الذي يعبر عن رايه، ونرى أن هناك مخاوف من عودة الدولة القمعية، في ظل أن عدد من الشباب الثوري رهن الاعتقال أو الحبس الآن، بتهمة أنهم يريدون التحرر ببلادهم والتخلص من التبعية الأمريكية، أو إلغاء المعونة الأمريكية المهنية التي تجعل هناك تبعيه في الاقتصاد وفي كل الأمور وهو ما يعتبر أمر مهين فعليًا. وأضاف «هندواي» أن قمع أصحاب الرأي تحت زعم مواجهة الإرهاب "كلام مرفوض"، وأن على المسئولين أن يعووا أن مواجهة الإرهاب ليست بالحل الأمني فقط، وإنما بتحقيق العدل الاجتماعي، لإغلاق صنبور صناعة الإرهابيين في مصر، مشيرًا أن تصدر رجال مبارك للمشهد السياسي الآن يثير المخاوف من عودة النظام القديم للمشهد0 ومن جانبه قال دكتور محمود سلمان، أستاذ السياسية بجامعة القاهرة، إن القبض على أعضاء حملة "أرفض معونة" التي تطالب بحق مصر في التخلي عن التبعية "أمر مرفوض تمامًا"، وينم عن عودة الدولة القمعية مرة أخرى إلى الحياة السياسية، مشيرَا أن على الشباب الثوري الانتفاض من أجل هؤلاء الشباب الذي يريد تحرر مصر. وأكد «سلمان» أن الدولة القمعية أصبحت تمارس مهامها اليوم، وهذا مطلوب. لكن، مع من يخربون، مشيرًا أن الشباب الذين يريدون تحقيق الاستقلال برفض التبعية والهيمنة، لابد من العمل معهم ومساعدتهم لأنهم شباب وطني يسعى لرفض الهيمنة والتبعية. وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن تطبيق هذة الحملات على أرض الواقع يجب أن يحدث بنوع من الرشادة السياسية، لأننا نريد أن نحافظ على أمننا القومي، وتقوم مصر بدورها في الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة بعد الحرب الشرسة التي يشنها الغرب علينا بعد التحول الديمقراطي في 30 يونيو. وفي سياق متصل قال الدكتور إكرام بدر الدين، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن القبض على من يقوم بجمع التوقيعات لا يعني عودة لدولة القمعية، وإنما هو نوع من الحفاظ على الأمن العام للوطن، لمنع إقامة حملات لكل من يريد أن يفعل شيء. وأكد «بدر الدين» أنه على الشباب الذين يطالبون بمنع المعونة أن يتمتعوا بحالة من الحنكة السياسية في جمع التوقيعات والتظاهر حتى لا يتركوا للدولة ثغرة للدخول إليهم.