مع إصرار إثيوبيا على بناء سد النهضة الإثيوبي رغم تقرير اللجنة الثلاثية، الذي أكد على تأثير إقامة السد على حصة مصر من مياه النيل، وحول توقف المفاوضات مع مصر حوله، استضاف معرض الكتاب، الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية الأسبق , مساء أمس ضمن فعاليات ندوات "كاتب وكتاب" للحديث عن كتابه "أزمة سد النهضة.. قضية سياسية أم إشكالية فنية". شارك فى الندوة د. علاء الظواهري -أستاذ الري والهيدروليكا بهندسة القاهرة- ود. علاء ياسين -الأستاذ بجامعة الإسكندرية- ود. مغاوري شحاتة -خبير الجيولوجيا والمياه الجوفية. من جانبه قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، ومؤلف الكتاب، " بعد ثورة يناير 2011 لم تكن الصورة واضحة بشأن تقسيم الشرق الأوسط الجديد، وبدأ يتضح ملامحها مع الهلال الجنوبي وأصبحت الضغوط على مصر من الجنوب والشمال والمخطط المعلن الرسمي في أمريكا تقسيم مصر وتفتيت جيشها وذلك من أجل الحفاظ على إسرائيل وهذا الأمر كان يسري بسلاسة في 2012، إلى أن جاء المشير عبد الفتاح السيسي وأنهى هذه اللعبة. وأضاف أنه لم يعد ينظر لمصالح مصر، وهي تقطع من جميع النواحي لدرجة أن إثيوبيا تخاطبنا الآن وكأنها دولة كبرى، وتابع:"ما دفعني إلى كتابة الكتاب هو أن أبين الحقيقة للشعب المصري ليعرف ما هي أزمة مصر وحوض النيل، مستعرضا تاريخ مصر في الري منذ أيام قدامى المصريين، لافتا إلى أن حروبنا على مدى التاريخ كانت لتأمين نهر النيل". مضيفا " في ثورة 52 اهتم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالسد العالي وقامت الدنيا وقتها ووقفت ضدنا وكانوا يريدون بناء خزان صغير في مصر وبناء سد كبير في إثيوبيا ورفض عبد الناصر، وأمم قناة السويس ليمول السد، ووقتها انضمت إثيوبيا للوفد الأوروبي وانتصر الشعب في معركته وبنى السد العالي". وعندما تم الاتفاق مع روسيا لتصمم السد، أرسلت أمريكا بعثة كبيرة إلى أثيوبيا لعمل سدود تحاول إفشال السد وظلوا هناك حتى ديسمبر 63، وفي اتجاه آخر قامت أمريكا بعمل أزمة بين مصر والسودان حول حلايب وشلاتين وهو نفس ما يحدث الآن. ولكن لأن عبد الناصر كان قوميا، أجرى في عام 1959 اتفاقية مع السودان، وفي المقابل قامت إثيوبيا بتأجيل بناء السدود إلى أن مات عبد الناصر وخلال هذه الفترة قامت إثيوبيا بفصل الكنيسة المصرية عن الإثيوبية بعد 1624 سنة من الارتباط ردا على اتفاقية 59، وقدمت في مصر شكوى في الأممالمتحدة . ثم جاءت فترة الثمانينات، وأوقفت مصر كل المحاولات لبناء السدود سواء عن طريق عمليات أمنية أو تهديدات مباشرة. وبعد استقلال تنزانيا بمساعدة مصر قررت عدم الاعتراف بكل الاتفاقيات التي تمت في عهد الاحتلال وهذا معناه عدم الاعتراف بحقوق مصر التاريخية. ثم جاءت مبادرة حوض النيل سنة 1997، وقالت إثيوبيا، إنها تريد الاتفاق على اتفاقية إطارية لإدارة نهر النيل واستغلال موارده، فمصر والسودان لها اتفاقيات كثيرة تؤمن حصصها، وبعد مناوشات انتهوا إلى أن تدخل إثيوبيا المبادرة والتفاوض حول الاتفاقية. وقد دخلنا في مفاوضات في 2005 وتم التوصل لاتفاقية من 44 بند ودار خلاف حول بند الأمن المائي فمصر والسودان يصرون على حقوقهم المائية ومنها جميع الاتفاقيات التي تضمن ذلك بينما ترفضها دول حوض المنبع. وأوضح علام أنه بعد توليه وزارة الري، في عهد الرئيس السابق مبارك، حاول البنك الدولي التدخل، ورفض "مبارك" أي تدخل أمريكي في موضوع حوض النيل. وأشار علام إلى أن دول الهضبة الاستوائية وهما 7 دول ليس لها تأثير على مصر ولو عملوا سدود أو زراعة لن يؤثروا على مصر، ولكن أثيوبيا استقطبت هذه الدول ووقفوا جبهة واحدة ضد مصر والسودان، رغم أن مصر لها برامج تنموية مع دول الهضبة ومع أوغندا بمبالغ طائلة، فمن أجل الاقتراب من دول حوض النيل حفرنا في تنزانيا آبار ب 3مليون دولار وفي كينيا آبار لمياه الشرب خلاف الكثير من المشروعات التنموية. وأكد علام، أنه خلال مبادرة حوض النيل تعامل الإثيوبيون بذكاء شديد، حيث قاموا بتنمية الأحواض الشرقية، ودخلت إثيوبيا مخطط السدود في المبادرة رغم رفض عبد الناصر لها من قبل وتهديد السادات بضربها إلا أن الوزراء المصريين في 2008 وافقوا، ووقعوا على الربط الكهربائي، وعندما توليت الوزارة 2010 استعنت بخبراء لمراجعة الاتفاقية، فوجدوا أن الآثار الجانبية على مصر لم ترد في التقرير والتركيز كله على الكهرباء، وأن ما ستحصل عليه مصر من كهرباء أقل من الذي ستخسره من كهرباء السد العالي، فرفضنا الدراسات وأخرجنا قرارًا من اللجنة العليا لمياه النيل لرفض هذه التقارير. وقامت الخارجية بأخذ التقارير وشددت على جميع الدول لتؤكد مخاطر السدود على مصر، وتوقف بناء السد الإثيوبي. وأشار علام إلى أن بعد ثورة 25 يناير نشرت صحيفة إثيوبية، أن إثيوبيا ستبني السد إكس، وأرسل وقتها الخبر للأجهزة المعنية ليلفت نظرهم وفي إبريل 2011 تم وضع حجر الأساس لفرض أمر واقع هم أنفسهم غير جاهزين له. وتابع:"سافر وفد الدبلوماسية الشعبية، ثم سافر رئيس الوزراء المصري عصام شرف وتم الاتفاق على أن توقع مصر على اتفاق عنتيبي وتشكيل لجنة ثلاثية لتقرر فوائد السد وأضراره إلا أنهم جعلوا رأي اللجنة استشاري، وانتهى تقرير اللجنة إلى أن الدراسات لا ترقى لمستوى بناء السد". ولفت إلى أنه تم تحويل مجرى النيل الأزرق خلال عمل اللجنة، ولم يصدر بيان من الحكومة تحذر فيه من خطورة السد خاصة، أن خبير عالمي من تلاميذي أكد مدى خطورته، إلى أن ظهر هشام قنديل وذكر بيانا عن خطورة السد على مصر. ولفت علام إلى ضرورة توطيد العلاقة مع السودان خاصة وأن إثيوبيا تحاول التأثير عليها مدللا على ذلك بما قاله الوزير السوداني مؤخرا للوزير الأثيوبي خلال لقاء جمعهما من أن السودان جزء من الحبشة الكبرى، لافتا إلى أننا من غير السودان لن ننجح في تأمين نهر النيل. ودعا إلى عدم استخدام لغة العنف أو التلويح بها، في حل هذه الأزمة مع إثيوبيا، مطالبا بتشكيل مجلس وطني مصري لنهر النيل من علماء مصر المخلصين يكون بعيدا عن الروتين الحكومي، وتكون مهمته الإلحاح على التفاوض المباشر مع إثيوبيا، ورجوع العلاقات مع السودان. وقال لو رفضت إثيوبيا التفاوض، يجب رفع مذكرة دولية تحوي جميع المخاطر والمطالبة الرسمية بالتفاوض، وإذا لم نحل الأمر نرسل الأمر للأمم المتحدة ثم نصعد الأمر لمجلس الأمن. من جانبه، قال الدكتور علاء ياسين -أستاذ الهيدروليكا بجامعة الإسكندرية واستشاري الري والهيدرولوجي الدولي- لا توجد رؤية محترمه لدينا في حل الأزمة ولكني متفائل بالأحوال القادمة ولكن لابد أن نعترف بأن إثيوبيا تصرفت بذكاء شديد، وفي المقابل ليس لدينا أسس للتفاوض وليس لدينا خط أحمر، متسائلا لماذا لم يتم نشر تقرير اللجنة الثلاثية حتى الآن؟. فيما قال الدكتور علاء الظواهري- أستاذ الري والهيدروليكا بهندسة القاهرة-" كنت أحد أعضاء اللجنة الثلاثية، ووجدنا أن التأثيرات كارثية، والدراسات رديئة وغير مكتملة فقمنا بعمل دراسات موازية وعملنا دراسة دفعنا فيها مليون جنيه أثبتت الضرر" . وأضاف أن هناك تعنتًا من قبل الجانب الإثيوبي، مطالبا بأن ينشر أجزاء من تقرير اللجنة الثلاثية والذي يوضح الضرر. وحول تحويل نهر الكونغو إلى مصر، أكد الدكتور مغاورى شحاتة-خبير المياه الجوفية- أن المشروع تواجهه عقبة سياسية كبرى لأن حوض الكونغو ليس حوضا محليا كما يروج المسئولون عن المشروع، بل هو حوض دولي تتشارك فيه 9 دول منها أنجولا وإفريقيا الوسطى ورواندا وبوروندي والكونغو وغيرها، ولابد أن توافق الدول جميعا على نقل المياه لحوض نهر النيل. وأشار إلى أن ربط نهر الكونغو بنهر النيل الأبيض يلزمه حفر نيل آخر مواز في الصحراء الشرقية مسافة2000 كيلومتر.