هو شاب ثوري نقي عرف دائماً بمساندته لأهداف الثورة وأهمها مطلب العدالة الاجتماعية، كما ارتبط اسمه باسم حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي المصري والمرشح الرئاسي المحتمل؛ وذلك لإيمانه بأن أحد أبناء الشعب المصري البسطاء يمكنهم النجاح فى حكم مصر. اسمه حسام مؤنس المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي المصري.. شاب يرى أن الشعب المصري يجب أن يعثر على عبد الناصر جديد بإيجابياته التى أحبها الجميع، مع التخلي عن بعض السلبيات التى لم تُرضِ البعض.. "أجرت البديل" حوارًا مع حسام مؤنس حول العديد من القضايا، وإلى نص الحوار. ما رأيك فى الأوضاع الحالية التى تمر بها مصر؟ وهل نتجه نحو الاستقرار؟ الوضع الحالي فى مصر أن هناك ثورة تحاول الاستمرار، وهناك ثورة مضادة منقسمة على جبهتين، يتصارعون وكل طرف يحاول هزيمة خصمه وهزيمة الثورة نفسها، والشعب يعيش حالة من الأمل فى المستقبل والخوف من اللحظة، والثوار كثير منهم تراجعوا عن أحلامهم بسبب خوفهم والسعي للأمن، وذلك التهديد ظهر فى عنف الإخوان بعد 30 يونيو، وهو ما جعل بعض أطراف من يديرون هذه المرحلة أن الأمن هو القهر. أما سؤال "إحنا رايحين على فين؟" فى الحقيقة إحنا سنتجه فى الطريق الذى يختاره الشعب المصري نفسه، معرضون للأسوأ من قبل 25 يناير، ومعرضون أيضاً للوصول إلى الأفضل من طموحاتنا وأحلامتا جميعاً، وذلك متوقف على استيعاب الشعب الموقف للوضع، وينظم صفوفه فى التحركات القائمة، ويفرز بشكل صحيح اختياراته وقراراته. كيف نحقق العدالة الاجتماعية؟ العدالة الاجتماعية لا تتحقق فى الحال، وليس مطلوبًا من هذه الحكومة تحقيق العدالة الاجتماعية؛ لأنها حكومة مؤقتة فقط، مطلوب منها وضع بذور العدالة الاجتماعية، ولكن أرى أن الدستور به حقوق تخص العدالة الاجتماعية وإلزامات للدولة، المهم أن يتحقق ذلك على أرض الواقع، والحكومة الحالية أرسلت بعض الإشارات بخصوص تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، كما أرسلت إشارات عكسها تماماً، وذلك طبيعي بحكم تركيبة الحكومة المختلفة، فتركيبة هذه الحكومة فى المجمل لا تنحاز للعدالة الاجتماعية، وإنما تفرض عليها بسبب ضغط بعض الأطراف التى من الممكن أن تستجيب للعدالة الاجتماعية، مثل بعض الرموز الموجودة بالحكومة والمحسوبة على الثورة، وأعتقد أن أي سلطة ستأتي ستجبر أن تقدم خطوات فى العدالة الاجتماعية، ونحن قطعنا خطوة للأمام فى موضوع الحد الأدنى والحد الأقصى، والأمر غير مُرضٍ لطموحنا، ولكنه خطوة على الطريق، والحكومة الحالية وضعت بعض الأمور التى تصلح للبناء عليه، وأخفقت فى بعض الأشياء بحكم انحياز هذه الحكومة. على ذكر العدالة الاجتماعية، ما رأيك فى إلغاء نسبة 50 % عمال وفلاحين فى الدستور؟ نسبة 50% عمال وفلاحين هى أمر عاطفي أكثر منه واقعيًّا، ومنذ عهد السادات لم يدخل عمال وفلاحون مجلس الشعب بهذه النسبة، بل دخل آخرون ضد مصالح العمال والفلاحين تحت بند نسبة عمال وفلاحين، ومشكلة العمال والفلاحين ليست تمثيلهم فى مجلس الشعب بقدر ما هي أن تكون لديهم تنظيمات نقابية تدافع عنهم وتنظم صفوفهم وتفرز الكوادر الحقيقة بينهم، وإذا نظرنا إلى الخريطة فى مصر، فسنجد أننا نريد إعادة تعريف مفهوم العامل والفلاح بعد كل المتغيرات التى مرت بها مصر؛ لأننا من الممكن أن نجد لواء شرطة ينطبق عليه مفهوم الفلاح، ومهني ينطبق عليه مفهوم عامل، وأظن أن الدستور به نصوص تعتبر خطوة جيدة فى أمر تنظيم العمال والفلاحين فى نقاباتهم، ولكن يبقى تفعيل ذلك الأمر على أرض الواقع. ما رأيك فى الرئيس المؤقت عدلي منصور وأداء الحكومة؟ الرئيس المؤقت عدلي منصور شخص شديد الاحترام والتفهم والحرص على أن يكون دوره فى إطار رئيس الجمهورية ذي الاختصاصات المحددة، وخطابه وسلوكه محل تقدير واحترام شديد. أما الحكومة فلها وعليها، ولا أحب ما توصف به بالتردد والارتعاش وكل تلك المصطلحات؛ لأنها توحي بالخلاص من الحكومة بما فيها من وجوه ثورية، وتلك الحكومة مثل 30 يونيو، فهي ذات توجهات مختلفة، وكان المطلوب منها 3 أشياء أولها تحقيق الأمن ثم تخليص مصر من مأزقها السياسي وانقسام المجتمع، وثالثاً وضع بذور العدالة الاجتماعية. وفي رأيي لم تحقق نسبًا مرضية فى تلك الأشياء، وأنا أدرك جيداً حجم التحديات التى تواجهها تلك الحكومة فى فترة ربما تكون هي الأخطر فى تاريخ مصر، وتحقيق تلك الأمور التى تحدثنا عنها كان يحتاج لحكومة قوية وعادلة، لا حكومة قوية وباطشة، ولا حكومة ضعيفة ومتأخرة، ولكن الحكومة اتخذت خطوات جيدة في بعض الأمور، ولكن كانت هناك خطوات كثيرة أخرى لم تتحرك فيها الحكومة. هل ترى أن التيار الشعبي قادر على حكم مصر بعد أن سعى إلى التحول لحزب سياسي؟ بالتأكيد أرى أن التيار الشعبي قادر على حكم مصر، وبالفعل نحن سنتحول لحزب، فالقرار اتخذ، وبناء عليه نحن فى حالة ترتيب الصفوف من الداخل، ويستطيع التيار أن يحكم مصر بناء على 3 أشياء، فنحن لدينا الرؤية والبرنامج وقدر جيد من الكوادر، ولكن المؤكد أنه لا يوجد طرف وحده يستطيع حكم البلاد، لا التيار الشعبي ولا غيره، ونحن نرى أنه إذا جاء التيار الشعبي للحكم، فسيسعى لأكبر قدر من الشراكة بين القوى الوطنية المحسوبة على خط الثورة، ولن يكون التيار "حزب وطني" آخر أو "إخوان مسلمين" بغض النظر عن المضمون، فأنا أتكلم عن طريقة الاستئثار بالسلطة. هل هناك جديد فى التحالفات الانتخابية بين القوى المدنية؟ وهل تكرر تلك القوى خطأ التشتت فى الانتخابات الرئاسة وعدم التوصل لمرشح واحد؟ أولاً أنا لديَّ تحفُّظ على مسمى القوى المدنية، وبالمقابل لا يوجد ما يسمى بالقوى الدينية، وأرى أن تلك المعركة من المعارك الخاطئة التى استدرجنا إليها فى 3 سنوات ماضية، وأرى أن هناك 3 معسكرات فى مصر أولها القوى التقليدية القديمة والتي أغلبها محسوب على النظام القديم، وثانيها القوى التقدمية، وتلك القوى متنوعة جدًّا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وهناك قوى متطرفة؛ حتى لا نستطيع أن نطلق عليها قوى دينية. وحدث اتفاق بين القوى التقدمية والمتطرفة في لحظة 25 يناير، وبعدها ركبت القوى المتطرفة الثورة، وأيضاً حصل اتفاق بين القوى التقدمية والقوى التقليدية فى لحظة 30 يونيو، والآن تحاول القوى التقليدية التابعة للنظام القديم الصعود؛ ولذلك أرى أن العامل الثورى المشترك فى مصر هو القوى التقدمية والتى تعاني من مشكلة عدم التنظيم، ولم تصل لعمق المجتمع بالدرجة الكافية، وما يهمني هو إيجاد مساحة مشتركة للعمل بين تلك القوى وقدرة كل منها على حدة لتنظيم صفوفها بشكل جيد، وعندما نفكر فى التحالفات الانتخابية بهذا المنطق، يجب أن نجد بين هذه القوى تحالفًا قد يتسع لباقى القوى، وقطعنا شوطًا معقولاً فى ذلك، والذى بدأ بحركة "تمرد"، ثم حدث تحالف بين القوى القومية واليسارية تحت اسم من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية، ويفترض أن يستكمل ذلك؛ لضم قوى انتخابية، ليس المهم أن تكون لونًا واحدًا؛ وذلك لأن الثورة ليست لونًا واحدًا؛ ولذلك هناك تواصل بين بعض الأحزاب مثل المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي والدستور، ولم تحدث اتفاقات نهائية أو محددة، وأظن أن المرحلة القادمة ستشهد تقدمًا فى هذا الأمر. هل حسم حمدين صباحي أمره للترشح فى جميع الأحوال، أم أنه ينتظر كما أعلن مراراً عن توافق بين القوى السياسية على اسم واحد وبرنامج موحد وفريق رئاسي؟ صباحي أعلن موقفه بالاستعداد للترشح أو عزمه على خوض الانتخابات، ولكنه لم يعلن أن ذلك أمر نهائي في كل الأحوال، بمعنى أن الشروط التى طرحناها موضوعية جدًّا، وننبه إلى عدم تكرار خطأ القوى السياسية بالانقسام كما حدث فى الانتخابات الماضية، فينقسم التصويت بين كذا مرشح، فلا يصل أي واحد، ونحن نرى أن الغرض ليس نزول الانتخابات فى حد ذاته، فإذا كان نزولنا الانتخابات سيحقق غرض التوحد، سننزل، أما إذا كان نزولنا لا يخدم هذا الغرض، فلن نخوض أى انتخابات. تردد أن صباحي يسعى للتواصل مع بعض المرشحين السابقين المنتمين للثورة مثل أبو العز الحريري وهشام البسطويسي، هل تم ذلك؟ هذا وارد طبعاً، ولكنه لم يحدث حتى الآن، ولكنها فكرة مطروحة من الممكن أن تتم فى أى لحظة. هل البرنامج الانتخابي الخاص بحمدين صباحي خضع لبعض التعديلات وفقاً لتغيرات المشهد والمرحلة التى تعيشها مصر؟ البرنامج يحتاج أن يتطور بطريقة تناسب اللحظة، ومن حيث الفكرة نرى أن البرنامج لا يحتاج إلى تعديل فى المضمون بقدر ما يحتاج إلى تغيير فى الأولويات؛ لأن مستوى الطموح والمشروعات المطروحة بعد 25 يناير شيء والآن شيء آخر، والواقع الاقتصادي اختلف، والوضع الأمني اختلف، ومثلاً لا يصلح أن تقدم برنامجًا انتخابيًّا لا تقول فيه كيف تواجه ليس فقط الإرهاب، ولكن حالة العنف فى المجتمع بشكل عام. في حال وصول أحد مرشحي القوى التقدمية كما أسميتها، كيف يتعامل مع الإخوان المسلمين؟ وكيف يتجنب شق المجتمع المصري والوقوع فى الخطأ الذى وقع فيه مرسي؟ هناك من يطرح المصالحة فى المطلق، فيفهم منها أن المصالحة ستكون مع الإخوان بشكل عام ومن ارتكب حوادث إجرامية، لكن المصالحة التى تحتاجها البلد هي بمفهوم مصالحة بين كل الأطراف التى لم تجرم فى حق مصر من كل الأطراف، وأن نعي جيداً أننا فى بلد واحد ولن يستطيع طرف أن يطرد آخر خارجها، وذلك هو المفهوم الحقيقي للمصالحة المجتمعية، وتلك المصالحة تحتاج إلى نقطتين أساسيتين أولاهما العدالة، ويكون الجميع تحت طائلة القانون، ولنسامح من يتم تبرئته، ورقم اثنين أن نبني مشروعًا للمستقبل، على أن يكون خارج ذلك المشروع المستقبلي كل من يستخدم العنف، كما يكون خارجه كل من يفكر فى إعادة الاستبداد، تحت هذا الإطار العام يمكنك أن تحدد كيف تتعامل مع الإخوان، فهناك طريقتان فى التفكير أولاهما أن الإخوان كلهم إرهابيون ويستحقون جميعاً الحرق والقتل، وهي طريقة فى التفكير لا تفرق بين القادة والمدفوعين بإحساس سرب إليهم أنهم مظلومون، فجعلهم ليس لديهم ما يخسرونه، ولا يجب المساواة بين من يخطط للعنف والمدفوع عاطفيًّا، وأى كلام عن الإخوان المسلمين يجب أن يكون هناك حسم شديد بالقانون فى مواجهة من يخططون للعنف وحسم شديد فى التعامل سياسيًّا وفكريًّا مع المدفوعين والمتعاطفين. ولكن لا يوجد شق فى المجتمع المصري، هناك جماعة بغض النظر عن حجمها تواجه المجتمع، والممارسة التى تتم فى مواجهة تلك الجماعة توسع المساحة التى تأخذها إعلاميًّا أو شعبيًّا، وإذا أردنا أن نحافظ على المجتمع موحدًا، يجب أن نعزل تلك الجماعة، ونفكك حلفاءها، ولا أدفع بالمزيد من المتعاطفين معها، وأفصل رأس الجماعة مع المتعاطفين والمدفوعين لها. هل ترى تغييراً فى سياسيات مصر الخارجية بعد 30 يونيو؟ وهل ترى أن مصر استعادت قبضتها على سيناء؟ السياسة الخارجية بالطبع شهدت قدرًا من التغير، ولكنه فى رأيي تغير نحن مدفوعون له أكثر مما نختاره بأنفسنا، وإذا كان اختيارنا فأرى أنه كان سيصبح جذريًّا بشكل أكبر، وهناك تغير فى العلاقات بين مصر والدول التى اتخذت صف الإخوان، هو ليس جذريًّا بالدرجة الكافية، ولكنه طبيعي فى ظل حكومة انتقالية، فالوضع مع سوريا مثلاً هو أفضل بشكل أكيد منه فى حكم الإخوان، ولكن الوضع فى سوريا شديد الحساسية والالتباس، وأعتقد أن الوضع سيظل معلقاً لوقت طويل على هذا الشكل، ولكن بشكل عام لدينا فتور جيد فى العلاقات مع الولاياتالمتحدة، ولدينا قدر من استعادة علاقتنا الجيدة عربيًّا، كما لدينا نية لفتح علاقات جديدة مع روسيا، ولكن إفريقيًّا ما زلنا غائبين برغم أن الكلام يؤكد أهمية عودتنا لجذورنا الإفريقية، والوضع الأمني في سيناء لا أستطيع أن أجزم بأننا استعدناه بشكل كامل، ولكن العمليات الأمنية للأسف أحيانًا تطول أناسًا أبرياء، ويجب معالجته، ووضع سيناء خطر جدًّا لا يتلخص فى كامب ديفيد، ولكنها مصدر للتهريب والسلاح، ومعالجة وضع سيناء لا يتم بفرض سيطرة أمنية فقط، ولكن بشعور المواطنين في سيناء بأنهم جزء من الدولة وأنهم مصريون بشكل حقيقي، وعلى المستوى الأمنى نأمل أن نعرف ما الخطة والجدول الزمني اللذين تنتهي بهما العمليات الأمنية فى سيناء. في رأيك كيف يتم تمكين الشباب مع ضمانة الكفاءة لا الوساطة او المحسوبية؟ هناك خلط دائم بين ضرورة وجود الشباب الثوري وضرورة وجود شباب آخرين، على العكس أرى أن هناك مجالاً أكبر لتمكين الشباب المسيسين والكفاءات والخبرات والمهنيين، والسؤال كيف يكونون موجودين؟ يجب أن تكون للدولة معايير حقيقية تختار على أساسها، من ضمنها الكفاءة وتكافؤ الفرص، وأن يكون هناك تمثيل للأجيال الأصغر سنًّا بشكل أسرع، وهناك أفكار لإنشاء مفوضية للشباب أو منظمة، وأرى أن تلك الأفكار قد تكون خطراً؛ لأنها قد تكون طريقة لاحتواء الشباب لا تفعيل دورهم، وهذا متوقف على التطبيق والقانون الذى ينظم هذا الأمر. والتنظيمات السياسية عليها دور مهم، وهو أن تدفع الكوادر الشابة لمواقع الصدارة وبمعيار الكفاءة، ولكن ذلك لا يحدث فى غالبية الأحزاب، ولا نستطيع أن نراهن على تنظيم بنيانه الرئيسي من الشباب. أخيراً هل قد تتعرض مصر لموجة ثورية أخرى؟ مصر معرضة لثلاثة أشياء: إما استقرار وديمقراطية حقيقية وتماسك للمجتمع، أو فوضى، أو إذا جاءت سلطة تعاند الثورة مرة أخرى، فسنكون مرشحين لموجة ثورية جديدة، وذلك يتوقف على شيئين أولهما مدى وعي الشعب المصري، ثانيهما مدى فهم السلطة القادمة لضرورة أن الاستقرار يأتى يتحقيق أهداف الثورة لا الشعارات.