الشعب يريد إسقاط النظام هو مطلب تجمع حوله من اعتصم فى ميدان التحرير لمدة 18 يوم. مظاهرات يناير 2011 ،مشهد مهيب لم يعتده الكثيرين ،انا نفسي ساقنى الى الميدان أحد الأصدقاء لنر ماذا يحدث هناك وهالنى ما رأيت. كنت أرى في ميدان التحرير قبل هذا الحدث بسنوات شباب وكهول لا يتخطوا فى اعدادهم الخمسين نفراً يهتفون ضد رأس الدولة آنذاك ،وكنت أرتجف من جرأتهم…خاصة عندما رأيت هذه الفتاة الصغيرة تهتف بإحساس صادق جداً شعرت به فى قلبى مباشرة ،تهتف "حسنى مبارك الحرامى" ،وكان هذا فى قمة الدولة الأمنية وأساطير أمن الدولة والنظام القمعى. نحن الآن فى يناير 2011 والميدان ممتلىء بالشباب والهتافات وسيارات الأمن المركزى وخراطيم الماء والغاز المسيل ،ولم تمر بضع ساعات حتى قررت الرحيل مع أصدقائي. الحق أنها كانت تجربة مميزة ،فلم يكن لى أى توجه سياسي ولا خلفيه عن الوضع الذى عليه البلاد ،بمعنى آخر كنت أجنبياً فى وطنى ،الا أنى كنت على علم بالطبع بالفساد الذى ينخر فى العالم كله وليس فى وطنى فقط فلم أنكر سوء الأوضاع ولم يكن لدى أدنى تصور عن آلية الخلاص. تمر الأيام..ما بعد 28 يناير واتفق الجميع على مبارك أن يرحل،وعرفنا لماذا يجب أن يرحل ولكن لم نسأل عن ماذا بعد الرحيل فقد كان يتملكنا الحماس والرهبه كمن يقود الدراجة لأول مرة ،وحدث ما كنا نبغ وذهب مبارك وعمت الفرحة البلاد…كنا سذج فعلاً وكلما تذكرت هذه الأيام إبتسمت. بعد التنحى إنفض المولد ،صار المجلس العسكرى بالسلطة وتقربت منه بعض الفصائل وتصارعت البعض وتجمع الشباب كل نهاية أسبوع بشعارات ومطالب وتمر الذكرى السنوية للثورة ولم تحقق شيئاً يذكر من مطالبها. الآن فى 2014 لم تحقق الثورة أى من أهدافها. سوى أن رأس النظام سقط ،وجاء آخر وسقط ،وجاء آخر وتتعالى الأصوات بسقوطه أيضاً. الآن أفكر ما الذى حدث وكيف وصلنا لهذه المهزلة؟ 3 سنوات وما زال الوضع كما هو عليه . 3 سنوات كفيله بجعل مجموعة من العميان ببناء صرح من الرمال على شاطئ أسفلتى. السبب الحقيقي فيما أعتقد ومن نبع إيمانى هو الجهل..نعم غياب المعرفة . لا تستطيع بدون معرفة أن تخلق أمة رائدة وتنهض بها وتعطها مكانة قويه بين الأمم. كان يجب على شباب يناير أن يعلم أن نظام مبارك ليس هو "مبارك" بل هو أسلوب إدارة دولة . الثورة الحقيقية أو كما تجب أن تكون و التى يصبح لها مردود وأثر ونتيجة كان لابد لها من وضع الإستقلال الوطنى على رأس أولوياتها ،وأن تدرك وضع مصر الحقيقي كشريك مع الولاياتالمتحدة لحفظ أمن إسرائيل ،وضع كهذا كان يجب الالتفات اليه وأن "فتوة العالم" ما كان ليهمل هذا الوضع ويغامر بوضع نظام عادل على رأس الدولة التى تقبع غرب الكيان الصهيونى. ثورة لابد لها من تقديم بديل يتكون من نظام سياسى يضمن تحقيق العدل والاستقلال ،نظام له آليات ورأس وذيل ،نظام له رؤية مستقبلية ،نظام يقدم للشعب حرية ليست كحرية المساجين والعبيد بل حرية الأحرار ،حرية التكامل والحصول على المعلومات ،نظام يوضح كيف سنستخدم أرضنا ونخرج منها كنوزها لينعم بها الشعب بدلاً من أن ينعم بها الأمريكان والأوروبيين والصهاينه والخلايجة والسعوديين. ثورة لها قائد يتكلم بإسمها يعبر عن مطالبها ينسق بين جماعاتها وأحزابها. هذه ثورة يقودها العقل ،لا الغضب والحنق ولا شهوة السلطة والإمتلاك. الحق إننا نحتاج مُصلحين قبل الثوار ،نحتاج مُعلمين ومربيين. أذكر أن المصلحين لم يلجأوا الى تغيير حكامهم ،كانوا يتحركوا كأولوية الى توعيه الرعية ،وهذه كانت كلمة حق في وجه سلطان جائر ،كانوا يقودون الحراك الشعبى للمطالبة باصلاحات. فدائماً وأبداً سيتواجد المستبدين ،ولا نذكر وجود حُكام عادلين فى التاريخ الإسلامى أو حتى الإنسانى سوى الخلفاء الأربعة وعمر بن عبد العزيز،ودائماً تكون الثورات بغرض الإصلاح ..وعندما كان الحكام يرفضوا محاولات الإصلاح كان يقوم العلماء والحكماء بوضع حاكم آخر على رأس السلطة ليحكم ويعدل ويقسط….كان هذا دور العلماء والحكماء وليس النخب العملاء والعامة من الدهماء