"مختل عقلياً أو مجنون" هكذا وصفته الصحف القومية الموالية للنظام إنذاك، بطلاً شعبياً.. هكذا رآه أبناء الشعب المصري، إنه مجند الأمن المركزي سليمان خاطر والذي ولد عام 1961 في قرية أكياد في محافظة الشرقية من عائلة فقيرة، والتحق في شبابه بالخدمة العسكرية كمجند بالأمن المركزي. أثناء فترة تأدية خدمته بجنوب سيناء فوجئ بمجموعة مكونة من 7 أفراد تابعين للكيان الصهيوني يتسللون إلى نقطة حراسته فأطلق حسب التعليمات الطلقات التحذيرية ولم يستجيبوا لها ففتح عليهم النيران وقتلهم منفذا ما تدرب عليه وأمر بتنفيذه في مثل هذه الحالات. سلم "خاطر " نفسه بعد الواقعة إلى الجهات المختصة فحصل بموجب قانون الطوارئ على قرار جمهوري بالمحاكمة العسكرية وهنا بدأ الرأي العام يتابع الأمر ويصف "خاطر" بالبطل القومي الذي دافع عن أرضه، بينما واجه النظام تلك الموجة بحملات إعلامية تصفه ب"المختل عقلياً" وذلك لتهدئة الأوضاع داخلياً وإرضاء الكيان الصهيوني خارجيا. أثناء التحقيق معه روى خاطر ما حدث قائلاً: "فوجئت بمجموعة من الإسرائيليين يتسلقون الجبل ويدخلون منطقة الحراسة الخاصة بي فقلت لهم بالانجليزية (ستوب نو باسينج) – توقفوا ممنوع المرور – ومكان حراستنا به معدات خاصة لا يصح أن يراها أحد، كما أن تسلق الجبل ممنوع سواء أمام المصريين أم الأجانب وهكذا كانت الأوامر" واختتم كلامه قائلاً "أمال انتوا قلتوا ممنوع ليه!؟.. قولونا نسيبهم وإحنا نسيبهم" فسأله المحقق :لماذا يا سليمان تصر على تعمير سلاحك؟ فقال خاطر : "لأن اللي يحب سلاحه .. يحب وطنه، واللي يهمل سلاحه يهمل وطنه، وأحفظ رقم سلاحي لأني أحبه كما أحب مصر". في النهاية صدر الحكم على سليمان خاطر يوم 28 ديسمبر 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة ورُحل للسجن الحربي بمدينة نصر ثم نقل إلى المستشفى بحجة معالجته من مرض البلهارسيا، وبعد 9 أيام من محبسه وبالتحديد في 7 يناير 1986 أعلنت الإذاعة والجرائد أن سليمان خاطر انتحر داخل المستشفى في ظروف غامضة ليصبح ذلك اليوم من كل عام ذكرى لتخليد شهيد الوطن سليمان خاطر. الانتحار أكده تقرير الطب الشرعي أيضاً بينما علق عليه أخو الشهيد خاطر قائلاً "لقد ربيت أخي جيداً وأعرف مدى إيمانه وتدينه ولا يمكن أن يكون شنق نفسه لقد قتلوه في سجنه". وقال من شاهدوا الجثة أن الانتحار ليس هو الاحتمال الوحيد، وأن الجثة كان بها أثار خنق بآلة تشبه السلك الرفيع علي الرقبة، وكدمات علي الساق تشبه أثار جرجرة أو ضرب. ما أن شاع خبر موت سليمان خاطر حتى خرجت المظاهرات التي تندد بقتله من طلبة جامعة القاهرة وعين شمس والأزهر والمنصورة وطلاب المدارس الثانوية، وبعد كل تلك الأحداث عوضت الحكومة المصرية الإسرائيليين عن قتلاهم وهو ما جعل والد سليمان خاطر يقول: " أبني اتقتل علشان ترضى عنهم أمريكا وإسرائيل".