رغم قتامة الصورة التي تركتها سنة 2013 ، و امتداد أصداء الصراع السياسي للتأثير سلبيا علي الحياة الفنية كما حال باقي القطاعات في المجتمع ،إلا إنها شهدت لمحات من الأمل فنيا منها الصعود الملحوظ للسينما المستقلة بدءا من زيادة عدد الأفلام المنتجة خارج الإطار التقليدي للسوق التجاري ، إلي حصدها العديد من الجوائز من المهرجانات العربية و العالمية ، إلي تباشير الأمل التي أفرزتها من ظهور جيل جديد مشغول بتقديم سينما مختلفة فنيا منحازة لمجتمعها. ومن أهم ظواهر العام بروز جيل جديد من المخرجات المتميزات اخترن الطريق الأصعب للبحث عن طرق إنتاج سينما غير تقليدية، و قدمن أفلاما تشي برؤية للعالم تنحاز للحياة ، قدمن في 2013 أفلامهن الأولي و هم: آيتن أمين بفيلم " فيلا 69″ ، هالة لطفي " في فيلمها " الخروج للنهار " ، نادين خان بفيلم " هرج و مرج "، ماجي مرجان بفيلم " عشم " . من أجمل أحداث العام منح المخرج الكبير محمد خان الجنسية المصرية أخيرا و عودته للساحة السينمائية بفيلمه " فتاة المصنع " الذي لم يعرض جماهيريا بعد ، فيما دشن مسيرته مع الجوائز في عرضه العالمي الأول الشهر الماضي بمهرجان دبي السينمائي الدولي بجائزتي أفضل ممثلة لياسمين رئيس و جائزة اتحاد النقاد العالميين الفيبرسي. المفارقة إن السينما المصرية التي لعبت دور سفيرنا في مهرجانات مختلفة واجهت امتداد المعركة مع نظام الإخوان للخارج ، و حملة التشويه التي شنوها علي النظام في مصر خاصة بعد 30 يونيو ، و شهدنا هجوما شرسا علي الفنانين المشاركين في مهرجانات مختلفة خاصة في هولندا و فرنسا . كما حال السنوات الماضية يتزايد بشكل مضطرد المجال أمام صناع الأفلام القصيرة والتسجيلية مع التقدم التكنولوجي، وتزايد منافذ الإنتاج ، فشهدنا إنتاج وحدة السينما المستقلة بالمركز القومي للسينما كنافذة جديدة لصناع الأفلام ، و إن لم يكن بالإنتاج وإنما بدعم تقني بتوفير المعدات المطلوبة للتصوير من كاميرات و صوت والمونتاج ، وتزايد إنتاج خريجي مدرسة السينما و التليفزيون علي الإنترنت، وواصل مهرجان سينما الموبايل تقديم جيل جديد من مستخدمي أجهزة الموبايل الحديثة يفتح أفقاً لتقديم رؤى سينمائية مختلفة . ونجحت السينما المستقلة في خلق نمط إنتاجي جديد ساعد في تقديم مستوي فني جعلها قادرة علي المنافسة في السوق ، و ظهر هذا العام الأثر الواضح لملتقيات الإنتاج العربية المصاحبة للمهرجانات لدعم المشاريع السينمائية العربية ، و من خلالها تمكن عدد من صناع السينما الشباب العرب في تقديم بعض أجمل أفلام هذا العام. وفيما انسحبت عدد من الشركات الكبرى من الإنتاج لاضطراب السوق مع تواصل التوتر الأمني و فرض حالة حظر التجول و غيرها ، اختار آل السبكي مواصلة الإنتاج و تغذية السوق و إن كان بأفلام علي طريقتهم الخاصة مثل "عش البلبل" و " القشاش " . فيما أطلقت حملة ضد أفلام السبكي متزامنة مع عرض أفلامه في العيد اعتبرها البعض صحوة ضد تدهور حال السينما المصرية ، و قال المنتج احمد السبكي إنها جزءا من حرب تشنها شركة إنتاج منافسة ضده السبكية . و تيمنا بنجاح حركة تمرد السياسية في إسقاط نظام الإخوان أسس مجموعة من السينمائيين المستقلين و الهواة حملة تمرد السينمائية التي أثارت الكثير من الجدل في الوسط السينمائي و ساندتها جبهة الإبداع في بدء إطلاقها إلا إن عدم وضوح أهدافها في البداية و تداول حوارات علي صفحتها علي الفيس بوك حول السينما النظيفة و غيرها من المصطلحات التي أثارت تحفظ عدد من السينمائيين و جبهة الإبداع و جعلتهم يتراجعون عن دعم الحملة ، فيما أطلقت الحملة في تأسيسها الرسمي مشروعا طموحا للتوثيق بقاعدة بيانات للأفلام القصيرة المستقلة في مختلف المحافظات فيما لم يظهر صدي لحراك الحملة بعد . و رغم تعيين رقيب جديد من السينمائيين المخرج د. احمد عواض، إلا إن معارك الرقابة بدأت سريعا مع الرقيب الذي واجه انتقادات كبيرة لقرار تعيينه بسبب مستوي أفلامه ، و منها "كلم ماما ، و بون سواريه" ، و فيما وافقت الرقابة علي أفلام العيد سواء الفطر أو الأضحى والتي شهدت مستوي مفرط من الإسفاف خاض السيناريست هاني فوزي أول المعارك الكبرى مع الرقابة بفيلمه الأول مخرجا " أسرار عائلية " الذي يتناول الشذوذ الجنسي ، و شن المخرج و عدد كبير من السينمائيين و النقاد حملة شرسة علي الرقيب د.أحمد عواض الذي أصر علي موقفه ضد الفيلم و أكد إن المخرج لم يلتزم بالتعديلات الأولي التي قررتها الرقابة علي السيناريو ونال وفقا لها تصريح الرقابة للسيناريو ، و إن المخرج تجاهل تلك التعديلات علي السيناريو. شهد العام تولي إدارة جديدة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي برئاسة الناقد سمير فريد ، فيما لم تقام دورته للمرة الثانية بعد ثورة يناير حيث ألغي المهرجان في 2011 ، فيما عقد المهرجان القومي بعد توقف عامين ،لكنه افتقد الجمهور تماما بسبب إلغاء الندوات و عدم حضور النجوم أو صناع الأفلام في عرضها ، وقدم مهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية و القصيرة في دورته عددا من الأفلام التسجيلية الطويلة الهامة ، و كان ملتقي الإنتاج المشترك لدعم الأفلام التسجيلية أهم إضافة قدمتها هذه الدورة . في المقابل شهدت المهرجانات و التظاهرات السينمائية التي تنظمها مؤسسات غير حكومية نجاحا و تطورا فقدم مهرجان السينما الإفريقية نموذجا جيدا للوعي بأهمية التواصل مع الثقافة الإفريقية ، و فيما تأجلت الدورة الثانية لمهرجان السينما الأوربية عن موعدها في سبتمبر الماضي لتقام في الثلث الأخير من شهر يناير الجاري و كلاهما يقاما في الأقصر ، كما واصلت بانوراما الفيلم الأوربي امتدادها بمجموعة من أفضل الأفلام الأوربية الحديثة و برنامج شديد الثراء اختتمته المنتجة ماريان خوري بإعلانها عن الاستعدادات لتواصل دورها في عرض الأفلام الأوربية و المستقلة و التسجيلية علي مدار العام من خلال مشروعها الجديد "زاوية" الذي سينطلق خلال شهر يناير الجاري . وبعد غياب أكثر من عشرين عاما عادت الأفلام الهندية إلي السينمات المصرية في 2013 و هو ما اعتبره الكثيرون ضد مصلحة السينما المصرية في المقابل أحجم المنتجون المصريون عن المغامرة بإنتاج أفلام في سوق مضطرب لكنه متعطش للسينما .