قالت صحيفة "زمان فرانس" التركية فى نسختها الفرنسية، إن الصراعات الحالية فى تركيا تظهر أن هناك تركيا قديمة وأخرى جديدة، وفى حين تظل الأولى فى مثالية سياسية استبدادية، تطمح الأخرى للحفاظ على المؤسسات التى تكفل الديمقراطية وسيادة القانون واحترام الأقليات، مؤكدة أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ابتعد، خلال ولايته الثالثة، عن تركيا الجديدة. فالنظام السياسى فى تركيا القديمة يتسم بوجود حزب واحد ويأخذ شكلا من أشكال الديمقراطية الاستبدادية تحت الوصاية العسكرية، أما تركيا الجديدة فهى تتطلع للحفاظ على المؤسسات التى تكفل الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأوضحت الصحيفة أن أردوغان اقترح تحويل نظام الحكم فى تركيا إلى " النظام الرئاسي" والتى لا يمكن للسلطة التشريعية أو القضائية عرقلته، كما شرع فى تأكيد أن الديمقراطية مجرد مرادف للانتخابات، وضغط على أباطرة الإعلام لإسكات الأصوات المنتقدة له، كما لفتت إلى قيام أردوغان بتجديد علاقاته مع تركيا القديمة، وخوفًا من تضاؤل الدعم الشعبى له، بدأ فى ادعاء قيامه بحل القضية الكردية وتبنى خطابًا شعبيًا إسلاميًا. وأشارت إلى أن الولاية الثالثة لأردوغان تجعلنا نصدق على نحو متزايد مقولة لورد أكتون القائلة: "إن السلطة تميل لأن تفسد، والسلطة المطلقة تفسد بصورة مطلقة". ويبدو أن بعض الأشخاص صاروا من دائرة المقربين إلى أردوغان وصلوا إلى السلطة بدون حدود أو رقابة وهم من غرقوا فى الفساد، كما أدت استراتيجية الاستقطاب التى اتبعها أردوغان إلى حدوث انقسامات داخل جميع شرائح المجتمع. ورأت الصحيفة أن الوحدة صارت معرضة للخطر حتى داخل حزب العدالة والتنمية، فالاختلافات فى الرأى مع الرئيس عبد الله جول، أحد مؤسسى الحزب الإسلامى، أصبحت أكثر وضوحًا، وتبرزها الاستقالات والاعتراضات داخل صفوف الحزب. وأكدت أن أحداثًا عديدة تظهر أن تركيا الجديدة الناشئة لن تخضع لاستبداد أردوغان، بداية من مظاهرات جيزى فى الصيف الماضى ووصولا إلى قضية الفساد التى اكتشفت الأسبوع الماضى بمبادرة من النيابة العامة والشرطة. وخلصت الصحيفة إلى أن ما يحدث اليوم فى تركيا ليس "حربًا دينية" كما يقول الخبراء الأجانب والأتراك، وإنما صراع متصاعد بين تركيا القديمة والجديدة.