لاقت التغييرات التي طرأت على وضع المرأة بين دستور "الإخوان" في 2012 والدستور الذي تم الانتهاء منه حاليا في انتظار الاستفتاء، اهتمام المتابعين وخاصة المهتمين بشأن المرأة المصرية، لم يحتوي دستور 2012 سوى على مادة واحدة تتحدث عن المرأة، بينما يحوي الحالي 20 مادة تخص المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر. "البديل" استطلعت آراء الخبراء والمختصين حول أهم المكتسبات التي حصلت عليها المرأة في الدستور الجديد، وأبرز التحفظات التي تنتظر التغيير. قالت "هالة عبد القادر" المدير التنفيذي للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، إن دستور 2013 يعتبر نقلة نوعية لما نص عليه من مواد تعبر عن حقوق المرأة وأبرزها المادة (11) التي تنص على «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا». وأشارت إلى أن هذه المادة تضمن حق المرأة في عدة نواحي أولها المساواة، والسماح لها بتولي المناصب القيادية في الوظائف العامة والهيئات القضائية بعد أن حرمت من ذلك، بالإضافة إلى التزام الدولة بمواجهة كافة أشكال العنف ضد المرأة، وذكر حقوق المرأة المعيلة والمسنة لأول مرة في دستور مصري، والنص على التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل والرعاية والحماية للأمومة. وأضافت أن الدستور جرّم لأول مرة التمييز في المادة (53) ومعاقبة المخالف له، بل ألزم الدولة على تشكيل آلية لمناهضة التمييز، ونقترح تكوين هيئة يترأسها المحامي العام بالتعاون مع المنظمات النسوية ترصد كافة أشكال التمييز وتتخذ التدابير والإجراءات القانونية الملائمة لذلك، وسوف تساعد هذه الآلية علي تنقية ومراجعة بعض مواد قانون العقوبات واللوائح الداخلية لعدد من الوزرات والهيئات والتي تحوي تمييزا واضحا ضد المرأة. بينما يرى "شريف جمال" مدير برامج المشاركة السياسية بمركز قضايا المرأة المصرية، عدة تحفظات على الدستور أهمها الغاء كوتة المرأة في الدستور بنص واضح لا يقل عن 30 إلى 35%، حتى لدورتين فقط وترك المسألة للدولة الممثلة في رئيس الجمهورية بعد ذلك في تحقيق تمثيل مناسب لها في المجالس النيابية وقانون الانتخابات يشكل خطرا وتهديدا لنسب تواجدها في برلمان 2014. وأشار إلى أن مع الاتجاه الحالي باتخاذ نظام الانتخاب الفردي سيشكل عائقا أمام المرأة، لأنه نظام قائم على العصبيات والقبلية، ويعتمد على رأس المال الضخم في الدعاية، ومن ثم فشروط النجاح فيه لا تنطبق على المرأة. ويقترح على الرئاسة أنه في حال إقرار النظام الفردي عليه تخصيص دوائر معينة للمرأة، أما في نظام القائمة وهو الأفضل يجب أن يكون وضع المرأة في القوائم أفقي ورأسي كالنظام الليبي والتونس، ففي الأفقي يكون رجل – امرأة، وفي الرأسي يكون رجل يترأس قائمة للحزب وقائمة أخرى ترأسها إمرأة لنفس الحزب وهكذا. أما عن أهم المكتسبات للمرأة يرى جمال المادة (80) التي تنص على "حماية الطفل واعتبار مصلحته هي الفضلى، وتحديد سن الطفل ب18 عاما" وهذا ما يمنع زواج القاصرات، بالإضافة إلى المادة (98) التي تنص علي تجريم واضح لكافة صور العبودية والاسترقاق والإتجار بالبشر، وهو يعد نصا هاما يواجه بقوة هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت مصر مقرا لها، حيث يأتي العرب للزواج من فتيات صغار ثم يستغلوهم بعد ذلك في أعمال الدعارة والتسول، وهذه المادة تعتبر نصرا للمرأة على عكس دستور الاخوان الذي أهدر حقوق الطفل ولم يحدد سنه ورفض تجريم الإتجار بالبشر. ويتفق "عمر أحمد" المنسق العام للاتحاد النسائي المصري مع شريف جمال على خطأ غياب نص دستوري للكوتة، ولكنه يرى أن هناك بعض المكتسبات للمرأة منها تخصيص كوتة لها في المحليات بنسبة 25% أي بما يساوي 13 ألف مقعد بالمحافظات، ويعد ذلك بيئة جيده لتربية كوادر نسائية قادرات على العمل السياسي ومؤهلات لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بشكل أقوى. وأضاف بأن المادة (6) أنصفت المرأة واعتبرتها مواطنا لا يقل أهلية عن الرجل، حيث أصبحت الجنسية المصرية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية وهذا يعني إنهاء معاناة المرأة في منح أبنائها الجنسية. ويرى أحمد أن أحد أهم الاختلافات عن دستور الاخوان نص المادة (93) بالالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي صدقت عليها مصر وتشمل جميعها حقوقا للمرأة، وتصبح بمثابة قوانين ملزمة لمصر لأي محام يستند عليها في أي قضية تخص المرأة. وبدرها قالت "هدايت عبد النبي" رئيس دائرة الإعلام والمعلومات والأبحاث بالاتحاد النوعي لنساء مصر، إن الدستور كفل العديد من الحقوق للمرأة، ليكون مختلفا كليا عن دستور 2012 الذي أباح عمالة الاطفال والإتجار بالنساء، ولم يهتم بالمرأة إلا في مادة واحدة فقط وكانت المادة 10، ولكن دستور 2014 نص صراحة على عدة مواد بالإضافة إلى السابقة منها المادة (9) التي تحث على تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز. اما المادة (10) والتي تنص على "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها"، وهو ما اختلف عن صياغة نفس المادة في عهد الاخوان "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذي ينظّمه القانون، وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام، وتولي الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة." وكانت تتيح هذه الصياغة الإخوانية الفرصة للجماعات المتطرفة بضبط أخلاق المجتمع وعاداته وتقاليده، فضلا عن إتاحة الفرصة لجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استنادا لتفسير المادة 219 التي تم حذفها. وترى السفيرة "مرفت التلاوي" رئيس المجلس القومي للمرأة، أن دستور 2014 يتضمن ما يزيد عن 20 مادة أو اكثر تخص المرأة أو تستفيد منها، بداية من الديباجة التي نصت على "أن هذا دستورنا نحن المواطنات والمواطنين نحن الشعب المصري هذه إرادتنا وهذا دستور ثورتنا"، بالإضافة إلى أنه لأول مرة يتم الإشارة لحقوق المرأة في باب الدولة والمقومات الأساسية, وهذا في حد ذاته تطورا هاما يؤكد على أهمية المرأة وأنها ليست فئة من فئات المجتمع ولكن هي نصف المجتمع وأساس الأسرة.