جاء قرار هيئة كبار العلماء بإقالة الشيخ يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، والذى أنشأه ليناطح به هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف؛ ليؤكد أن هذا القرار تأخر كثيرًا بسبب المواقف السيئة والفتاوى السياسية التى استخدمها الرجل للتحريض على الأزهر والجيش والشرطة وعلى الشعب المصرى، بل والأمة العربية كلها. فالدكتور يوسف القرضاوى مع كل التقدير لإسهاماته الفكرية والفقهية إلا أنه حاد كثيرًا عن الطريق الصحيح، وبدأت تظهر للقرضاوى وجوه أخرى غير ذلك الوجه الذى اعتاده منه المسلمون، وفى كل المواقف تظهر قطر ككلمة السر فى فتاوى ومواقف رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، التى أرادت أن تعوض ضآلتها بإيجاد موقع ومكانة لها حتى ولو كان ذلك على حساب أشقائها فى اللغة والدين، فكان الشيخ القرضاوى إحدى الأوراق التى استخدمتها الدولة الصغيرة، وكانت الأزمة الليبية هى البداية فى كشف تبعية مواقف القرضاوى لقطر الحليف الاستراتيجى للولايات المتحدة فى المنطقة، حيث أظهر الشيخ القرضاوى حماسه العالى لتغيير الأنظمة العربية بشكل مبالغ فيه إلى الحد الذى راح معه يقول فى عبارة بدت غريبة للكثيرين فى سياق إفتائه بجواز تدخل الناتو هناك لضرب قوات القذافى إنه "لو كان محمد الرسول حيًّا لقاتل فى صفوف الناتو"، الأمر الذى دعا البعض لوصفه بمفتى الناتو. وبعد أن أدى القرضاوى مهمته بنجاح فى تدمير ليبيا، وجهت قطر بوصلة الرجل إلى سوريا، حيث راح يعلن تأييده لأى ضربة عسكرية غربية لسوريا، وبدأ القرضاوى يبرر موقفه على خلفية دينية بإشارته إلى أن القوى الأجنبية أدوات سخرها الله للانتقام! إسقاط مصر ..الجائزة الكبرى لأمريكا وقطر تبدو مواقف القرضاوى بصدد الثورة المصرية كاشفة لحجم التنسيق الذى كانت السياسة القطرية لاعبًا أساسيًّا فيه، من خلال قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وبدا وكأن مسجد عمر بن الخطاب ليس سوى مسجد مصرى، حيث كان القرضاوى يخاطب من خلاله المصريين فقط. فبدأ القرضاوى هجومه على الجيش المصرى بدعوة جنود الجيش والشرطة المصريين لرفض الأوامر، مدعيًا أنه حال التزام الجندى هذا السلوك فإن القرآن معه. وقال وقتها "أدعو الجامعة العربية أن يكون لها موقف من الذي يجري في مصر، أدعو منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن والشرفاء في أنحاء العالم، أدعو هؤلاء جميعًا أن يأتوا إلى مصر ويروا ما يحدث في مصر". وتابع " أدعو المسلمين في أنحاء العالم في كل مكان من إندونيسيا وماليزيا ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنجلاديش والهند والصومال وفي العراق وإيران وليبيا وتونس وسوريا وفي لبنان وفلسطين والأردن وفي كل بلاد الدنيا أدعوهم ليكونوا شهداء". واختتم "فالله سيسألهم يوم القيامة: هل رأيتم هذه المذابح البشرية، المذابح الوحشية؟ والله إننا حينما نقول وحشية نظلم الوحوش، فالوحوش لا يقيمون مجازر للبشر، فالوحش إذا أراد أن يقتل شخصًا واحدًا، ولكنه لا يقتل المئات فهؤلاء أشد من الوحوش". يصف الجيش الإسرائيلي بأنه أفضل من جيشنا المجرم! كذلك لا يمكن أن ننسى الهفوة التى خرجت من القرضاوى بادعائه أن الجيش الإسرائيلى أفضل من جيشنا المجرم. وفي 14 أغسطس ظهر القرضاوي على قناة "الجزيرة" القطرية عقب فض اعتصام تنظيم الإخوان في القاهرة؛ للتحريض على الحرب الأهلية ودعوة المصريين للاقتتال، وناشد المصريين بحماسة قائلاً "انزلوا إلى الشوارع ، وواجهوا الجيش"، ووصف ذلك بأنه فرض عين على كل مسلم مصري قادر ومؤمن بأن يترك منزله. يصف د. جمعة بأنه متعهد الفتاوى الشاذة وأنصار الجيش بالخوارج وفي وقت الشهر ذاته هاجم القرضاوي من خلال قناة "الجزيرة" مفتي الديار المصرية السابق الدكتور علي جمعة؛ لإصداره فتوى تدعم الإطاحة بمرسي. حيث وصفه القرضاوى بأنه "متحدث باسم الجيش، وعبد للشرطة والمسئولين في السلطة، ومتعهد الفتاوى الشاذة". كما وصف الشيخ القرضاوى وقتها أنصار ما أسماه بالانقلاب الجيش والمصريين بأنهم خوارج، حتى إنه لقب وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بأنه خائن سيعاقبه الله في الدنيا قبل الآخرة، وحذر من أن هؤلاء "السيسي ورئيس الجمهورية المؤقت ووزير الداخلية" قتلة سيقتلهم الله. حتى شيخ الأزهر لم يسلم من لسانه لم يكتفِ القرضاوى بهذا، بل وصل به التطاول إلى أن ينال من الأزهر الشريف قبلة العلم للمسلمين وشيخه الدكتور أحمد الطيب، فقال "ابتُلينا بأزهر غير الأزهر يسير في الركاب، ويمسح الأعتاب، لكل فاجر كذاب". كما هاجم شيخ الأزهر فى مقال له نشر على موقع اتحاد علماء المسلمين قائلاً "كان ينبغي ألا تلوث عمامة الأزهر ولحية شيخه بمساندة هؤلاء الذين أثبتت الأيام القليلة الماضية فساد طوياتهم، وسوء مكرهم، وظمأهم نحو السلطة، وسعيهم إلى سدة الحكم عبر دماء الشهداء، وأشلاء الأحرار". وتابع "والله إن دماء الشهداء في رقبتك، وإن أرواحهم تتعلق بك يوم القيامة، وتحاجُّك أمام الله، إن دماء الشهداء، وبكاء اليتامى، وأنين الثكالى، ستطاردك في صباحك ومسائك، وفي يقظتك ونومك، وفي دنياك وآخرتك". ومن ثم يبدو التناقض ظاهرًا فى مواقف الشيخ القرضاوى، ففى الوقت الذى انتفض فيه الشيخ القرضاوى ضد ما اعتبره انقلابًا للجيش المصرى واستيلاء على السلطة، لم يتحرك لدى انقلاب الشيخ تميم بن حمد بن خليفة على سلطة أبيه والاستيلاء عليها، وهو ما كان يكشف أن الشيخ يتحرك وفق اعتبارات أخرى، جعلت لزامًا على هيئة كبار العلماء أن تتخذ قرارها بإقالة الشيخ القرضاوى من عضوية الهيئة. العلماء ينتقدون سلوكيات القرضاوي ومن جانبه أكد الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية أن أخلاق وتصرفات القرضاوى تعارضت مع الشروط الواجب توافرها فى عضو هيئة كبار العلماء. ورفض الشحات مواقف القرضاوى بعد الثورة، واصفًا إياها بأنها تحض على القتل والتكفير، بالإضافة إلى هجومه فى كل مناسبة على الأزهر الشريف ومؤسساته، مشددًا على أن هذا لا يجوز أن يكون فى رجل يدعو إلى الله بالتى هى أحسن. وتابع عضو مجمع البحوث قائلاً "أرى أن مثل هذا القرار قد تأخر كثيرًا، ولكنه فى النهايه صدر بإجماع الآراء". وقال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إن هذا القرار تأخر كثيرًا بعدما طالبنا به مرارًا وتكرارًا، إلى أن بح صوتنا، ولكنه صدر لأنه لايصح إلا الصحيح". وأكد كريمة أن القرضاوى باع كل شيء من أجل عرض زائل، فهاجم الأزهر وشيخه، وحث على القتل والتخريب من أجل تحقيق مصالح أطراف معادية لمصر. وتابع أن "القرضاوى رضى أن يكون ولاؤه وانتماؤه لجماعة الإخوان، مفضلاً انتماءه للجماعة على انتمائه إلى الأزهر الشريف الذى نتشرف جميعًا بانتمائنا إليه، ومن ثم لا ينبغى أن ينال القرضاوى هذا الشرف".