نهض سريعًا من نومه لإعداد حقيبته، ثم تناول هاتفه المحمول ليخبر جميع الرفاق أن هناك اعتداء صارخا يقع على القلة المتواجدة أمام مبنى مجلس الوزراء، دقائق هي التي مرت حتى استقل السيارة المنطلقة من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية قادمًا إلى ميدان التحرير، فكان له ما تمنى منذ بداية الثورة، الاستشهاد. الشهيد "رامي الشرقاوي" الذي بدأ رحلة معارضته للنظام الحاكم آنذاك منذ فض اعتصام 9 مارس 2011 «كان يدرك أن ذلك النظاك لم يحم الثورة كما يقال، عندما طلبنا منه أن يترك الميدان أثناء الثورة ويعود إلى المنزل، وأكد أن من يخرج من الاعتصام يتم القبض عليه مباشرة»، كما وصفت ريهام الشرقاوي، شقيقة الشهيد. لم تكن للشرقاوي سوابق سياسية، فكانت أولى مشاركاته في تظاهرات جمعة الغضب ب 28 يناير 2011 حيث اقتنع كباقي الشباب أنه حان الوقت لرحيل النظام المستبد، ثم اختار أن يحمي بوابة شارع طلعت حرب أثناء الاعتصام، لذلك «لم يرض رامي أن يترك الميدان قبل رحيل حسني مبارك، ولا أنسى ضحكته عندما عاد إلى المنزل عقب التنحي»، قالتها شقيقة الشهيد، مستكملة «لقد شارك في جميع الأحداث التي تلت التنحي كفض اعتصامي 9 مارس و8 إبريل، واعتصام يوليو، وأحداث محمد محمود وأخيرًا مجلس الوزراء». شارك رامي في أحداث محمد محمود والتي أصيب فيها أكثر من مرة ما بين اختناق وكدمات، ورغم ذلك لم يتراجع عن المشاركة، بل أسس بعد انتهاء الاشتباكات الدامية التي راح على إثرها عدد كبير من الشهداء حملة لجمع توقيعات المواطنين والتي تطالب بنقل السلطة إلى مجلس رئاسي مدني، بدلًا من المجلس العسكري الحاكم في ذلك الوقت. وتحكي ريهام «بعد صلاة يوم الجمعة 16 ديسمبر الذي وقعت فيه الأحداث، كان رامي معنا في الزقازيق، وكان قد صلى الجمعة ونام، وأيقظته أخبره بما يحدث فانتقل على الفور إلى القاهرة، وظل مشاركًا فيها حتى يوم الثلاثاء»، مضيفة «كانت آخر مكالمة له مع والدته عندما هاتفها ساعات الثلاثاء الأولى يخبرها أنه قد سرق ويريد أن ترسل له نقود». وفي فجر الثلاثاء اقتحمت قوات الشرطة منطقة التظاهرات من خلف مسجد عمر مكرم، خرجت وقتها رصاصة أصابت الطريق واخترقت ذراع رامي الأيمن لتخرج من جانبه الأيسر، لتنهي حياة شاب اختاره الموت بعد قوله «أنضف ناس فينا هي اللي بتموت وإحنا لا».