توجه وفد شعبي ضم شخصيات عامة وسياسيين إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ بهدف تعزيز العلاقات وبحث سبل التعاون بين البلدين في جميع المجالات. وقال طارق الخولي – عضو تكتل قوى الثورة، وأحد المشاركين في الوفد الشعبي المسافر إلى إيران، إن هدف الزيارة تعزيز العلاقات بين البلدين على أساس من الندية والمصالح المشتركة؛ خاصة أن الملف الإيراني من أخطر الملفات التي فشلت الحكومات المصرية في إدارتها على مدار عقود، مؤكدًا أن الزيارة بإمكانها فتح آفاق جديدة للعلاقات بين البلدين على أساس المصالح المتبادلة. «البديل» حاولت رصد أهم الخبرات التي يمكن الإفادة منها في العلاقة مع الجانب الإيراني الذي يشكل قوة مهمة لم تستطع تحالفات العالم كسر شوكتها، فإيران تتمتع بأهمية إستراتيجية، وتطمح إلى كسب حلفاء أقوياء لها في الشرق الأوسط، لاسيما وقد تراجع الدور الأمريكي في المنطقة كثيرًا، أو على الأقل يتجه مؤشره إلى الهبوط المستمر. يقول الدكتور مختار غباشى – نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنه لا يستبعد حدوث توافق مصري مع إيران، مضيفا أنه لابد من البحث عن نمور آسيوية أخرى غير روسيا مثل الهند والصين، فالتوجه المتنوع لعلاقات مصر الدولية، توجه محمود يخدم الدولة المصرية ويعيد ثقلها ويصب في صالح إستراتيجياتها على الأصعدة كافة. والإشكالية الوحيدة التي يتوجب على الدبلوماسية المصرية التعاطي معها بالحنكة والدربة السياسية اللازمين تتمثل في ضرورة أن يتم ذلك بحذر، دون الدخول في عداء مع قوى إقليمية. وتابع «غباشى»: إننا نمر بمرحلة بناء سياسي واقتصادي، ونحتاج إلى تمويل ضخم واقتصاد قوى، الأمر الذي يفرض حتمية الوصول إلى مرحلة تناغم عربى، تحيل المال العربى إلى العرب، والاستثمار العربى إلى العرب؛ وعلى المقيمين في غرفة صناعة القرار السياسي المصري إدراك أن مصر تمثل ثلث العالم العربى بمؤشر تعداد السكان، وحتى يتحول هذا العبء السكاني إلى النقيض وينقلب مزية تفيد منها مصر، فإننا بحاجة إلى مزيد من الصبر حتى نستعيد قوتنا واقتصادنا القوي، ويساعدنا على ذلك موقعنا الجغرافي وعلاقاتنا بالقضية الفلسطينية، وعلاقتنا بشمال السودان وجنوبه، بالإضافة إلى ضبط واتزان علاقاتنا مع كل دول الخليج، وعلينا ألا ننسى قيمة وقوة «البعد المائي» الذي يمثل أمنا قوميا لشمال السودان وجنوبه الذي خطف من مصر، وكل هذه المقومات تساهم في بناء علاقات قوية بين البلدين. وأضاف أنه من الأهمية بالنسبة لمصر أن يتم التعاون أو التنسيق بينها وبين إيران فيما يخدم مصالح البلدين، خاصة وأن إيران تعد الدولة الوحيدة التي خرجت من الضبطية الشرطية للولايات المتحدةالأمريكية، والدولة الوحيدة التي تقف أمامها، واعترفت أمريكا بالعجز عن حل الخلافات المتعلقة بالدولة الإيرانية، وبالتالي فإن من مصلحة مصر التعاون مع إيران فيما يخص الجانب المصري ويؤثر على توازن العلاقات مع إسرائيل. ويلتقط الخيط نفسه، الدكتور محمد السعيد إدريس – رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الدراسات السياسية، فيقول إن التقارب المصري الإيراني يؤرق الكيان الصهيوني والولاياتالمتحدة؛ لأن أي تقارب بين مصر وإيران معناه تغيير توازن القوى في الشرق الأوسط بالكامل، بمعنى أن وجود قوة جديدة يهدد الحلف الصهيوني الأمريكي؛ فهم يريدون أن تظل مصر هشة متقوقعة في ذاتها، حتى لا تصبح دولة ذات سيادة. ويرى أن العلاقات بين الدول لا تقوم على أسس دينية ولا طائفية ولا عقائدية، وإنما يحكمها الاحترام المتبادل وينظمها القانون الدولي، ولا يليق أبدا أن تكون كل الدول العربية على علاقة بإيران، ومن بينها الدول التي تتصارع مع إيران كالإمارات والسعودية والكويت والبحرين، بينما مصر الدولة الوحيدة في العالم العربي والإسلامي التي لا علاقة لها بطهران، رغم امتلاك الأخيرة خبرات تحتاجها مصر في المرحلة الراهنة. من جانبه، يرى اللواء نبيل فؤاد – الخبير الإستراتيجي، ومساعد وزير الدفاع الأسبق، أن التقارب مع إيران ضرورة يفرضها احتياج مصر إلى الإفادة من التجربة الإيرانية برمتها؛ خاصة أنها أصبحت بمثابة قوة عظمى لها ثقلها العالمي، وأبرز ما يمكن الإفادة منه على مسار التعاون المشترك مع إيران، المشروع النووي المصري، الذي كان وسيبقى مطلبا حتميا تأخر كثيرا؛ نظرا لما فعله الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي أجهض المشروع إرضاء لأمريكا والكيان الصهيوني، وكان يتحجج بخوفه من الأمن النووي ويشير إلى كارثة مفاعل تشرنوبيل. وأضاف الخبير الاستراتيجي ومساعد وزير الدفاع الأسبق، أن مصر كانت سباقة في المجال النووي، منذ فترة حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي بدأ في المشروع النووي في ستينيات القرن الماضي، إلا أن العدوان الثلاثي ونكسة ۱۹6۷عطلت خطاه، وكاد السادات يحييه لولا ضغوط الولاياتالمتحدة عليه، أما المرحلة التي نعيشها والظروف السياسية الحالية، فإنها رغم ما بها من ارتباكات، تعد ملائمة تمامًا لحدوث تقارب سياسي وعسكري، لافتا إلى أن إيران دولة إسلامية غير معادية لمصر أو للعرب جميعا؛ لذلك فلن تتأخر عن خدمتهم.