تمر مصر بأزمة اقتصادية تتفاقم يومًا بعد يوم، فبين تصريحات تبعث على الأمل، وأخرى تبعث على الإحباط، قررت "البديل" الوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادى فى مصر، من خلال لقاء الدكتور حمدى عبد العظيم -الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا- والذى أكد أن الأداء الاقتصادى فى حكومة د. حازم الببلاوى يعتبر متواضعًا حتى الآن، ومازال معدل البطالة مرتفعًا 13,3% وعدد العاطلين 3,6 مليون عاطل، مؤكدًا أن اعتماد الحكومة على القروض من الدول العربية هو بديل لتغطية الموازنة العامة، بينما كان المفروض استثمارها فى مشروعات، وهناك العديد من الأسئلة أجاب عنها خلال حواره مع "البديل"، وإليكم نص الحوار. ** ما رأيك فى أداء حكومة الببلاوى الاقتصادية حتى الآن؟ ..وتقييمك لقانون "حسن النية"؟ الأداء الاقتصادى فى حكومة د. حازم الببلاوى يعتبر متواضعا حتى الآن، لأن الخطوات بطيئة والإنجازات قليلة و مازال معدل البطالة مرتفعًا 13,3%، وعدد العاطلين 3,6 مليون عاطل و لدينا زيادة كبيرة فى الديون الداخلية إلى 239 مليار جنيه والخارجية إلى 43,3 مليار دولار، وفى الوقت نفسه حدث تضخم فى الأسعار والمؤشرات الخاصة بالعجز فى الموازنة، تشير إلى أن العجز تجاوزت 240 مليار جنيه. وجميعها مؤشرات سلبية توضح أن هناك إخفاقات كثيرة أعادت الأزمات إلى المجتمع فى المواد البترولية والكهرباء بعد توقف الإمدادات من الدول العربية، فهذه الحكومة تعيش على المعونات من الدول العربية الثلاث السعودية و الكويت والإمارات، كما أخطأ الببلاوى عندما طالب بقانون حسن النية لأن ذلك يعمق الفساد فمن يخطئ يجب أن يعاقب. ** ما أفضل الخطوات لضبط الأسعار بالأسواق ولماذا لم تفعل الدولة الأسعار الاسترشادية على التجار؟ الأسعار الاسترشادية أقرت بالأمر الواقع فى السوق، و لكنه كان يجب أن ينظر إلى الأسعار عند العرض والطلب و التكلفة عند الانتاج والتوزيع و النقل ولكنه لم يأخذ فى الاعتبار هذه التغيرات، وهدد الوزير بالتسعيرة الجبرية، ولم يستطع تنفيذها، لأنه سيصنع سوقا سوداء تساعد على اختفاء السلع من الأسواق ينتج عنها أزمة فى السلع الضرورية. ولكنه كان يستطيع أن يقوم بتعديلات تشريعية بحيث يكون هناك حدود قصوى بالنسبة لأرباح السلع عند تاجر الجملة و التجزئة، وهذا النظام معمول به فى الدول الرأسمالية الحرة. ** لماذا لم يتم تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور حتى الآن ؟ التطبيق كان من المفترض أن يتم من الآن، و لكن بسبب اعتمادات الموازنة نحتاج إلى اعتماد إضافى، ولذلك صدر قرار جمهورى من الرئيس المؤقت باعتماد الموازنة العامة للدولة من المساعدات العربية، وعندما يتم تطبيق ذلك نستطيع أن نستعين بالحد الأقصى فى تمويل الحد الأدنى. فالاعتماد على القروض من الدول العربية هو البديل الموجود لتغطية الموازنة العامة، بينما كان المفروض استثمارها فى مشروعات، فلدينا الهيئات التى تحقق دخلا لخزينة الدولة مثل قناة السويس وهيئة السكك الحديدية والنقل العام و البترول، ولكن هذه الهيئات الاقتصادية تحقق خسائر مما جعلنا نلجأ إلى المساعدات العربية. ** هل تطبيق الحد الأدنى والأقصى سيخفض العجز فى الموازنة خلال المرحلة المقبلة ؟ العجز فى الموازنة من الممكن أن ينخفض لأن هناك اتجاهًا للاستغناء عن المستشارين فى مؤسسات الدولة وتطبيق الحد الأدنى و الأقصى، كما أن هناك خطة لتقليل دعم الطاقة للمصانع الاحتكارية مثل الحديد والأسمنت والألومنيوم، لأنها تستهلك دعما يقدر ب 66 مليار جنيه سنويا. فعند إلغائه سيؤثر كثيرا فى باب النفقات بالنسبة للموازنة العامة للدولة، ومع تطبيق الضريبة على القيمة المضافة سيزيد من الإيرادات مع الضريبة العقارية التى تطبق لأول مرة هذا العام كل ذلك يساعد على تقليل الديون و سد عجز الموازنة. ** ما تفسيرك لارتفاع الدين فى حكومة "الببلاوى" واقتراض نحو 81 مليار جنيه ؟ المديونية مرتبطة بعجز الموازنة، وعندما يرتفع العجز نضطر للجوء إلى أذون و سندات الخزانة وفى هذه الفترة تحديدًا، نجد أن الحصيلة التى تأتى من الإيرادات الضريبية ضعيفة مقارنة بباقى السنة، ولذلك يلجأ إلى الديون للتغلب على الفرق ما بين الإيرادات العامة والنفقات العامة فهذه مسألة متعلقة بالتحصيل. ** ما الخطوات المفترض أن تقوم بها الحكومة لتحقيق الاستفادة القصوى من محور قناة السويس؟ لابد من وجود تعديلات، فهذا المشروع تنموى واستراتيجى يحتاج إلى تعديلات على أساس أن التصور القديم يجعل منه إقليمًا خارج الدولة، وهذا غير مقبول، فيجب أن يكون هناك ضوابط للمشروعات المعتمدة فى المنطقة للحفاظ على الأمن القومى بحيث يكون هناك " لوجستية" تزيد دخل القناة حسب التقديرات إلى 100 مليار دولار؛ لأنه إلى الآن تدخل إلى الدولة 5 مليارات دولار سنويًا. ** ما هى رسالتك للجنة "الخمسين" للنهوض بالوضع الاقتصادى؟ لابد من الاهتمام بالهوية الاقتصادية فى مصر بالدستور، فحتى الآن لا أحد يعرف الهوية الاقتصادية والمستثمر أول المهتمين بذلك، كما يجب التوافق على كل ما يتعلق بالخطة والموازنة، ودور مجلس الشعب فى مناقشة تلك التعديلات التى تجرى دون تحميل المواطن أعباء لتحسين مستوى المعيشة. ونحتاج إلى قوانين محفزة للاستثمار تحدد الإعفاءات الضريبية التى تمنح للمستثمرين التراخيص و تخصيص الأراضى و حرية الأسعار وحدود التدخل بالنسبة للدولة عند الضرورة، كما يجب أن تكون هناك خريطة استثمارية تحدد المحافظات والأنشطة التى تناسب كل محافظة ونطرحها على المستثمرين عن طريق سفاراتنا فى الخارج، حتى نستطيع النهوض بالاقتصاد المصرى. ** لماذا لم نرى سياسة اقتصادية توضح "المعالم الاستثمارية" حتى الآن ؟ الاضطرابات السياسية والأمنية جعلت المستثمر يهرب فى ظل هذا المناخ لأنه لا يعرف ما سيأتى بعد الدستور، هل سيكون هناك تشريعات مشجعة للاستثمار، أم معوقة له بالإضافة إلى الاعتداء على الأموال وممتلكات المستثمرين، وكذلك إضرابات العمالة كل ذلك يخيف المستثمر. ** ما خطوات تجنب تفاقم أزمة الطاقة مع بداية العام المقبل؟ لا بد من وجود اتفاقيات التكرير فلدينا حصة بترول الشريك الأجنبى، ونحن نشتريها بالسعر العالمى بالإضافة إلى الحصة التى نأخذها من الاستخراج، و يجب أن يتم تصنيعهما كمشتقات لاستخراج الغاز والسولار، بدلًا من تصديرهما كمنتجات خام، وذلك للتغلب على مشكلة الاستيراد و الأزمات الداخلية. ** كيف يتم استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج ؟ الأموال التى يتم تهريبها إلى الخارج لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق أحكام نهائية أو عن طريق الاتفاق مع مكتب محاماة بهذه الدول يأخذ نسبة من الأموال عن طريق تسهيل الإجراءات، وأن يتم عمل اتفاقية ثنائية بين مصر وسويسرا أو إيطاليا مباشرة، وهكذا لكن عندما نذهب إلى اتفاقية الأممالمتحدة نحتاج إلى أحكام نهائية لاسترجاع هذه الأموال.