يأتى العاشر من محرم ( عاشوراء ) كل عام فيهتز وجدان المصريين برياح ذكرى لا تغيب عن خاطرهم أبدا … ذكرى استشهاد سيد الشهداء الحسين بن على رضى الله عنه ، فللمصريون هوى خاص بأهل بيت النبوة يحبونهم ويحفظون لهم مكانتهم العظيمة فى قلوبهم والتى يفرضها حق الوفاء لحبهم الأعظم للنبى صلى الله عليه وسلم ،فقد أثنى عليه الصلاة والسلام على أهل مصر ورأى بنور النبوة أنها ستفتح لهم وأوصاهم بأهلها خيرا فان لهم فيها نسبا وصهرا .. النسب من جهة سيدنا ابراهيم عليه السلام عندما تزوج بالسيدة هاجر وأنجب منها اسماعيل عليه السلام جد العرب والذى من نسله جاء سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم والصهر من جهة مارية القبطية التى أهداها المقوقس عظيم القبط فى مصر الى نبينا الكريم وأنجب منها ولده ابراهيم عليه السلام… وظل هذا الحب الجارف لأهل بيت النبوة يتدفق عبر الأجيال فى قلوب المصريين فهو التشيع فى دلالته على الحب لا فى دعوته للتمزق والانقسام والتنافس على الدنيا . عرفت مصر بتشيعها كما قال المقريزى منذ عام 35 هجرية ..بعد سقوط بنى أمية وقيام دولة بنى العباس ثم سقوط الأخشيديين ودخول الفاطميين مصر وبدأت الشعارات الشيعية تبرز على ساحة الواقع… ولم تستفد مصر من ولاتها الذين حكموها منذ الفتح الاسلامى قدر مااستفادت وانتفعت من الفاطميين على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية وان بناء القاهرة والجامع الأزهر لهما خير دليل على ذلك … تأتى ذكرى عاشوراء هذا العام ويستعيد المصريون اّلامها بمذاق خاص حيث تمر مصرهم الحبيبة بمحنة توظيف الدين من أجل الانتصار للهوى وغلبة الدنيا ..ومن هنا تبدأ ألام الذكرى عندما نرى الحسن بن على رضى الله عنه يأبى بشدة أن يعترف ببيعة يزيد بعد أن دعا اليها معاوية واستوثق الناس له راضين أو مكرهين …فما كان لابن الامام على وابن الزهراء وسبط النبى صلى الله عليه وسلم أن يعقد البيعة لفتى من بنى أمية ضعيف الدين صاحب لهو وشراب ليكون ملكا عضوضا وفى المسلمين صحابة أجلاء .. ومات معاوية وخرج الحسين وابن الزبير الى مكة فارين من بيعة يزيد وأخذ الناس يلتفون حول الحسين ويقدمون عليه وكثر ورود الكتب من العراق يدعونه اليهم ليبايعوه خليفة للمسلمين بعدما علموا بموت معاوية وخلافة يزيد وبعث الحسين بن على ،مسلم بن عقيل ابن عمه ليستوثق من الأمر وتسرب الخبر الى يزيد فما كانت لتهدأ أنفاس الحقد فى قلبه حتى يحول بين الحسين وبين حب الناس والتفافهم منحوله… فكتب الى عبيد الله بن زياد : اذا قدمت الكوفة فاطلب مسلم بن عقيل فان قدرت عليه فاقتله ! وقتل عبيد الله بن زياد مسلم ابن عقيل ! ولم يعلم الحسين وقد وصله منه قبل مقتله أنه قد اجتمع عليه لبيعة الحسين ثمانية عشر ألفا فانطلق الحسين الى العراق فى سبعين من أهله وفى مخيلته أن يستقبله أهلها كما استقبل أهل المدينةجده عليه الصلاة والسلام ولكم مالبث الحلم أن تبدد … لكن ..كأنما خاطب قلوبا من حجر بل قد اهتز الحجر والكون كله لكلام الشهيد! فأحاطوا به .. وقتلوا ابن بنت رسول الله ! وحزوا رأسه !!! ووضعت الرأس الشريف أمام يزيد فأخذ يعبث بها بقضيب فى يده… فبكت نساء بنى هاشم الا أن زينب أخته عقيلة بنى هاشم رضى الله عنها انتفضت فى يزيد وقالت : صدق الله يايزيد ( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذبوا باّيات الله وكانوا بها يستهزءون ) أظننت يايزيد أنه حين أٌخذ علينا بأطراف الأرض وأكناف السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا هوانا على الله وأن بك عليه كرامة ؟! وتوهمت أن هذا لعظيم خطرك فشمخت بأنفك ونظرت فى عطفك ،جذلان فرحا ،حين رأيت الدنيا مستوثقة لك !! ستعلم أنت ومن بوأك ومكنك من رقاب المؤمنين اذا كان الحكم ربنا والخصم جدنا وجوارحك شاهدة عليك أينا شر مكانا وأضعف جندا .. الظلم والكبر يا سادة .. خطيئة البشر حين يحقدون ويتناسون على من يطغون وينسون ان للارض حاكما عادلا، يعد النفس المظلومة ,المقهورة ,المغدورة بالنصرة ولو بعد حين .. كلمات تأتى قرآنا عربيا ولكن أكثرهم لا يعلمون … قلة هم أولئك الذين يتسنّمون قمم الخلود والسمو والعظمة، وقلة هم أولئك الذين ينفصلون عن آخر الزمان والمكان ليكونوا ملكاً للحياة والإنسان. أولئك القلة هم عظماء الحياة، وأبطال الإنسانية، ولذلك تبقى مسيرة الحياة، ومسيرة الإنسان، مشدودة الخطى نحوهم، وما أروع الشموخ والسمو والعظمة، إذا كان شموخاً وسمواً وعظمة، صنعه إيمان بالله، وصاغته عقيدة السماء. ظلم أصحاب التشيع فى الأرض وهم خلفاء صاحب الرسالة والأمن حفاظا عليها .. غدر بآل بيت النبوة وهم الأولى بالتبجيل من بعد الحبيب صلى الله عليه وسلم ونسى كارهوهم أنهم آل بيت رسول الله .. فظلوا يذبحون فى الارض وتحرق بيوتهم وتدك دكا ولكنهم ظلوا على العهد باقون وللوعد حافظون .. من هنا كان الخلود حقيقة حية لرسالات السماء، ولرسل السماء، ورجالات المبدأ والعقيدة… وفي دنيا الإسلام، تاريخ مشرق نابض بالخلود… وفي دنيا الإسلام، قمم من رجال صنعوا العظمة في تاريخ الإنسانية، وسكبوا النور في دروب البشرية….سلام عليكم آل بيت رسول الله اينما كنتم واينما تبعثون .. وان تعتبروا من الظلم لآية لمن يفقهون …..وإن تستقيموا يرحمكم الله ..