مستقبل وطن بالأقصر يقيم مخيمات لخدمة طلاب الثانوية العامة 2025    وزير التعليم العالي والسفير الفرنسي يتفقدان إنشاءات الحرم الجديد للجامعة الفرنسية    «إعلام القاهرة» تنظم مؤتمر «إيجيكا 2025».. ومطالب بإضافة برامج ل«الإعلام العلمي»    هل تصل للفصل؟.. تعرف على عقوبة حيازة الهاتف في لجان الثانوية العامة    الطن يسجل 29 ألف جنيه.. سعر الأرز اليوم الأحد 15 يونيو 2025 في الأسواق وقائمة السلع    النواب يناقش ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها    بدء فعاليات مؤتمر التمويل الإنمائي لتمكين القطاع الخاص    بالأرقام.. إزالة 841 حالة تعدٍ على أراضي الدولة والزراعة ببني سويف ضمن الموجة ال26    التموين تنتهى من صرف مقررات يونيو بنسبة 65%    الرئيس السيسي يؤكد ضرورة العودة إلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية برعاية سلطنة عمان    مصطفى بكري: مصر لن تقف في خندق واحد مع إسرائيل مهما كانت الخلافات المذهبية مع إيران    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    كاف يهنئ محمد صلاح: عيد ميلاد سعيد للملك المصري    إمام عاشور يجري جراحة عاجلة في الكتف قبل الالتحاق ببعثة الأهلي إلى نيو جيرسي    مجلس الزمالك يجتمع اليوم لحسم ملفات فريق الكرة    فرحة بين طلاب الثانوية العامة بالقليوبية عقب انتهاء أول يوم من الامتحانات    المشدد 7 سنوات لمتعاطي حشيش وشابو في قنا    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    ازدحام في جنازة نجل صلاح الشرنوبي... ومشاركة واسعة من المشاهير    تجاوزت ال 186 مليون جنيه.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم سيكو سيكو في مصر    حياة جديدة.. العرافة البلغارية بابا فانجا تتنبأ ب مصير أصحاب هذه الأبراج الثلاثة قبل نهاية 2025    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    «توبة».. تفاصيل ألبوم «أبو» الجديد صيف 2025... 6 أغاني تُطرح تباعًا    روبي تتألق بالأحمر في أخر حفلاتها.. وفستانها يثير الجدل    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    انعقاد المؤتمر السنوي السابع عشر لمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية 17 يونيو    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    طهران تؤكد استمرار الهجمات على إسرائيل وتصفها ب"الرد المشروع"    عراقجي: الهجوم الإسرائيلي ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر والدعم الأمريكي    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    رئيس مجلس النواب يحيل قرارات جمهورية ومشروعات قوانين للجان النوعية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    ضبط أكثر من 5 أطنان دقيق في حملات ضد التلاعب بأسعار الخبز    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    تحرير 562 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 825 رخصة خلال 24 ساعة    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    اعتماد النظام الأساسى لاتحاد شركات التأمين المصرية    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أسعار اللحوم اليوم الأحد 15 يونيو 2025    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو صابح: أربعون عاماً على الدخول الأمريكى لمصر
نشر في البديل يوم 07 - 11 - 2013

يوافق اليوم ذكرى مرور 40 سنة على يوم مفصلي فى تاريخ مصر المعاصر ، كان فاتحة عهد جديد فى سياسات مصر داخلياً وخارجياً ، وأسس لنظام شكل انقلاباً كاملاً على نظام ثورة 23 يوليو 1952 – الذى امتد فى الفترة من 23 يوليو 1952 حتى 7 نوفمبر 1973 – تم تدشين هذا الزمن الجديد خلال اللقاء المنفرد الذى جمع بين الرئيس الراحل أنور السادات ووزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر، أتى هذا اللقاء بعد العديد من الرسائل بين السادات وكيسنجر عبر محمد حافظ اسماعيل مستشار السادات للأمن القومى طوال أيام حرب أكتوبر 1973، وهى مجموعة رسائل أدت لتغيير مسار المعركة على الجبهتين المصرية والسورية وكانت بمثابة نافذة مفتوحة لإطلاع الأمريكيين والإسرائيليين على نوايا مصر وسوريا السياسية والعسكرية، ويمكن مراجعتها تفصيلياً فى كتاب "سنوات الفوران" الجزء الثانى، مذكرات هنرى كيسنجر، أو فى الملحق الوثائقي لكتاب "أكتوبر 1973 .. السلاح والسياسة" لمحمد حسنين هيكل.
كانت تلك الرسائل المشئومة هى المقدمة التمهيدية لذلك الاجتماع المنفرد.
فى يوم 7 نوفمبر كان الرئيس السادات يستقبل هنرى كيسنجر فى قصر الطاهرة للمرة الأولى وجهاً لوجه ، وفى هذا الإجتماع المنفرد بين الرجلين فوجئ كيسنجر كما كتب بنفسه فى مذكراته بالسادات وأطروحاته ،
فالسادات لم يطلب منه أن تعمل الولايات المتحدة على إنسحاب إسرائيل من جميع الأراضى المحتلة فى حرب 1967، فى إطار تسوية شاملة للصراع العربى الإسرائيلى تحافظ على حقوق الشعب الفلسطينى، بل كل ما طلبه هو إنسحاب إسرائيلى من ثلثى سيناء حتى خط العريش – رأس محمد، وبهذا خالف السادات الموقف العربى الثابت منذ حرب 1967 ،وحتى هذا المطلب رغم سرور كيسنجر به، رفضه كيسنجر قبل الرجوع للإسرائيليين ،والسادات يصارح كيسنجر ان حصار الجيش الثالث ليس جوهر المسألة وخطوط 22 أكتوبر 1973، لا تصلح للنقاش بين صانعى سياسة مثله هو وكيسنجر، أن السادات راغب بشدة فى عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة ،وهى العلاقات التم قطعها بين مصر والولايات المتحدة عقب حرب 1967 ،وإثر الدور الأمريكى الواضح فى الحرب تخطيطا وتنفيذا، وإثر هذا القرار المصرى، قطعت معظم الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية بالولايات المتحدة ، وتم خروج 62 ألف أمريكى من الوطن العربى، فى مشهد مهين لهيبة وكرامة الولايات المتحدة الأمريكية، وهاج الرئيس الأمريكى جونسون، معتبرا ما حدث صفعة لمكانة الولايات المتحدة، وتحريض شرير من الرئيس عبد الناصر، وطوال الفترة من 1967 وحتى 1973، حاولت الولايات المتحدة العمل على عودة العلاقات الدبلوماسية المصرية الأمريكية دون جدوى، لإصرار مصر على أن تلزم الولايات المتحدة إسرائيل بالإنسحاب من الأراضى العربية قبل تلك الخطوة.
والأن يقوم السادات وبعد حرب ضارية اهتزت فيها ثقة إسرائيل وتم كسر جيشها بتقديم هذا العرض المجانى، اغتبط كيسنجر لذلك وفى ذهنه ما هو أبعد وأهم ، فعودة العلاقات الدبلوماسية المصرية الأمريكية تفتح الباب لعودة علاقات أمريكا بكل دول العالم العربى، ويبلغ السادات كيسنجر أنه قرر أن يرفع مستوى التمثيل الدبلوماسى فورا من قائم بالأعمال إلى سفير بالنسبة لمصر والولايات المتحدة، وكل ذلك بدون مقابل، ولم يكتف السادات بذلك بل يبلغ كيسنجر أنه ينوى تصفية ميراث سياسات الرئيس جمال عبد الناصر وتوجهاته القومية، وسيعمل على طرد السوفيت من الشرق الأوسط، ويقول لكيسنجر لقد كانت حماقة وطيش من عبد الناصر محاولاته الدائمة لإبتزاز الأمريكان وتحقيق أهداف مصر من خلال محاربة السياسة الأمريكية فى العالم العربى وعلى امتداد العالم، وإن مصر خاضت ما يكفيها من حروب وتتطلع إلى السلام.
يسجل كيسنجر فى مذكراته تلك الكلمات عن السادات (أنه يمثل لى أفضل فرصة لكى نقلب المشاعر والإتجاهات العربية والمواقف العربية تجاه إسرائيل، وهى أفضل فرصة تتاح لدولة إسرائيل منذ قيامها).
يقول كيسنجر أنه هو الذى أوحى للسادات أن المشكلة بين مصر وإسرائيل هى مشكلة نفسية، نتجت عن عدم ثقة إسرائيل بنوايا مصر وخوفها على أمنها، وأن يجب على مصر أن تعطى إسرائيل الإحساس بالأمان، وكالعادة يوافقه السادات ويصارحه أن المشكلة الأساسية نجمت من رفض عبد الناصر الإعتراف بالهزيمة عام 1967 ، وإصراره على الحل العسكرى للصراع مما كلف مصر الكثير، ويتفق الطرفان فى نهاية الإجتماع على مشروع ( النقاط الست ) الذى يعترف كيسنجر فى مذكراته أنه من وضع رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير ونص على التالى:
1 – توافق مصر واسرائيل على الاحترام الدقيق لوقف اطلاق النار الذى أمر به مجلس الأمن.
2 – توافق مصر وإسرائيل على البدء فورا فى تسوية مسألة العودة إلى مواقع 22 أكتوبر فى إطار الاتفاق على فض الاشتباك والفصل بين القوات تحت رعاية الأمم المتحدة.
3 – تتلقى مدينة السويس يوميا امدادات من الطعام و الأدوية ، وجميع الجرحى والمدنيين فى مدينة السويس يتم ترحيلهم.
4 – يجب ألا تكون هناك عقبات أمام وصول الامدادات غير العسكرية إلى الضفة الشرقية للقناة ( سيناء )
5 – تستبدل نقاط المراقبة الإسرائيلية على طريق السويسالقاهرة بنقاط مراقبة من الأمم المتحدة، وفى نهاية طريق السويس يمكن لضباط اسرائيليين الاشتراك مع الأمم المتحدة فى الاشراف على الامدادات غير العسكرية الى تصل إلى شاطئ القناة.
6 – بمجرد تولى الأمم المتحدة نقاط المراقبة على طريق السويسالقاهرة ، يتم تبادل جميع الأسرى والجرحى عندما سمعت جولدا مائير بنبأ الاتفاق قالت ( ان هذا الاتفاق هو انجاز خيالى، وشئ لا يصدق، يفوق كل ما توقعته اسرائيل) بالطبع قالت ذلك لكيسنجر وليس للعالم بموافقة السادات على هذا الاتفاق يكون قد قدم تنازلات جوهرية غير مفهومة للجانب الإسرائيلى.
لقد اعترف رسميا بحصار الجيش الثالث المصرى وهو أمر كانت تروج له اسرائيل فى العالم كدليل على انتصارها فى نهاية الحرب، وتنازل دون مبرر عن شرط عودة اسرائيل إلى خطوط 22 أكتوبر 1973 ، رغم أن قرارات مجلس الأمن الدولى، وضمانات القوتين العظميين تضمن له ذلك.
وافق السادات على اطلاق سراح الأسرى والجرحى الاسرائيليين، كان من ضمنهم 36 طيار اسرائيلى أسقط الدفاع الجوى المصرى طائراتهم خلال حربى الاستنزاف و1973 ، و أخذوا أسرى أحياء كتنازل دون مقابل من مصر وبهذا خسر ورقة تفاوضية هامة للضغط على الاسرائيليين، والأدهى من ذلك أن السادات وافق على طلب كيسنجر بأن تخفف مصر الحصار البحرى على مضيق باب المندب ولكنه طلب من كيسنجر ابقاء الأمر سرا حتى لا يضر بموقفه أمام العرب.
وفى يوم 13 ديسمبر 1973 يصل كيسنجر إلى مصر للقاء الرئيس السادات مرة أخرى لكى يحصل على موافقته على انعقاد مؤتمر جنيف الدولى.
كان غرض كيسنجر من المؤتمر أن يكون مظلة للقاء سياسى مباشر بين مصر و إسرائيل، وأن يدعى للمؤتمر كل الدول العربية المحيطة باسرائيل، ولكن مصر تتعهد بحضور المؤتمر حتى لو رفضت الدول العربية الحضور، أن يتفاوض العرب مع اسرائيل منفردين، مصر واسرائيل، سوريا واسرائيل، الأردن واسرائيل، وليسوا مجتمعين فى وفد موحد، الفلسطينيون لن يدعوا لحضور المؤتمر وسوف يتم بحث حضورهم فى ترتيبات لاحقة!
وفى نفس الاجتماع طلب كيسنجر من الرئيس السادات العمل على انهاء الحظر البترولى الذى فرض على الولايات المتحدة ، وكالعادة وافق الرئيس السادات على كل طلبات كيسنجر.
الغريب فى الأمر أن الرئيس السادات بدأ مفاوضاته للسلام قبل أن يتم فك الاشتباك، ورفع الحصار عن الجيش الثالث المصرى، الذى تسبب قراراه بقبول وقف اطلاق النار فى 22 أكتوبر بتشديد الحصار عليه، رغم أن القادة العسكريين المصريين قاموا بوضع خطة عسكرية سميت (الخطة شامل) ، لتصفية الثغرة وإبادة القوات الاسرائيلية الموجودة بها، حتى يزيلوا ما أعتبروه إهانة للعسكرية المصرية وتضحياتها فى المعركة، وحتى يرفعوا عن المفاوض المصرى حرج التفاوض وجيشه الثالث محاصر، ومما دعم خطتهم وصول امدادات عسكرية جديدة لمصر من الاتحاد السوفيتى والعرب تكفى لنجاح الخطة، ولكن السادات طلب منهم الانتظار ورفض التصديق على تنفيذ الخطة.
رفض السوريون حضور مؤتمر جنيف قبل فض الإشتباك على الجبهات القتال، كما رفضوا إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بينما وافق السادات على حضورالمؤتمر الذى شهد أول مفاوضات سياسية مباشرة بين العرب وإسرائيل والجيش الثالث المصرى محاصر، ومدينة السويس محاصرة.
حقق مؤتمر جنيف مكسبا هاما لإسرائيل تمثل فى حدوث أول لقاء سياسى مباشر وعلنى بين العرب و إسرائيل، كما تم من خلاله عزل الدور السوفيتى فى تسوية الصراع، كما زاد من الخلافات بين مصر وسوريا، وأدى إلى توجس الفلسطينيين مما يتم خلف ظهورهم وفى قضية فى الأساس خاصة بهم وببلدهم المحتل.
مرة أخرى يعود كيسنجر إلى مصر لمقابلة الرئيس السادات فى إستراحته بأسوان لبحث بنود اتفاقية فك الإشتباك الأول على الجبهة المصرية.
وفى 18 يناير 1974 يتم الإتفاق على بنود اتفاقية فك الإشتباك الأول على الجبهة المصرية، التى نصت على:
سحب كل القوات المصرية والأسلحة المصرية التى عبرت إلى سيناء ماعدا 7000 جندى، و30 دبابة.
وبالنسبة للمدفعية والصواريخ تم الاتفاق على الا توجد قطع مدفعية باستثناء مدافع مضادة للدبابات ومدافع مورتار وما لايزيد عن 6 بطاريات من مدافع هاوتزر طراز 122مللم، وبحيث لايزيد مداها عن 12 كم.
وبخصوص الطيران تم الاتفاق على الا تكون لدى أى طرف أسلحة قادرة على إعاقة قيام كل طرف بالطيران فوق مواقع قواته، وألا تقام مواقع صواريخ ثابتة فى كل مكان.
كان هذا الاتفاق هو السبب الذى دعا الفريق الجمسى للبكاء على رؤوس الأشهاد فى إجتماع الوفود فى فندق كتراكت القديم فى أسوان، وكان تعليقه: ( لقد عبرنا إلى هناك بقوة جيشين، 150 ألف رجل و1200 دبابة و 2000 قطعة مدفعية ، والأن هل يعقل ألا أستبقى من كل هذه القوات إلا هذا؟!! ).
فى نفس الوقت وقبل أن يسافر كيسنجر طلب من الرئيس السادات مرة أخرى أن يبذل مساعيه لرفع الحظر البترولى العربى عن الولايات المتحدة ، كما طلب منه أن يسرع فى تعمير مدن القناة وإعادة سكانها المهجرين كدليل على حسن النوايا تجاه إسرائيل، وعدم إستعداد مصر لإستئناف القتال مرة أخرى ضد إسرائيل ، وليؤكد للإسرائيليين أجواء السلام.
وكأن كل ما حصل عليه كيسنجر وما حصلت عليه إسرائيل من تنازلات لم يكن كافى للطمأنينة، حتى بعد تبديد جهود الأمة العربية والشعب المصرى الذى حقق معجزة العبور، لينتهى الأمر بموافقة السادات على 30 دبابة و 6 بطاريات مدفعية و7000 جندى لحماية النصر العسكري العظيم .
وفى 18 مارس 1974 وإثر ضغوط الرئيس السادات على الدول العربية خاصة السعودية تم رفع الحظر البترولى العربى على الولايات المتحدة، ووافق الرئيس السورى حافظ الأسد مضطرا على ذلك مقابل أن يتم فك الإشتباك على الجبهة السورية، وهو ما تحقق فعلا فى 31 مايو 1974 .
استقالت جولدا مائير من رئاسة الوزراء فى إسرائيل، وتولى خلفا لها إسحاق رابين وفى أول زيارة له إلى واشنطن عقب توليه منصبه، طلب أن يتم فصل عملية التسوية على الجبهتين المصرية والسورية عن بعضهما، فإسرائيل تسعى للإستفادة من مرونة الرئيس السادات، والوصول معه لمعاهدة سلام منفردة، بعيدا عن المسار السورى، وترى أن الظروف مواتية لذلك، لذا فهى تطلب من الإدارة الأمريكية فصل المسارين، ويستأنف كيسنجر رحلاته المكوكية إلى المنطقة، ويواصل الحصول على تنازلات لصالح إسرائيل على حساب الحقوق العربية.
فى 22 سبتمبر 1975 يتم التوقيع على إتفاق فك الإشتباك الثانى على الجبهة المصرية، والذى جاء أشد وطأة من الإتفاق الأول لفك الإشتباك، حيث تعهد فيه الرئيس السادات:
بقبول صلح منفرد بين مصر وإسرائيل.
بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لإخراج الاتحاد السوفيتى من أفريقيا وليس من العالم العربى وحده.
كما وافق الرئيس السادات على ألا تعترف إسرائيل و لا تتصل بمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا إذا قامت المنظمة بالإعتراف مسبقا بقرارى مجلس الأمن 242 و383 ، وهو مايعنى أن الفلسطينيين سيتخلوا عن مطالبهم التاريخية فى كامل أرض فلسطين ، ويتفاوضوا على حدود 1967 فقط.
كما تعهد السادات أن تمتنع مصر عن أى أعمال عسكرية أو شبه عسكرية فى تعاملاتها مع إسرائيل.
كما تعهد أن تبدأ عملية تقليص المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل تدريجيا ،بوصول القوات الإسرائيلية إلى المرتفعات الشرقية لمضايق سيناء، أبلغ رابين وزير الخارجية الأمريكى كيسنجر بعد توقيع بنود الاتفاق، أن إسرائيل لن تنسحب خطوة أخرى واحدة للوراء إلا بتوقيع معاهدة سلام كاملة بينها وبين مصر، وقد أصبح الطريق أمامها ممهدا لذلك لأن رهان الرئيس السادات على الحل السلمى وعلى أن 99 % من أوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة الأمريكية ، لم يترك أمامه بديلا أخر.
المؤسف أن رهانات الرئيس السادات لم تؤثر فقط على مصر ، بل أضاعت فرص الوصول لتسوية شاملة ونهائية للصراع العربى الإسرائيلى على كل الجبهات.
كان ذلك الاجتماع المنفرد المشئوم منذ أربعين عاماً مضت هو نقطة الانطلاق لدخول الأمريكيين لمصر مجدداً، ترتب على تعهدات الرئيس السادات لكيسنجر يومها كل ما عانينا منه، وما زلنا نتحمل تبعاته حتى الأن، أهدر السادات تضحيات الرجال، ودماء الشهداء التى حققت النصر العسكرى العظيم، هدم السادات مشروع ثورة 23 يوليو النهضوى، أطلق غول التطرف الدينى فى المجتمع المصري، دمر قيم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص التى حرص عبد الناصر على تطبيقها، فكك القاعدة الصناعية الضخمة التى ورثها عن سلفه، فتح الأسواق المصرية للمنتجات الغربية، قزم دور مصر فى العالم العربي وأفريقيا، كان هو المؤسس وواضع بذرة النظام الذى حكم مصر منذ ذلك اليوم الأسود حتى تنحى خلفه مبارك عن السلطة فى 11 فبراير 2011، النظام الذى جعل للولايات المتحدة الأمريكية نفوذاً مطلقاً فى شئون السياسة المصرية داخلياً وخارجياً.
لن تتحرر مصر، ولن تتحقق أهداف ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، إلا باسقاط كل خيارات السادات فى ذلك اليوم الكئيب، لتعود مستقلة الإرادة والقرار، منفتحة على كل القوى بالعالم، ترى مصالحها بعينيها الأثنتين وليس بعين واحدة لا تبصر سوى ما يريده الأمريكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.