ممتاز شاب أثيوبي يسكن نيويورك ،يتسم بالبشرة السمراء ويرتدى الملبس التى يعتاد المسلمون ارتداءه "الجلباب والطاقية " ويحمل مسبحته فى يده ويخرج فى أوقات الصلاة يسلك الشوارع الخطرة ليقيم فرضه فى مسجد من مساجد الله … تدرس له فى الجامعة تلك الأستاذة اليهودية ،التى كلما رأته سبته ونظرت إليه بازدراء ونفرت منه واتهمته بأنه إرهابي مسلم جاء إلى أمريكا ليغتصب تلك البلاد التى هى حق لهم معشر اليهود والأمريكان ….ولها الحق كل الحق فهى لم ترى من الإسلام إلا الإرهاب وسفك الدماء ما علينا .. كان ينظر إليها ممتاز ويسكت ويومئ برأسه مبتسما، موقنا أنها امرأة كبيرة فى السن لا تعلم شيئا عن أصول وتعاليم الإسلام التى لوثها البعض وأساء إليها الآخر وحرف تعاليمها أصحاب اللحى والجلباب كما أنها معلمته التى لها عليه حق الاحترام والتبجيل … استمرت المعلمة فى نهجها وثبت "ممتاز "فى نهجه, إلا أنه عندما كان يمر يوما فى الحرم الجامعى رأى ممتاز شابا يضرب معلمته وعندما ركض خلفه لم يلحق به ورآها ملقاة أرضا تنزف دمائها فحملها إلى المستشفى وما أن استفاقت حتى ظلت تسبه وتلعنه "يا مسلم .. يا أسود .. يا إرهابي " ويظل "ممتاز " لا ينطق حتى دخل الطبيب المعالج وقال لها إنه لولاه لكانت ماتت … تسمرت عينا المرأة من الخجل والصدمة حتى أنها لم تستطيع شكر الرجل على ما فعله ! جاء رمضان ودق باب "ممتاز" وإذا بها معلمته تأتيه بالطعام وتخبره أنها تعلم أنه رمضان وأنهم يصومون ويمتنعون عن الطعام وأنها أتته بإفطاره وستأكل معه حتى لا يخاف أن تكون قد دست له شيئا فى الطعام .. رحب ممتاز وأثناء تناول الطعام سألته : كيف له أن يعاملها بتلك السماحة رغم قسوتها ووقاحتها معه وكيف ظل يبادرها بالاحترام رغم كل ما كانت تفعله به ؟! ورد "ممتاز" : أنها سماحة الإسلام .. دين المعاملة فتابعته بالسؤال : ذلك الدين الذى اعتنقته فمن أين لك بالاجتماعيات ؟ّ! من أين تعلمتها ؟! فكان رده : أنه المعاملة .. دين الإسلام ….. فهى معلمته ولها عليه حق التقدير والاحترام .. وهى مبجلته التى تسقيه العلم وأن الإسلام يري المعلم من العلماء اللذين يساوون الأنبياء فوجب لهم التقدير ووجب عليهم توصيل الرسالة ..فلاحقته بالسؤال : وكيف ترجمت تلك العقيدة فى الواقع ومن أين لك بها ؟! فكانت أجابته : فى الجامعة .. !! فذهلت وسألته :أى جامعة ؟! فلحقها بالرد : أنها "جامعة الأزهر " .. "الأزهر " الذى تعلم منه طالب أثيوبي كيف يحترم معلمه أيا كانت جنسيته وهويته وديانته فى كل زمان ومكان .. استمعت معلمته وأكلت ثم تركته ورحلت وبعد شهور طرق بابه محاميها يبلغه بوفاتها وبتركها وصية .. رسالة مكتوبة وبيت تمتلكه أوصت به له .. تركت له بيتا فى أمريكا! حققت له أحد الأحلام الأمريكية "اقتناء بيتا" .. ياالله حققت سماحة الإسلام حلما أمريكيا !! وأما الرسالة فكان فحواها .. انها عرفت السماحة منه وتعلمت حسن المعاملة من ديانته وأسلمت فطرقت باب جامعته لتتعرف عن ماهية الإسلام وتعاليم الأزهر وكيف أنها عرفت وعلمت أن الإسلام الحق لم ينتشر في بلدان العالم .. بالسيف ، بل استمر قروناً في بلدان لم يخض المسلمون فيها معركة واحدة،بل استمر بالفكر السمح والقدوة الحسنة وخُلق الرحمة والصدق والعدالة واحترام إنسانية الآخرين. وكيف أنه سالم من سالموه، وحض على احترم الأديان السماوية وعاش الى جانب المسيحية في مهدها في المشرق ، وحمى اليهود في الأندلس من غلو الأسبان، وواجه حروب الفرنجة ولم يتوقف عند معناها الديني وتجاوزها… سعت الأستاذة الجامعية اليهودية لتتعلم وترى ماهية "الأزهر " الجامع والجامعة التى استقطبت طلبة العلم من كل أرجاء العالم .. سعوا إليها حبا وكرامة لكونها المنارة فى الشرق فما بخلت بما تملك عند رحيلها لمن أرشدها الطريق .. "ممتاز" .. اللذى ظل يحمل امتنانه لجامعته التى أفرزت قامات فى كل العالم أسهمت فى نهضة البشرية.. كما أفرزت "ممتازا"الذى نشر دعوة أساسها التسامح أساسه الخلق لا يدرس فى أى جامعة ذلك هو الأزهر اللذى رأه الغرباء ولم يحترمه ويقدسه مالكوه .. فتعلموا من الغير لعل ذلك العلم يفيدكم يوما فتعرفوا قدر ما تملكون وأن تستقيموا يرحمكم الله