* الصحيفة الامريكية مصر تنصلت من تهديد استدعاء السفير .. بعد إذاعته في التليفزيون الرسمي * الأزمة أظهرت رؤية إسرائيل لمدى أهمية الحفاظ على السلام مع مصر .. وبن اليعازر : لابد من بذل الجهد هذا لم يعد عصر مبارك ترجمة – شيماء محمد : قالت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن وزير الخارجية المصري ، محمد كامل عمرو ، يوم الاثنين إن سحب السفير المصري لدى إسرائيل ”لم يكن أبدا مطروحا على الطاولة” ، مؤكدا إنكار الحكومة لقرار التهديد الذي ولد تأييدا شعبيا على نطاق واسع في مصر ولكنه وضع الحكومة تحت ضغط دبلوماسي مكثف للتراجع عنه . وكانت الدعوة لسحب السفير ، قد أعلنت في البداية على شاشة التلفزيون ونشرت لفترة وجيزة على الموقع الالكتروني لمجلس الوزراء على الانترنت يوم السبت بعد أن تم قتل 5 جنود بطريق الخطأ من قبل القوات الإسرائيلية أثناء مطاردة المسلحين الذين شنوا هجوما عبر الحدود ومن ثم هربوا إلى مصر, . تسببت أعمال القتل هذه في أخطر أزمة دبلوماسية بين مصر وإسرائيل منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد التاريخية قبل ثلاثة عقود ، مما دفع الدبلوماسيون من الدول الأخرى إلى التدافع والإسراع لإقناع كلا الجانبين لتهدئة التوترات . بحلول يوم الاثنين ، كان المسئولون في كلا البلدين يحاولون استيعاب الدروس من إعادة ترتيب المشهد السياسي في المنطقة بعد الثورة المصرية .. بالنسبة لمصر ، كان المسار يشير إلى أن مسار حكومتها الجديدة قد يستغرق وقتا من الجهود لتحقيق التوازن بين المشاعر العامة المعادية لإسرائيل مع الرغبة في الحفاظ على المصداقية مع الغرب والسلام على حدودها : جهود محرجة ، وفى هذه الحالة غير متماسكة ، لتلبية كلا المصلحتين . بالنسبة للكثيرين في إسرائيل، أكد على قيود جديدة على قدرة إسرائيل على المناورة وعزلتها الإقليمية المتزايدة. وقال اودين اران ، مدير معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب ، والسفير السابق لدى الأردن , ” نحن نرى تدهور التوازن الاستراتيجي لإسرائيل ، ومعظمه نتيجة ما حدث في مصر” . وطبقا لنيويورك تايمز كانت الأزمة قد اندلعت يوم الخميس، عندما قالت إسرائيل إن مسلحين تسللوا عبر الحدود من غزة إلى مصر ثم قاموا بهجمات قرب منتجع ليلات الإسرائيلي مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص. وقامت قوات الأمن الإسرائيلية بإطلاق النار على المهاجمين الذين فروا إلى مصر ، وبطريق الخطأ تم قتل ثلاثة ضباط مصريين . وأدى مقتل الضباط المصريين إلى تدفق الغضب في مصر ، في حين أن إسرائيل شكت من تدهور الأمن في شمال سيناء. وردت مصر بالتهديد بسحب سفيرها ، ولكن سرعان ما تم سحب هذا التهديد من على موقع الحكومة الالكتروني ، مما أدى إلى تقارير متضاربة وتفسيرات لنوايا مصر . وجاءت الكلمة الأخيرة في هذا الشأن من السيد محمد عمرو يوم الاثنين عندما قال, وهو يغادر مؤتمر صحفي مخصص لليبيا , ” إن هذا لم يكن أبدا مطروحا على الطاولة , انظروا إلى البيانات الرسمية .” وتقول الصحيفة الأمريكية في الواقع ، التصريحات الرسمية لم تذكر تهديد استدعاء السفير . يذكر إن التليفزيون الرسمي ظل لفترة طويلة يؤكد على سحب السفير فيما لاذت المصادر الحكومية بالصمت التام وفي هذا السياق اتهم بعض المصريين الحكومة بمحاولة كسب التأييد الشعبي من خلال مناشدة الجمهور العداء لإسرائيل ، مع الحفاظ على مكانتها مع الغرب من خلال عدم الإخلال بالوضع الراهن الذي أقره الرئيس حسني مبارك منذ ما يقرب من 30 عاما . وقال الدكتور محمود سالم ، وهو مدون مصري يكتب تحت اسم Sand monkey , إنه بيزنس كالمعتاد” ، وأضاف , أن القيادة تختار إرضاء الشعور العام عن طريق قليل من العبارات الغاضبة ، ثم تترك الأمر يمضى ” من جانبه ، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي ، ايهود باراك ، بيانا نادرا للأسف ، مما يشير إلى رؤية إسرائيل لمدى أهمية الحفاظ على السلام مع مصر ، والذي كان بمثابة حجر الزاوية في سياستها الإقليمية على مدى عقود . حتى أكثر قليلا من عام مضى ، قال السيد اران ، أن إسرائيل لديها تحالفا قويا مع تركيا وعلاقات مستقرة مع مصر تحت حكم مبارك ، الدكتاتور غير المحبوب في مصر والذي رغم ذلك حافظ على سلام بارد. وهناك حليف آخر وهو ملك الأردن , وحتى سوريا ، في حين أنها معادية ، قدمت استقرار يمكن الاعتماد عليه . اليوم ، كل هذه الركائز لأمن إسرائيل تم تقويضها ، في بعض الحالات بشكل جدي وخطير . وقال بنيامين بن اليعازر , وزير الدفاع السابق الذي كان مقربا للرئيس المصري المخلوع ، إلى راديو إسرائيل يوم الاثنين ” إسرائيل يجب أن تبذل كل جهد من اجل تخفيف التوترات في العلاقات مع مصر، مهما كانت صعوبة الوضع” , وأضاف ” إن الوضع مع مصر مختلف.. هذا لم يعد عصر مبارك ”. في حين أن المسئولين المصريين ظلوا صامتين إلى حد كبير على التوترات مع إسرائيل وعلى قرار التراجع عن التهديد الدبلوماسي ، فإن الحكومة أبدت استعدادها للعمل مع إسرائيل لاستعادة الهدوء في المنطقة . بعد الهجوم الذي وقع قرب ليلات يوم الخميس ، ردت إسرائيل على غزة بغارة جوية مميتة , قتلت فيها 14 شخصا. وورد نشطاء في غزة على ذلك بإطلاق صواريخ على إسرائيل مما زاد من حدة التوتر . لكن مصر ضغطت على حماس لوقف إطلاق الصواريخ. ويوم الاثنين ، أعلن مسئولون مصريون عن خطط لتطوير منطقة سيناء التي على الحدود مع إسرائيل ، وجزء منها يتم النظر إليها على أنها خطة أوسع نطاقا لمحاولة استعادة النظام إلى منطقة قال عنها مسئولون إسرائيليون، إن الفوضى فيها تم استغلالها من قبل الإرهابيين . في حين أن هذه الجهود الدبلوماسية هدأت الأزمة ، فأنها تخاطر بالتعرض لنفور الجمهور المصري، والذي لم يدع فقط لاستدعاء السفير ، لكنه طالب أيضا بطرد السفير الإسرائيلي . وقال أحمد حمزاوي ، 28 عاما ، واحد من الكثيرين الذين انضموا للاحتجاجات خارج السفارة الإسرائيلية , ” اعتقد أنه طالما أن المجلس العسكري في السلطة , لن يتم تلبية مطالبنا ، انطلاقا من ما يقومون به” . وقال متظاهر آخر ، كريم المصري , 26 عاما ، وهو مصمم جرافيك ، ” مطلبنا مراجعة دبلوماسية مصر مع إسرائيل بالطريقة التي تتماشي مع مصر بعد ثورة 25 يناير ” ولكن كان هناك أيضا شعور بأنه في حين أن مصر قد تراجعت ، فأنها أظهرت الديناميكيات الجديدة في المنطقة. قال فهمي هويدي ، وهو كاتب عمود في صحيفة الشروق المستقلة , ” شيء واحد هو واضح , وهو أن إسرائيل تلقت رسالة لم تعتاد عليها من الحشود المصرية الغاضبة. محاولات إسرائيل السريعة لمحاولة احتواء الموقف يظهر حرصها على عدم استفزاز النظام المصري الجديد ، أو التصعيد معه ”. وأشار محللون آخرون إلى أن وجود بضعة آلاف من المحتجين خارج السفارة يمثل ضغوط لا يمكن مقاومتها لتمزيق معاهدة سلام عمرها 30 عاما .