الظهور الوحيد لمبني ماسبيرو في الأحداث الساخنة التي شهدتها مصر خلال الأيام الثلاثة الأخيرة كان من خلال وزير إعلام مصر الثورة أسامة هيكل الذي تلا بيان مجلس الوزراء أمام الكاميرا ثم عاد هو وزملاءه في المجلس لمتابعة مسلسلات رمضان وفوازير فطوطة التي يعيد ماسبيرو عرضها لضيق ذات اليد. المبني الضخم المطل على نيل القاهرة يأبي رجاله أن تدخله الثورة المصرية، ربما نحن في حاجة لأحمد الشحات من جديد كي يتسلق عليه ويرفع علم مصر حتى يدرك العاملون به أنهم يعبرون عن الدولة التي يعملون بها وأنهم ليسوا رعايا دولة ماسبيرو التي لا يهتمون إلا بشئونها . الناس وهي تتابع الجزيرة لم تتوقف عن السؤال بلسان من يتحدث التلفزيون المصري، وكان الرد الساخر ” يتحدث بلسان العصفور” فمن يقيمون داخل ماسبيرو لا يريدون التدخل في شئون مصر. في التلفزيون المصري – إلا من رحم ربي- لا يهتمون سوى باللائحة، لو حصلوا على لائحة كريمة في العلاوات والحوافز سيهدأون وربما يهتموا بما يجري على أرض مصر، في ماسبيرو عشش الفساد والكسل والإهمال وبات وصول الثورة مستحيلاً. لهذا لا تتعجب عندما تستمر بعض قيادات المبني العتيق المحسوبة على أمن الدولة طوال الشهور السبع التي تلت الثورة المصرية وعندما يطيح بها أسامة هيكل يعطيها لقب المستشار وكأن خروج هؤلاء إلى المنزل – دون محاسبة- ليس كافيا كي يحمدوا ربهم بالنجاة من طوفان سجن طره، وكأن المفروض أن لا تنقطع علاقتهم بالمبني الذي قطعوا هم علاقاته بشعب مصر وحولوه إلى جزيرة مستقلة تأتمر بأوامر لجنة السياسات وأمن الدولة، وتفسد عقول وأخلاق جيل كامل من المصريين . أين كان رئيس قطاع الأخبار والمسئول عن قناة النيل للأخبار عندما كانت الجزيرة مباشر مصر تنقل ما يحدث أمام السفارة المصرية لحظة بلحظة، هل عجز التلفزيون المصري عن التحرك السريع ولو من خلال شريط إخباري متواضع؟ ، لماذا تظاهر هؤلاء بأنهم عادوا إلى رشدهم أم أنهم يغطون تظاهرات ميدان التحرير فقط حتى يؤكدون أن الكذب لم يعد حصري على التلفزيون المصري، لكن هدأ الميدان فعاد ماسبيرو إلى ثباته العميق. لن تبدأ مصر نهضتها دون إعلام حقيقي رسمي كان أو خاص يعبر عن تطلعات واهتمامات هذا الشعب، هذا هو الدرس فاحفظوه جيدا، ولا يغرنكم أي تغييرات تجري في ماسبيرو، من يدخل هذا المبني من الداخل يعرف أن طريق الإصلاح لازال مغلقا وكل من نسمع عنه من احلال وتبديل في مجلس الأمناء ما هو إلا ديكور لحكومة لا تريد أن تكون ثورية رغم كل المغريات التاريخية التي يوفرها لها المصريون، ولن يتطهر الإعلام الخاص إلا إذا شعر مموله أن التلفزيون المصري عاد بقوة لسان حال هذا الشعب، لكن طالما ماسبيرو في المؤخرة ستظل القنوات الخاصة تخدع المشاهد المصري بأنها تعبر عنه لا عن جماعات المصالح التي تحكمها وتنفق عليها رغم الخسائر التي طالت هذا السوق بعد الثورة. الآن مطلوب من ثوار ماسبيرو الشرفاء الذين طلبوا اعلان الحداد الرسمي على شهداء سيناء ولم يستجب لهم أحد أن يعودوا من جديد للتحرك ويتضامن معهم كل شرفاء مصر من أجل تطهير هذا المبني من كل فلول النظام السابق ومن أجل أن يعود هذا المبني للشعب ووقتها سيستحق العاملون به أن يطالبوا بأجورهم التي يحصلون عليها من جيوب من لم يعبروا يوما عنهم لا قبل الثورة ولا حتى بعدها.