أطلق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مساء الخميس، تقريرًا بعنوان «حصار الحقيقية»، قدم من خلاله رصدا وتحليلا لنمط الانتهاكات بحق الإعلاميين الميدانيين المضطلعين بتغطية الأحداث والمواجهات التي شهدتها البلاد، منذ انتفاضة الشعب المصري في 30 يونيو حتى نهاية أغسطس من العام الحالي. جاء التقرير في 45 صفحة، وأكد أنه في الماضي كان الإعلاميون المصريون يواجهون التضييق من قوات الأمن الحكومية، إلا أنهم يواجهون الآن تهديدات من جهات أخرى أيضًا، تشمل مؤيدي جماعة الإخوان، ومؤيدي الحكومة المؤقتة، بل يذهب التقرير إلى أن السلطات الانتقالية وجماعة الإخوان جمعهما قاسم مشترك، هو تحميل الإعلام مسئولية إخفاقاتهم السياسية، وما اقترفه كل منهما من انتهاكات خلال إدارة الفترة الانتقالية. وقال التقرير إن نتائج التحليل الكمي تُظهر أن القدر الأكبر من وقائع الانتهاكات تحمل مسئوليته جماعة الإخوان ومناصريها «85 حالة انتهاك»، لكن التحليل الكيفي لأنماط الانتهاكات يُظهر أن أكثرها جسامة وعنفا تم بواسطة قوات الأمن والجيش، خاصةً فيما يتعلق بأعمال القتل التي طالت أعدادًا من الإعلاميين المصريين والأجانب، حيث ثبت تورط قوات الأمن في واقعتين على الأقل، فضلاً عن إجراءات الاحتجاز التي استهدفت العشرات من الإعلاميين «40 حالة»، بينما ما زال 13 شخصًا منهم رهن الاحتجاز حتى الانتهاء من إعداد هذا التقرير. وأكد مركز القاهرة أن إخفاق الحكومة المؤقتة في وضع حد للاعتداءات على الإعلاميين وتخفيف القيود على الإعلاميين والمراسلين الأجانب لا يقتصر أثره على حرمانهم من العدالة، لكنه أيضًا يزرع في الوسط الإعلامي ككل شعورًا بالخوف من اعتداءات أكثر وأخطر، ويعزز من ثقافة الرقابة الذاتية. ورغم أن التقرير لم يرصد أو يقيم مؤشرات حول مدى مهنية وسائل الإعلام المختلفة في الفترة الراهنة، فإن المركز لاحظ – بقلقٍ بالغ – أن الضغوط على حريات التعبير والإعلام مرشحة للتعاظم، في ظل مناخ سياسي يسوده الاستقطاب الشديد، وتتبدى فيه من جانب بعض النخب السياسية وأقسام الجماعة الصحفية والإعلامية المناوئة لجماعة الإخوان أو الإسلام السياسي عمومًا، نزعات تميل إلى التحريض ضد الخصوم والثأر منهم، وغض الطرف عن الانتهاكات التي تنالهم، الأمر الذي يُمهد لترسيخ بيئة سياسية تتعايش مع أنماط انتهاك حريات الرأي والتعبير والإعلام، وتعجز بعد وقت قليل عن بناء التحالفات الواجبة للتصدي لاحقًا لاعتداءات أوسع على حرية التعبير والإعلام، قد تطول أولئك الذين يصمتون الآن أو يتواطئون أو يحرضون على تلك الانتهاكات. ويؤكد مركز القاهرة في تقريره، أنه لا يكفي أن تقوم الحكومة المؤقتة بتقديم وعود بإزالة القيود المفروضة على حرية التعبير في مصر لضمان أداء كل إعلامي لدوره بحرية.