انتشرت في الفترة الأخيرة دعوات لحل المجالس القومية المتخصصة، وإعادة هيكلتها من جديد، وكان من أبرز هذه المقترحات، حل المجلس القومي للطفولة والأمومة، وخاصة تعديل القرار الخاص بتأسيسه، لكي يتبع رئاسة مجلس الوزراء، مرة ثانية بعد أن تحول بعد ثورة يناير، إلي تبعية وزارة الصحة. رصدت "البديل" أراء الحقوقيين، حول ضرورة حل المجلس من عدمه وكيفية تفعيل دور المجلس في الفترة المقبلة، ليكون أكثر تصديًا للانتهاكات الصارخة التي يواجها الطفل المصري. من جانبه محمود البدوي- رئيس ائتلاف شبكة الدفاع عن الطفل المصري، المقترحات التي يتم تداولها بحل المجلس، مشيرًا إلى أنها دعوات تستهدف تحقيق مصالح شخصية، وليس منفعة عامة، تأتي تحت مسمى إنشاء مجلس قومي لحقوق الطفل، وكذا إنشاء أحد الصناديق المشبوهة بغرض تلقي المنح والهبات وبدون أي رقابة من الجهات المعنية بمراقبة التمويلات أو الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو آمر يفتح باب الفساد المالي على مصراعيه. وأضاف "البدوي" إننا نطالب كمجتمع مدني، بإعادة هيكلة المجلس، وتشكيله بطريقة جديدة، بضخ كوادر وكفاءات فاعلة، في مجال الطفولة، تضمن فاعليته وتحقق مزيد من التواصل بينه وبين المدافعين عن حقوق الطفل والمنظمات والجمعيات الأهلية الأكثر احتكاكًا بقضايا الطفل ومشكلاته. مؤكدًا أن دعوات حل المجلس، ماهي إلا محاولات من فلول النظام السابق، بالتعاون مع بعض القيادات والكوادر والمستشارين السابقين بالمجلس، والذين كانوا سببًا من قبل في تقزيم دور المجلس القومي للطفولة والأمومة، وجعله غير فاعل تجاه قضايا الطفل المصري، الذي ضاعت بين مؤتمرات خارجية ولقاءات بفنادق الخمس نجوم داخلياً لتمرير مقترح مشبوه، الغرض منه هو استصدار قرار رئاسي بإلغاء المجلس القومي للطفولة والأمومة والاستعاضة عنه بمجلس لحقوق الطفل. وأوضح "بدوي" أن المقترح في حد ذاته، ينم عن "الغباء"، لأنه يطالب بفصل قضايا الطفولة عن قضايا الأمومة، وهو آمر ينم عن جهل بين بعمق قضايا الطفولة والأمومة، وأنه من المستحيل بمكان الفصل بينهما، لارتباطهما الوثيق نفسياً واجتماعيًا، واستحالة القضاء علي مشاكل الطفولة، بدون حل العديد من القضايا الخاصة بالأمومة والمرتبطة بها ارتباط لا يقبل التجزئة. وأشار إلى أنه منذ تحولت تبعية المجلس إلي وزارة الصحة، أصبح أكثر انضباطًا وتحكمًا في النفقات، في تلك المنح والهبات، التي كانت تنفق بدون رقيب، عندما كان المجلس يتبع مجلس الوزراء، ومن ثم تظل الأسئلة عن أصحاب المصلحة في عودة المجلس إلي "زمن السبوبة". بينما ترفض عايدة محمود نور الدين – مدرب وخبير حقوق المرأة والطفل – هذه الدعوات التي وصفتها بالهدامة، مشيرة إلى أن المجلس لعب دورًا كبيرا في مواجهة قضايا محورية، لحقوق الطفل، منها الاتجار بالبشر، وعمالة الأطفال، وقام المجلس بتخصيص خطًا ساخنًا لتلقي هذه الشكاوي. كما أضافت "عايدة" أن المجلس، يعتبر من أكثر المجالس تعاونًا وتفاعلًا مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، من خلال تجربتها الشخصية كرئيسة جمعية "المرأة والتنمية" بالإسكندرية، حيث تعاون المجلس في توفير دعم ورعاية قانونية واجتماعية للأطفال الذين تسربوا من التعليم، والأخرين الذين يعلموا في مهن خطيرة، وتحمل المجلس مسئوليتهم في مخاطبة وزارة الشئون الاجتماعية بتوفير فرص عمل لذويهم، وإعادة الأطفال إلي المدارس وانتشالهم من العمل. كما أكدت "عايدة"، أن المجلس القومي للطفولة والأمومة، يشهد خبرات وكوادر فاعلة في مجال الدفاع عن حقوق الطفل، ولا يحتاج لمثل هذه الدعوات المجحفة لدوره من إعادة هيكلته وتشكيله، مشيره إنه المجلس الأكثر تواجدًا في النجوع والقري والأقاليم، مشيرة إلى أن محاولات هدم المجلس، بحجة أنه من النظام البائد فهو كلام مغلوط، وعليهم أن يهدموا المترو والأهرامات أيضا لأنها تعود لعصور سابقة .!، مشيرة إلى أنه ليس معنى أن المجلس عليه أن يقدم خدمات وحلول للمشكلات التي يعاني منها الأطفال، كأن يقضي مثلا علي ظاهرة عمالة الاطفال، موضحة أن المجلس كألية وطنية يضع سياسات استرشاديه للحكومة، التي تقع عليها مسئولية تنفيذها، ومن ثم معظم مشكلات الطفولة في مصر تتعلق بالفقر. واستطردت، أنه بناء على ذلك، يجب على المجلس أن يضغط على الحكومة في وضع سياسات وقرارات وآليات تحقق العدالة الاجتماعية، وتقضي على الفقر والأمية، ومن ثم تنعكس هذه السياسات على قضايا الطفل من انخفاض ظاهرة أطفال الشوارع والتسرب من التعليم وعمالة الأطفال. بينما يقول أحمد المصيلحي- المستشار القانوني للمؤسسة المصرية، للنهوض بأوضاع الطفولة بأن المجلس القومي للطفولة والأمومة، تم تأسيسه بقرار جمهوري رقم 54 لسنة 1982، وكان يتبع مجلس الوزراء، وبعد ثورة يناير انتقلت تبعتيه إلي وزارة الصحة، وهو قرار خاطئا جدًا ،حيث فرغ المجلس من مضمونه، وأضعف فاعليته في التواصل مع الوزارات المعنية بحقوق الطفل والتي تتجاوز العشر وزارات ومنها الشئون الاجتماعية والداخلية والتعليم والصحة . وأضاف "المصيلحي"، أن الهدف الذي يقوم عليه المجلس، من الأساس هو رسم سياسات لحماية الطفل والتوفيق بين هذه الوزارات المعنية لتنفيذ هذه السياسات، ومن ثم تم تجريده من هذه الصلاحية الكبيرة، في التعامل مع هذه الوزارات، عندما ألغيت تبعتيه لمجلس الوزراء، وأصبح تابع لوزارة واحدة فقط وهي وزارة الصحة. وأشار أن المقترح المقدم يجب أن يهتم بمحاولة تنشيط دور المجلس من خلال تعديل قرار إنشائه والذي أصبح قانونًا ،ومن ثم إعادته مرة ثانية لمجلس الوزراء، حتى يؤدي المجلس دوره بكفاءة وفاعلية عالية، وتحقيق مزيد من التواصل بين المجلس ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الأطفال. كما أكد "المصيلحي" أن آليات تفعيل دور المجلس، ليكون أكثر استجابة لمتطلبات الأطفال؛ تبدأ بإعادة تبعيته لمجلس الوزارة، والإبقاء على كوادره في أماكنها الطبيعية، وتوفير كافة الموارد المادية من الموازنة العامة للقيام بدوره، فضلًا عن ضرورة تبني الدولة سياسة عامة لحماية الطفل، وتفعيل دور المجلس بأن يصبح أعضاء مجلس إدارته هم أنفسهم العشر وزارات المعنية التي ترتبط بعمل المجلس ودوره، ومن ثم يسهل تواجدهم في سرعة اتخاذ القرارات وتنفيذها.