سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 12-6-2025 بعد التراجع الجديد.. وعيار 21 الآن    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 12-6-2025 بعد هبوطه في 9 بنوك    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 12 يونيو 2025    أعلى مستوى لها.. ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من التوتر بين أمريكا وإيران    4 شهداء وأكثر من 100 إصابة في استهداف فلسطينيين قرب حاجز نتساريم    حمزة المثلوثى يسافر الإمارات لاستكمال التأهيل من الصليبي والزمالك يتحمل كافة التكاليف    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة القاهرة الترم الثاني 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهتان في كأس عاصمة مصر    مسؤول حوثي: التصعيد ضد إيران يهدد بإشعال حرب شاملة في المنطقة    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    «زي النهارده».. وفاة محمود فوزي 12 يونيو 1981    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    النجمة المكسيكية لين ماي دمرت حياتها بسبب أختيار خاطئ    كاميرا وتسلل ذكي و8 ثوان للحارس، تعديلات تحدث ثورة تحكيمية بمونديال الأندية 2025    إنزاجي يعلن قائمة الهلال السعودي المشاركة في كأس العالم للأندية 2025    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    ترامب: لن نتهاون مع الفوضى وسنُعيد قوة الولايات المتحدة سريعًا    3 شهداء في قصف الاحتلال خيمة في مواصي خان يونس    موجة شديدة الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الأيام المقبلة    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالفيوم    حسن الرداد يرد على سخرية سفره لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية (فيديو)    مسلم يعلن تعرض زوجته لوعكة صحية ونقلها إلى المستشفى    "عندها 15 سنة".. قرار جديد من النيابة بشأن عروس متلازمة داون بالشرقية    العرب في عصر المعرفة.. مصر (3)    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    «الفشة» ليس لها أي أضرار أو تأثيرات سلبية على صحة الدماغ أو القلب    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    خلافات أسرية.. وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة مع صهره بالفيوم    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    العربيات اتعجنت، مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في تصادم سيارتين بجرار زراعي بالبحيرة (صور)    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    نائب محافظ مطروح يبحث آلية استقبال المخلفات الصلبة بالساحل الشمالي خلال موسم الصيف    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    ملف يلا كورة.. طبيب الأهلي يُطمئن ريبييرو.. عودة ميسي إلى ميامي.. وظهور غير معتاد لأحمد شوبير    خالد مرتجي: زيزو يشبه الأهلي.. وصفقات 2025 غير مسبوقة في تاريخنا    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    وفاة تاجر الذهب بالبحيرة متأثرًا بإصابته على يد شخصين    واشنطن بوست: احتمال انعقاد جولة تفاوض بين واشنطن وطهران مستبعد بشكل متزايد    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    بالأسماء.. تعرف على أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا 2025    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    لمرضى السكري.. 6 مشروبات طبيعية لترطيب الجسم في الصيف دون رفع السكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جواد نبيل : التحرير .. مصر
نشر في البديل يوم 04 - 08 - 2011

شاء الله أن يرتبط اسم هذا الميدان بالأصوات و الهتافات التي انطلقت منه في وجه الظلم و القهر و الاستعباد. ميدان التحرير الذي تعودنا منه الصخب و الضجيج و التلوث و الازدحام – المكان الذي يقضي فيه الناس مصالحهم بصعوبة في بيروقراطية المجمع و يروي من خلال متحفه تاريخ القدماء المصريين الذين لم نكن نفتخر إلا بهم و غلقت منافذه في اتجاه قلعة أمريكا المنيعة – هذا المكان الذي كنا إما نهابه لما شهده من إرهاب أو نحمل همه لشدة ازدحامه أو نحبه لمقاهيه العتيقة – أصبح أرضا لأصعب معركة عرفتها مصر منذ الفراعنة.
نفس الميدان الذي أقلني إليه سائق التاكسي حيث كانت جامعتي و هو يسألني “إيه أخبار الدعارة عندكم؟” و هو غالبا يتخيل شباب الجامعة الأمريكية “المليونيرات اللي قالعين هدومهم” و نفس الميدان الذي تمر به أختي بالمترو و يستقل عربتها – عربة السيدات – رجل ملتحي مع زوجته المنتقبة متجاهلين تأكيد أختي على ضرورة احترام أن العربة مخصصة للسيدات فقط — الميدان الذي شهد يوم المرور العالمي و طبقت فيه القواعد المرورية لساعات معدودات – هو ذات الميدان الذي شهد أجمل أيام عاشها الشعب المصري.
ففي أيام الثورة الأولى و قبل أن يسقط النظام – سقط ما هو أقوى من كل الأنظمة في العالم – سقطت أسباب فرعنة الحاكم و قوته و تسلطه – سقط الخوف. الكل يعرف ذلك فلقد “استيقظ المارد من نومه” كما أطلق علينا البعض و ارتفعت الأصوات و قدم المصريون أطهر الأرواح في سبيل الحق والحرية. و لكن ما قد يجهله البعض و لم تتناقله وسائل الإعلام أو ربما لم تعره اهتماما شديدا لانشغالها بعناوين الأخبار العاجلة التي كانت تتجدد كل دقيقة – ما لا يعرفه كثيرون منا جيدا هو ما حدث في كواليس الثورة و ما جرى بين أفراد المليونية.
في أول أيام الثورة لم أكن بالميدان و تعاركت مع أختي خوفا عليها حين خرجت هي و حمدت الله عند عودتها يوم ضرب ثم انسحاب الداخلية و فرحت حين روت لنا كيف ساعدها و سندها رجل ملتحي عند إغمائها من كثرة الغازات المسيلة. فأختي ليست محجبة و الرجل “مظهره” سلفي ... و في هذا اليوم اكتشف كل منهما أن باطنهما إنسان. تهدأ الأمور نسبيا بعد نزول الجيش و يهتف الثوار أحلى الشعارات و أنزل الميدان متأخرا على من سبقونا بالإيمان بقضيتنا – نتوقف أنا و أصدقائي في الزمالك و نمشي في اتجاه التحرير. نرى أهالي الزمالك “الناس الشيك و البشوات بتوع زمان” يحملون أكياسا كبيرة و ثقيلة و يطلبون مني و أصدقائي مساعدتهم في حملها و توزيع ما بداخلها من “ساندوتشات” أعدت منزليا على من في الميدان. لم يتهافت أحد على الطعام حتى من بان عليهم الفقر أخذوا ما قدمناه لهم على استحياء. و هذا رجل آخر بجلباب و لحية يحمل لافتة و يصيح بما كتب عليها “سفااااح... قااااتلللل” و ظل يرددها من صلاة الظهر و حتى صلاة العصر و حين سمعنا من فتاة منتقبة كانت تمشي بجواره أن ابنه استشهد في الميدان و سأله البعض عن اسم ابنه قال “ما حدش له دعوه بابني مين – أنا مات لي 300 ابن و بنت هنا”. و نبكي.
في يوم القداس مع الهتافات التي أذاعتها المحطات و الفضائيات “مسلم – مسيحي – إيد واحدة”... ما لم تلتقطه كاميراتهم و إذاعاتهم هو مجموعة من السيدات و بناتهن يرتدين الخمار – يرددن خلف القسيس “بارك بلادي” و مرأة مسيحية تلبس الصليب في رقبتها تقف بجانبي أنا و أختي تقول “دلوقت عرفت مين اللي فجر كنيسة القديسين... كانوا بيحاولوا يوقعونا في بعض”.
في يوم آخر تقترب مني أنا و صديقي مرأة منتقبة تحمل كيسين في يديها أحدهما به “كعب غزال” و الآخر به بسكوت و تقول لنا بدعابة “ها يا شباب تاكلوا إيه؟ كنتاكي ولا بيتزا هت؟” لم تخش التحدث مع رجلين غريبين و لم نخش نحن عليها و لا على المئات و الآلاف من الفتيات في الميدان و لا هن خشين على أنفسهن من أي نوع من أنواع التحرش.
لم تلتقط العدسات الشاب الذي كنت ربما أخاف أن أمشي معه في نفس الشارع في وقت من الليل فربما بمظهره و منظهره هذا يكون في يده مطواه أو في فمه بشله – لم تلتقطه إلا عدسة عيني و هو يحمل كيس القمامة و ينظف الميدان أولا بأول.
نعم .. سقط الخوف لتسقط معه الحوائط و الجدران التي عزلتنا كبشر عن بعضنا البعض لسنين و قرون – سقطت كل المفاهيم الخاطئة و التخوف أو الحذر من المختلف و أي غريب أو آخر. بالفعل كانت أجمل ثمانية عشرة يوما شهدها الميدان .... نفس الميدان الذي يشهد الآن الصراعات و الاختلافات و المخاوف و إعادة تشييد جدران العزلة الاجتماعية و الدينية من جديد.
“مصر مش التحرير” عبارة لم يتجرأ على قولها إلا من كان مدفوعا أو مأجورا منذ أشهر قليلة. و اليوم أصبحت أوقع ما يقال عن ميدان تتعالى فيه أصوات مختلفة تقطع أصابع “الإيد الواحدة”.
اشتقت للميدان الذي أحببته ... اشتقت لمصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.