اليوم يمر العام الخامس والثلاثون على توقيعها اتفاقية "كامب ديفيد"، ففي مثل هذا اليوم السابع عشر من سبتمبر عام 1978، وقعت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل والتي وقعها الرئيس الراحل "أنور السادات" مع "مناحم بيجن" رئيس وزراء الكيان الصهيونى برعاية الرئيس الأمريكي آنذاك "جيمي كارتر". وبفضل تلك الاتفاقية خرجت مصر ولم تعد إلى وطنها العربي حتى اليوم، وبقيت كيلومترات من أرضها في سيناء المنطقة (ج) بحكم الاتفاقية دون سيطرة، وفُرض عليها نظاما اقتصاديا محددا. يقول الدكتور "صلاح دسوقي" أمين عام التجمع العربي والإسلامي ل"البديل"، إن أي شخص في مصر يدرك الآن حجم الآثار الخطيرة التي خلفتها اتفاقية "كامب ديفيد" على وضع مصر سواء على المستوى المحلي أو العربي والدولي. فعلى المستوى المحلى، احتلت الأوضاع في سيناء صدارة الخطر، فقد أصبح جزءا كبيرا منها خارج عن السيادة المصرية الكاملة بفضل تأثير الاتفاقية التي قسمت سيناء إلى 3 مناطق من بينها المنطقة (ج) والتي منعت مصر من نشر قوات الجيش وإنما سمحت بتواجد بعض أفراد من وزارة الداخلية فقط. وأضاف بأنه كان لها تأثيرا على المستوى المحلى أيضا، حيث أن الاتفاقية هددت وحدة مصر، كما هو واضحا من الأوضاع في سيناء، ولا يمكن نشر أفراد من القوات المسلحة إلا بموافقة إسرائيل، لأن المعاهدة انتقصت سيادة مصر على جزء من أرضها، كما أنها ألحقت باتفاقية "الكويز" الاقتصادية التي أثرت بشكل خطير على الاقتصاد المصري، ففرضت على مصر الاستيراد من الشركات الإسرائيلية والسماح بوجود خبراء في العديد من المجالات كان لهم شديد الأثر على مصر بعد ذلك. أما على المستوى العربي والإقليمي، فهذه المعاهدة قضت على دور مصر العربي بعد أن كانت رائدة، خاصة أن المعاهدة نصت على أنها تعلو كل المعاهدات التي وقعتها مصر وبالتالي انتهى الدور المصري في الدفاع عن باقي الأمة العربية، لدرجة وصلت إلى التواطؤ كما حدث في غزو العراق وتقسيم السودان وانهيار الصومال. وأكد أن كل تلك الأمور أدت إلى تضاؤل قيمة مصر الدولية، لدرجة تصل إلى تجرؤ دول من إفريقيا بالاعتداء على الحقوق التاريخية لمصر في مياه نهر النيل، بما يهدد الأمن القومي المصري، وهذا هو أحد التأثيرات على المستوى الدولي. ونفى إمكانية إجراء أي تعديلات على المعاهدة إلا بموافقة الجانب الإسرائيلي، خاصة أنها معاهدة أبدية على عكس كل الاتفاقيات الدولية المعروف أنها تضع لمدة معينة ثم تٌجدد، كما أن المعاهدة تحميها الولاياتالمتحدةالأمريكية وتوجد قوات دولية على الأراضي المصرية في سيناء وهو نوع أيضا من انتهاك السيادة المصرية، وتقوم هذه القوات بتفتيش على القوات المصرية الموجودة في سيناء لمنع زيادة القوات. وأشار إلى أنه في حال مطالبة مصر بتعديل الاتفاقية فإن إسرائيل سترفض بالتأكيد وهو ما ينهي موضوع التعديل. من جهته يقول الدكتور "محمد بسيوني" منسق حملة "أرضنا حقنا" المناهضة للكيان الصهيوني، أن اتفاقية كامب ديفيد كانت نقطة تحول مسار مصر، من القائدة للأمة العربية والمدافعة عن الوطن العربي والتي تتصدى للعدو التاريخي وهو العدو الصهيوني والاستعمار العالمي بقيادة أمريكا. ويؤكد بسيوني أن المعاهدة نزعت الدور الإقليمي لمصر وأصبحت منكفئة على ذاتها وخاضعة للنفوذ الأمريكي واستسلمت للعدو الصهيوني، وبذلك فقدت دورها التاريخي في قيادة المنطقة العربية وعندما تفقد مصر دورها تموت. ويضيف أن 30 عاما من حكم الرئيس المخلوع جاء بعد توقيع الاتفاقية كان له تأثيرا قويا على المستوى الاقتصادي والعسكري وكلها مستويات مرتبطة ببعضها البعض. وشدد بسيونى على أن الوقت الآن مناسبا لتعديل الاتفاقية أو حتى إلغاءها، ولابد أن نعي أن العدو الصهيوني ومن ورائه أمريكا في أضعف حالتهم، لدرجة أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة بعدما تأكدت من مقاومة القطاع لها وبعدما امتلك أهل القطاع الإرادة القوية للمقاومة، لأن الاحتلال الصهيوني عندما يدرك بأنه سيدفع الضريبة ينسحب فورا. ويشير إلى أن الإرادة الشعبية موجودة لتعديل الاتفاقية، ولكن لابد أن تحول هذه الإرادة الشعبية إلى إرادة سياسية، خاصة أن الشعب المصري يعلم تماما أن الاتفاقية ظالمة، وأن الصهاينة هم أعداؤه التاريخيين. من جهته يقول السفير "فتحي يوسف" مدير عام اتحاد الصحفيين العرب، أن الاتفاقية في وقتها كانت جيدة وساعدت على إتمام الجلاء عن سيناء، إلى جانب أنها كانت مهمة وحققت نصر إلى جانب النصر العسكري في حرب 1973. وطالب بإجراء عدد من التعديلات عليها للسماح بوجود قوات مصرية في المنطقة (ج) التي لا يوجد فيها قوات من الجيش المصري، لتأكيد السيادة المصرية على أراضيها. وقال أن الفرصة سانحة، خاصة أن الاتفاقية مر عليها وقتا طويلا إلى جانب أن طول المدة التي عاشها الطرفين المصري والإسرائيلي في سلام، يسمح للاطمئنان لتعديل الاتفاقية، مشددا على ضرورة التفاهم على مع الجانب الإسرائيلي، مبديا تفاؤله من الموافقة على إجراء التعديلات.