وزير التعليم العالي: برامج تعليمية حديثة بالجامعات الأهلية لتأهيل خريجين ينافسون إقليميًا ودوليًا    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    اقتصادية قناة السويس تشارك بافتتاح المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي "Africa Health ExCon2025" في نسخته الرابعة    التصديري للملابس: انطلاق بعثة تجارية إلى تركيا تضم 20 شركة من القطاع    حق الرد.. توضيح من وزارة الزراعة بشأن أسباب استقالة رئيس الاتحاد التعاوني للثروة المائية    محافظ بني سويف لوفد يمني: نبني إدارة محلية تستند إلى رؤية علمية واستراتيجية تنموية متكاملة    الطائرات الحربية الإسرائيلية تستهدف عدة مواقع داخل إيران    ميرتس يأمل في التوصل إلى اتفاق في النزاع الجمركي مع أمريكا بحلول أوائل يوليو    ترامب: لست راضيا عن إسرائيل.. ولا يروق لي خرقها وقف إطلاق النار مع إيران    7 أرقام تاريخية حققها الأهلي بعد التعادل أمام بورتو في كأس العالم للأندية    أحمد سامي مديرًا فنيًا للاتحاد السكندري    كريم رمزي: ثلاثي الاهلي ينتظر عروض رسمية من أندية أوروبية وخليجية    برقم الجلوس.. نتيجة الشهادة الإعدادية بسوهاج 2025م    بسبب لهو الأطفال.. المشدد ل 7 أشخاص بتهمة إنهاء حياة 3 آخرين بطلقات نارية بقنا    الأرصاد: غدا الأربعاء طقس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    هيئة الكتاب تصدر رواية جبل الشوع لزهران القاسمي    استياء أسرة عبد الحليم حافظ من مهرجان موازين    أقل من مليون جنيه تفصل المشروع X عن إيرادات فيلم كيرة والجن    "مصر.. متحف مفتوح".. فعالية جديدة لصالون نفرتيتي الثقافي في قصر الأمير طاز    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    استشاري كُلى يُحذر من ترند المسكنات: قد يقودك إلى الغسيل الكلوي    طب قصر العيني تستقبل وفد سفارة غينيا في إطار دعم برنامج "Kasr Al Ainy French – KAF"    الأهلي يقترب من إعلان صفقة جديدة.. الغندور يكشف التفاصيل    لاعب العين: نريد إنهاء مشوارنا في كأس العالم للأندية بشكل جيد    المشاط: الابتكار أصبح من الضرورة الملحة لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة    باكستان تستأنف الرحلات الجوية بعد إعادة فتح المجال الجوي الخليجي    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    حريق هائل في مخزن مواسير بلاستيك بسوهاج    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 153 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    جامعة الإسكندرية تعتمد خطة الصيانة الشاملة للكليات والمعاهد (صور)    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية التابع للأوقاف    محافظ الشرقية: 6 ملايين جنيه لرفع كفاءة الشوارع الداخلية في كفر صقر ضمن الخطة الاستثمارية    وزير الإسكان يتابع موقف منظومة الصرف الصحي بمدن شرق القاهرة    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الأهلية    جامعة القاهرة تطلق خريطة أنشطتها الصيفية لدعم إبداعات الطلاب واكتشاف مواهبهم    فرقة بورسعيد تعرض «اليد السوداء» على مسرح السامر بالعجوزة    تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي محافظة الغربية للعام الدراسي الجديد    عاجل- محافظ الأقصر يعتمد نتيجة الإعدادية ويُعلن أسماء أوائل الطلاب للعام الدراسي 2024/2025    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة النارية غير المرخصة بأسيوط وأسوان ودمياط    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    الشحات يكشف كواليس الفرصة الضائعة: ترددت لحظة.. ولو رجع الزمن كنت خلصت على طول    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معتز فاروق : مشوار ضروري
نشر في البديل يوم 20 - 07 - 2011


تصفع وجهك لفحة لزجة من هواء راكد ثقيل مضمخة برائحة عطنة هى مزيج من رائحة عرق المارة و أكوام القمامة المتجمعة عندها قطط تتعارك بمواءات مخيفة و عوادم السيارات .. تحاول عبثاً أن تكتم أنفسك أو تضع منديلا ورقياً تسد به فتحتا أنفك قبل أن تغادر مقعد سيارتك التى دفعت فيها تحويشة عمرك و بعد أن وجدت لها مكاناً تركنها فيه بعد جهد شديد حرق دمك و أعصابك و وقتك لتغادر تكييفها البارد رغم ما يحمله لك من رائحة تراب قديم ، تترك سيارتك لتبتلعك في ثوان موجة عاتية غاصة بطوفان بشرى من الأجساد المتلاحمة و لتغرق في دوامة من نثار الأصوات الزاعقة المتفرقة المتألفة من أبواق السيارات و الأغانى الشعبية الرخيصة المنبعثة من مكبرات الصوت بالسيارات و المحلات التجارية على حد سواء لتصب في أذنيك بكامل حمولتها الضجيجية الناضحة بالقبح و الرداءة ، يحوطك كرنفال فج مفعم بدلالات التناقض من نساء منقبات بسواد طامس قد أحلن الشارع لمأتم كبير و رجال مهوشى اللحى بلا تهذيب ينتعلن شباشب و أحذية مغبرة متربة لم يعرف الورنيش طريقه إليها منذ زمن بعيد و فتيات قد أخفين ملامحهن الأصلية تحت طبقات كثيفة من مساحيق التجميل الرخيصة و قد لففن رؤوسهن بإيشاربات صاخبة الألوان بينما تتدلى أكمام “البادى و الكارينا” بأنسجتها الصناعية من تحت أكمام (التوب) النصف كم ليحتل النصف الأسفل من الجسم مكانه بصعوبة و إنحشار واضح في ضيق النسيج الجينزى للبنطلونات و قد حملت أكتافهن حقائبهن الجلدية رديئة الصنع ذات الألوان الفاقعة و تتدلى من أيديهن ميداليات قد علقن فيها كل ما يخطر على بالك من الدلاديل بينما تصدح رنات الموبايل الصينى في أيديهن بكل ترهات تامر و سوقيات حجرين على الشيشة و خلافه من قائمة العصر، تتعالى نداءات الباعة الجائلين في لهفة محمومة و قد بدأ العطب و الفساد يدب في بضاعتهم بفعل الحر و الرطوبة ، يصطدم أحدهم بكتفك صدمة قوية يختل لها توازنك و تنجو من السقوط بأعجوبة فتلتفت إليه لتشيعه بنظرة مؤنبة فلا تجد له أثراً ،تتلاعب أمام عينيك تراقصات زائغة لإعلانات نيونية عابثة تدعوك لشراء هذا الألبوم لهذه الفنانة الصاروخ الصاعد التى لم تبخل عليك بكشف مساحة لا بأس بها من ساق لامعة و صدر نافر دون أن تنسى الإبتسامة الداعية المحرضة في محاولة لحثك على المشاركة الفعالة في منظومة الضجيج الطاحن ، تحاول عبثاً الإستمرار فى طريقك محاولاً تفادى الإصطدام ببرك المياه المتخلفة من طفح المجارى و ما تبقى من غسيل السيارات و روث دواب جر الحناطير و الكارو بما ينبعث منها من روائح زنخة خانقة و ذباب يتهيش و يهتاج قد حط فوقه ليهاجم بضراوة وجوه السابلة الغافلين ، يجبرك أصحاب البضائع التى افترشوا بها الأرصفة حيث التراب يغطى كل شئ على تركها لتلقى بنفسك في خضم نهر الطريق حيث تستجمع كل مهارات اللياقة البدنية التى اكتسبتها من مراحل الطفولة لتمارس لولبيات حلزونية و تعرجات محسوبة بتوازن اكروباتى مدهش لتمرق من طوفان السيارات المتلاحق ولتتحاشى به الدخول في معمعة الزفة الصاخبة حيث وقف أصحاب السيارات المشاركة بها فوق صاج الأسقف ليؤدوا رقصات بذيئة ينافسون بها مجند الأمن المركزى على أنغام منفرة تثير الأعصاب و يطلقون طلقات الصوت و الصواريخ المدوية بينما أخذ الآخرون على عاتقهم احتلال ما تبقى من نهر الطريق باستعراضاتهم المجنونة الدورانية بسياراتهم التى تصرخ عجلاتها على اسفلت الطريق المكفهر و قد أشعلوا مصابيحها “الزينون” المبهرة بوجه المارة و السيارات ، تضع أصابعك في أذنيك محاولاً عزل نفسك و لو صوتياً على الأقل عن هذا الجنون العابث و الفوضى العارمة محاولاً إلهاء نفسك عن الألم الذى بدأ يجتاح أصابعك من ثقل كيس علب الدواء المعلق بهم ليخترق مسامعك صوت اصطدام مروع يجتمع فيه تحطم و انبعاج صاج “البودى” مع تهشم فانوس هذا و مرآة ذاك ، عسكرى المرور لا يتوقف عن اطلاق صفارته بجنون محموم كمايسترو لفرقة من الصم و البكم ، يتناهى لمسامعك صوت التلاحم و التشابك بين قائدى السيارتين محملاً بالسباب و الشتائم النابية التى تطعن في شرف والدة كل منهما و ترميها بكل سوء و بهتان ممكن و تطال أعضائها الحساسة بينما يتجدد زحام المتحلقون مرة أخرى بعضهم يشارك بحماس في فض الإشتباك و إبعاد حطام السيارتين عن نهر الطريق بينما يكتف آخرون بمتابعة المشهد في برود غير مبال ، تترك المشهد خلفك ساخطاً لاعناً في سرك لتهزك صيحة مدوية قد أطلقها مشجعوا المنتخب المتجمهرين أمام المقهى الذى لم تستوعب مقاعده جمهرتهم الغفيرة فأبوا إلا الوقوف أمامه مشكلين زحاماً جديداً من نوع مختلف هذه المرة ، وجهك و جسدك يتصببان عرقاً و قد تفتحت جميع المسام فتشعر ببلل ثقيل ، تصل أخيراً للعمارة التى تقع بها عيادة الأستاذ الدكتور الشهير الذى حجزت لديه منذ شهرين بالواسطة و المعارف و الذى ترصع جدرانها شهادات بلغات لا تفهمها من أربعة أرجاء المعمورة تضفى عليه هيبة و قداسة علمية لم يحظ بها أبوقراط صاحب القسم الشهير و يتبادل المرضى المنتظرون في استسلام خاضع خلال ساعات الإنتظارالطويل للقائه الأخبار و النوادر عن معجزاته الشفائية الخارقة التى ترفعه لمصاف الأنبياء و القديسين ، تصل العيادة أخيراً و تتذكر أنك قد دفعت نصف مرتبك لتحظى بلقاء السحاب المرتقب لتجد المصعد معطلاً كالعادة و السلم يموج بأجساد صفراء تحتل درجاته من التعب و الإنهاك لتصل للعيادة متقطع الأنفاس تقف أمام السكرتيرة الحسناء التى تذكرك بفتيات الإعلانات لتصدمك بإجابة آلية باردة دون أن تنظر في وجهك وسط رنين التليفونات المتلاحق و حديثها الضاحك مع زميلتها الجالسة بجوارها ” الدكتور اعتذر مش جاى النهاردة” !

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.