"مرحباً بك أنت فى المنيا… عروس الصعيد" بمجرد أن تطأ أقدامك داخلها تكتشف انك داخل المدينة الساحرة، لما تتمتع به من عبق الشرق وسحر عاداته وتقاليده، إلا أنك تدرك أيضاً للحظات الأولى من السير فى شوارعها، واشتمام رائحة الحرائق الفجة، ورؤية عبارات متطرفة على جدرانها تدرك أنها تعرضت للكثير من العبث بسبب الجهل وقلة التواجد الأمنى. "المنيا .. تحتاج لإعادة النظر بالنسبة للأمن وأزماتها متوارثة من عقود طويلة".. هكذا أخبرنا عدد من أهلها حين تحدثنا معهم. وخلال أحداث فض اعتصامى ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، والنهضة بالجيزة كان للمنيا النصيب الأكبر فى الاعتداءات على كنائسها، ومنازل وممتلكات الأقباط بها. ثلاثة أيام داخل المحافظة.. رصدت كاميرا "البديل" خلال ثلاثة أيام قضتها بالمحافظة عددًا كبيرًا من تلك الانتهاكات والاعتداءات هناك. وأشارت التقارير، إلى رصد 50 حالة اعتداء بالمنيا منذ الأربعاء الموافق 14 أغسطس الماضى، حتى يوم 17، منهم 30 دور عبادة سواء كنيسة أو مطرانية أو دير. ومنهم 20 من الممتلكات عامة أو خاصة بالأقباط .."7 مدراس – ملجأين – 1 نادى – 2 باخرة – جمعية – مكتبة – جمعية – قاعة عزاء – سيارة – منزلي رجل دين – ممتلكات خاصة". كنيسة الأمير تادرس.. كانت على موعد للاحتفال بالمئوية الأولى قبل احتراقها. كنيسة الأمير تادرس، الكنيسة الأكبر والأقدم بالمنيا، كانت تستعد قبل هذا التوقيت لحفلها المئوي الأول لتندرج ضمن الكنائس الأثرية. روى سمير حبيب نجار وعامل بالكنيسة عن أحداث يوم الاربعاء الموافق 14 أغسطس عقب فض اعتصامى الإخوان برابعة العدوية بالقاهرة، وميدان النهضة بالجيزة، وقال: "قام أنصار الرئيس المعزول بعد تجمهرهم فى ميدان بالاس، بالاعتداء على 4 أماكن فى نفس التوقيت، وإشعال النار فى كل من كنيسة الأمير تادرس، مدرسة الأقباط الإعدادية بنين، ملجأ جنود المسيح، وأخيرا مدرسة القديس يوسف للراهبات بالإضافة لحرق ممتلكات الأقباط من سيارات فى الشارع أو منازل أو محلات تجارية. وأضاف أن عربات المطافى جاءت الساعة الثالثة ظهرا على الرغم من بدء الأحداث الحادية عشرة صباحًا، والكنيسة اشتعلت بشكل سريع بسبب جدرانها المصممة من خشب الجرو، مع جود المفروشات داخلها، وانتشرت النيران فى كل أرجائها. وأكد أن المجموعات المعتدية كانت منظمة فى عملها الإجرامى، فمنهم من يتفرغ للسرقة ومنهم من يقوم بالإشعال وقذف زجاجات المولوتوف. وأوضح حبيب، احتياج المنيا للأمن منذ فترات طويلة ومعاناتها من توغل التطرف، ولأنها دفعت الثمن غاليًا، وأقباطها دفعوا ثمن نزولهم لتأييد الجيش- على حد قوله. أيد هذه الرواية القس بيمن لويس، كاهن الكنيسة، الذى قال: "يوم فض اعتصام رابعة العدوية الأربعاء 14 أغسطس، تجمع مايقرب من 300 فرد من أنصار الرئيس المعزول من مختلف الأعمار بمجموعات منظمة، وتجمهروا فى الحادية عشرة صباحًا، مرددين هتافات طائفية، وقامت أعداد منهم بسرقة كل شىء بالكنيسة يمكن حمله وسرقته، وهم يهتفون الله أكبر، أما الأشياء الثقيلة التى لم تستطع حملها قامت بإشعالها دفعة واحدة، وأوضح أنهم سرقوا صناديق التبرعات الخاصة بالفقراء. وتابع: قاموا بسرقة ثلاجات ومراوح وكراسى، وأطعمة من "كانتين" الكنيسة، أما الأجهزة الثقيلة كالتكييفات والدكك الخشبية الثقيلة أشعلوا فيها النيران، وأوضح القس لويس، أن الكنيسة كان بها نجفة أثرية تم حرقها بالكامل، مضيفاً أن النيران من قوة تأثيرها، استحال معها لمس أعمدة الكنيسة لمدة ثلاثة أيام. مينا ويوستينا.. فرحة وسط الكنيسة المحترقة رفض العريس مينا والعروس يوستينا أن يقيما صلاة خطبتهما خارج الكنيسة التى تربيا فيها وتعلما منها الكثير، رغم ما تم بها من حرق. الصدفة جمعت كاميرا البديل، وأصدقاء العروسين وأخواتهما بالحفل، ورحب الجميع بتواجدنا بالصلاة التى ترأسها الأنبا مكاريوس -أسقف عام المنيا- وآباء كهنة الكنيسة، بحضور الأهل والأصدقاء. استعدادات صلاة الجبنيوت: تحول فناء الكنيسة بعد الاعتداءات لمكان للصلاة بدلا من الكنيسة المحترقة، ووضع بمنتصفه "المذبح" وأيقونة كبيرة للسيد المسيح، وعدد من الكراسى والسجاجيد التى تبرع بها أبناء الكنيسة. وانتظر الجميع العروسين وأخيراً حضرا، وما ان امسك الأنبا مكاريوس بالميكروفون قال: "تعالوا نصلى جوه الكنيسة المحترقة..الصلاة هتبقى أوقع". صفق الحضور لتلك الكلمات، وانتقل الجميع لصحن الكنيسة المحترقة، سألنا العروس يوستينا عقب الصلاة: لماذا صممتِ على الصلاة بهذه الكنيسة بعدما طالها كل هذا العبث، قالت وهى تبكى: لأنها كنيستى من الطفولة، تربيت فيها، تعلمت منها وخدمت فيها، وسألنا مينا: "ما شعورك بعدما طلب الأنبا مكاريوس الصلاة بالداخل؟ قال: منتهى الفرحة والسعادة فى الدنيا" مدرسة الأقباط وبالقرب من كنيسة الأمير تادرس تقع مدرسة الأقباط الإعدادية بنين، تقابلنا مع أمجد صموئيل مسئول الإدارة بالمدرسة، الذى قال: "الخسائر بالمدرسة وصلت لما يقرب من مليون جنيه كتقدير مبدئى"، بجانب الاعتداء على المصلى الخاص بمسجد المدرسة وحرقه، وحرق الدور الأرضى الخاص بالإداريين، بجانب انتزاع خزينتين، تحتوى كل منهما على قيمة مصروفات الطلبة بالمدرسة. وأشار إلى أن مديرين المدارس المتضررة بالمنيا سيجتمعون لطلب مقابلة مدير الأمن لتأمين المدارس قبل بدء موعد الدراسة. مدرسة القديس يوسف للراهبات: رفضت الأخت سهام مديرة المدرسة ذكر تفاصيل الأحداث وقالت:"الحديث عن الحرق والهدم متعب ونحن بدأنا فى العمل من أجل الموسم الدراسى الجديد، مشيرة إلى ما تهدم من المبنى الإدارى المتفحم قائلة: كل شىء به حرق بالكامل، ونعيد بناءه من أول وجديد". وتحدث إلينا جوزيف- مسئول الأمن- والذى كان متواجدا قبل الأحداث قائلاً: "كنت متواجدا صباح يوم الأربعاء، يوم الاعتداء والهجوم المنظم على مبانى وممتلكات الأقباط، بمجرد معرفتنا خبر تحركاتهم، أغلقنا المدرسة وتركناها، وفى اليوم التالى وجدنا مبنى الإدارة متفحمًا بالكامل، بجانب ثلاث عربات خاصة براهبات المدرسة بجانب عربتين ميكروباص ملك للمدرسة. جمعية الشبان المسيحيين ودار الكتاب المقدس جمعية الشبان المسيحيين تقع بالقرب من الكورنيش ومكونة من ثلاثة أدوار، الدور الأول احترق بالكامل، وتم سرقة عدد من الأجهزة كطفايات الحرائق وغيرها، ودار الكتاب المقدس تم حرق واجهته، ومن الداخل تم تكسيره، وحرق أجزاء منه. جمعية جنود المسيح لرعاية الأطفال كانت تعول الجمعية 60 طفلًا بعضهم أيتام وبعضهم لديهم أهل غير قادرين على رعايتهم، فى المرحلة الابتدائية والإعدادية، وكانت توفر الجمعية لهم مصاريف الدراسة وملابس العيد والتنقل وغيره، وعقب 30 يونيو تم إخلاء الجمعية من الأطفال لاستشعار المسئولين بالخطرعليهم، وبالفعل تم حرقها خلال أحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة. محلات سُميت ب"الأمير" تبركًا بالكنيسة جميعها محترقة. قال:عم الفونس صاحب محل الأمير للأدوات المنزلية الذى تم احتراقه: كل المحلات فى شارع صيدناوى سماها أصحابها بالأمير، تبركًا باسم كنيسة "الأمير تادرس"، مثلما يسمى المسلمون فى منطقة الحسين محلاتهم بنفس الاسم للتيمن. وأكد أن محله قدرت خسائره بشكل مبدئى بما يقرب من 300 ألف جنيه نتاج حرق الأدوات، غير المبنى نفسه. وقال: "إحنا مسامحين كل من آذانا وعلى استعداد لتقديم مزيد من التضحيات لأجل مصر ولكن هل إذا قمنا بإعادة البناء سيأتى مرة اخرى من يحرق ويهدم". حارس كنيسة الأنبا موسى الأسود وقصة نجاته من الموت لم يكن الوصول للكنيسة بالأمر اليسير، فقد حذرنا الكثيرون من الذهاب لها لقربها من الجانب الجنوبى بشارع أبو هلال المعروف عنه بتواجد البلطجية والمتشددين. وعند وصولنا الكنيسة وجدنا الباب الرئيسى غير موجود، حيث تم إغلاقه بالطوب، فعرفنا من أحد القاطنين بالمنطقة، أن الكنيسة أغلقت الباب المطل على الشارع الرئيسى بعد الأحداث وفتحت فقط الباب الجانبى، وبالفعل طرقنا الباب لأنه كان مغلقاً بقفل كبير، ففتح لنا الحارس. وروى حارس الكنيسة الأحداث: "المنطقة لها طابع خاص وكانت تحتاج للتواجد الأمنى أكثر من المحافظة نفسها، فبجانبنا جامعى عباد الرحمن، وعمر بن الخطاب، وكان شيوخهما يحرضون على المسيحيين، وكنا نسمع بآذاننا التحريض والشتائم ضدنا. وبالفعل ما توقعناه كان صحيحاً … حيث تم قذف زجاجات مولوتوف من خارج الكنيسة وكنا نحتوى الحرائق بإطفائها بالمياه وإخمادها بالبطاطين، ثم تكرر هذا الإعتداء ثلاث مرات كلها كانت أمام الباب الرئيسى. إلى أن جاءت لحظة بدأ جميع المتواجدون بالخارج بإقتحام الباب الحديدى وهم يرددون الله أكبر، فصرخت فى أبونا "لازم نمشى" إلا أنه صمم أن يتواجد بمكتبه قائلاً: أنا مش هسيب الكنيسة ..هموت هنا..امشوا انتوا.. فأصررنا على التواجد فى حال تواجده، مما اضطره للخروج معنا من الباب الخلفى، وكان المهاجمون وقتها نجحوا فى خلع الباب الحديدى والدخول إلى الكنيسة. وأضاف الحارس: "استمرت عمليات السرقة حتى صباح الخميس، فسرقوا كل شىء كان فى متناول ايديهم، وحرقوا مالم يستطيعوا سرقته. "الميرميد".. وحكاية الصديقين المحترقين: عند النيل.. الجزء الأجمل فى المنيا.. حيث عطر أوراق الأشجار المتناثرة بفعل الهواء النقى، تلمح لون أسود .. لون الفحم.. انها الباخرة "ميرميد" تلك السفينة المسئولة عن الفرحة والبهجة بإقامة أفراح على متنها.. تراها تحولت إلى قطعة حديد صماء راسية على مياة النيل فى صمت وهدوء تام. تقابلنا مع نجاح شفيق، السيرفيس على الباخرة، وصديقه وائل وجيه، المتخصص فى ديكور الأفراح بالسفينة. جاء مايقرب من 60 فردًا منهم بالهجوم على السفينة، لم يكن متواجدًا بها سوى صديقنا بيشوى ميخائيل 21 عامًا، وإيهاب صديقنا المسلم البالغ من العمر 34 عام، وكان فى الطريق محمد السيرفيس، إلا أن بيشوى اتصل به وأبلغه بالبقاء فى منزله وعدم الحضور لشدة الأحداث. واستكمل قائلاً: "كنت متواجدًا حتى السادسة صباحًا واستلم الشيفت بيشوى وإيهاب.. وكانا معروفين بالأخلاق الحميدة واحترامهما للكل، توجدا فى الأحداث بالباخرة وعندما سمعا صوت طلقات النار والتكسير حاول إيهاب الهرب إلا أنه عاد مرة أخرى الى السفينة … واختبأ، مع صديقه بيشوى داخل الحمام ظناً منهما أن المجموعات ستسرق ما تسرقه وترحل، إلا أن الأمر اختلف حين أوقعوا كميات كبيرة من زجاجات المولوتوف داخل السفينة بعد سرقتها، فاشتعلت النيران بهما سويًا مع الباخرة. والتقط أطراف الحديث وائل، مسئول ديكور الأفراح، محاولاً الإمساك بالدموع داخل عينيه وأضاف"بجانب خسارتنا فى أصدقائنا التى لا تعوضها أموال الدنيا، خسرنا مصدر رزقنا وأكل عيشنا، فكل شىء تم حرقه حتى التفحم لدرجة لا يمكن معها الإصلاح، وأكثر من 400 كرسى تم سرقته، و6 مراوح والأطعمة داخل المطعم، وأكثر من 35 ألف جنيه ثمن حجوزات لأفراح التهمتها النيران، والخسائر بشكل عام وصلت لأكثر من 5 ملايين جنيه حتى الاّن. باخرة "الذهبية": بالقرب من الميرميد ترسو أيضاً باخرة باسم الذهبية، الخاصة بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، قال لنا وائل المدير المسئول عنها: "كنت متواجدًا واثنين آخرين من العاملين معنا، وفوجئنا بأصوات تكسير الميرميد وتيقنا ان المهاجمون فى الطريق الينا فتخوفنا واختبئنا بالمكتب داخل السفينة واقتربوا من السفينة وبدأوا فى تكسير الباب الرئيسى وقالوا بصوت عال: "افتحوا.. لو فى حد هنا يفتح.. وإلا هنأذيه، فقرننا فتح الباب لهم، وقال لنا أحدهم :"خلال دقيقة واحدة تغادروا المكان وسنعطيكم الأمان للرحيل ، وإذا بقيتم هنأذيكم" وبالفعل قمنا بالجرى خارج السفينة وشاورنا للمحيطين، وكانوا أكثر من 50 شخصًا معهم جراكن بنزين وزجاجات مولوتوف، بجانب المئات منهم فى الميدان القريب من الكورنيش، فاستقلينا موتوسيكل صديقنا، ورفعنا أيدينا طالبين الأمان، وبالفعل مررنا جانبهم ومشينا، ثم بدأوا فى الهجوم على السفينة وأحرقوها وسرقوا ما تبقى منها، وقدرت الخسائر بما يقرب من 3 ملايين جنيه. لقاؤنا بالأنبا مكاريوس أسقف المنيا وأخيراً.. التقينا بالأنبا مكاريوس أسقف المنيا لنحاوره حول التخوفات التى يستشعرها أقباط المنيا، وكان لنا معه هذا اللقاء: والذى أكد لنا ان جميع الاعتداءات حدثت فى وقت متزامن مع فض الاعتصام برابعة العدوية، بجانب الاعتداء على بعض منازل الأقباط ومحلاتهم وأماكن أشغالهم. مضيفاً: كنا متوقعين حدوث اعتداء واسع للأقباط، وأفصحنا عن تخوفنا أكتر من مرة لأكثر من جهة، لأن التظاهرات بالمنيا كانت دائما ما يردد فيها هتافات تحريضية، إضافة لبعض خطب فى المساجد كانت تحض على ذلك. ماذا عن رد الأجهزة الأمنية حين تم الإبلاغ بهذه التخوفات؟ كانوا يقدموا وعود بالتحرك، ولكن على الأرض لم يكن هناك تواجد للأمن مما سهل على المعتدين إتمام أغراضهم ببساطة. وماذا عن دور الكنيسة فى احصاء الخسائر ومساعدة المتضررين قمنا بعمل تقديرات للتلفيات والخسائر، التى تعدت الملايين، وقدمنا لأصحاب المتاجر والمنازل المتضررة المواساة وشجعناهم ألا يتنازلوا عن حقوقهم، ويطالبوا الحكومة بالتعويضات ويقدموا ما يثبت بالاعتداء على ممتلكاتهم من صور وفيديوهات وشهادات، ونؤكد عليهم بضرورة عدم التنازل عن حقوقهم. أما الكنيسة ممكن تساعد بقدر بسيط، لأن ضمن أعمال الكنيسة الرعوية أنها تساعد الفقراء والأرامل، لكن لا يمكن للكنيسة أن تعوض عدة ملايين. الأمن عاد نسبيًا لشوارع محافظة المنيا .. لكن ماذا عن الأمن فى القرى والمراكز النائية ك"دلجا"؟ لست متابعا لدلجا لأنها تتبع إبراشية أخرى، لكن المنيا بأكملها محتاجة إعادة نظر من جهة الأمن وانتشاره وقوته والإجراءات السريعة، وأيضًا محتاجة، أن تُمشط من ترسانات الأسلحة التى أعلنت الداخلية عن ضبط كميات ضخمة منها بالمنيا. وهل شاهدتم فى الشوارع من قبل تواجد للأسلحة سواء فى التشاجرات أو المظاهرات؟ بالطبع لامسنا تواجدًا للأسلحة بوفرة فى الفترة الأخيرة، والمسيرات، وكان يخرج أصحابها معهم أسلحة ثقيلة، ونسمع أصواتًا لطلقات رصاص بشدة. بحسب رواية المتضررين.. بعضهم يتواجد بشكل مستمر أمام متجره المحترق لتخوفه من السطو عليه بوضع اليد فيكون خسر المكان للأبد ولا يمكنه إصلاحه مرة أخرى.. هل هناك تخوفات حقيقية من سرقة الأماكن المعتدى عليها بهذا الشكل؟ من الناحية العملية لم يحدث هذا الأمر، ولا أعتقد أن تحدث هجمات منظمة بهذا الشكل مرة أخرى، لكن ستتكرر فى شكل أعمال عنف كاختطاف أو سرقات بالإكراه. أما عدم وجود الأمن يشجع من هم أقل فى الحرفية والإجرام بإعادة الإعتداء، وعمل الأسوأ وسيشعر مسيحيو المنيا أن بيتهم وتجارتهم مهددين طوال الوقت. الكنائس محترقة بشكل كامل.. ماذا تعتقد بشأن المواد الحارقة التى تم استخدامها فى الاعتداء على الكنائس؟ أعتقد أنهم استخدموا مواد حارقة غير تقليدية وشديدة الاشتعال، فبحسب شهود العيان إن المعتدين كانوا يرشون المبانى بمادة أشبه بالبودرة، وهكذا رأينا نتيجة غير طبيعية بداية من حرق جدران الكنيسة والأسقف إلى الحدائد والنجف والزجاج. كيف كانت ردود أفعال مسلمى المنيا؟ فى بعض العقلاء المسلمين تأسفوا لنا كثيرًا، وقالوا لنا إحنا اسفين ..هؤلاء لا يمثلونا وهناك من يشعر بالخجل الشديد لعدم رغبتهم فى أن تنسب مثل تلك التصرفات للمسلمين. ولكن بشكل عام مازالت هناك أفكار تحتاج للتغيير وهناك جهل عام، مثل إحساس بعض المسلمين أن المسيحيين كفرة، إما أن يسلموا ، وإما أن يدفعوا جزية، كلها ثقافات لابد أن تتغير. هل ترك الأقباط أماكن منازلهم خاصة بالأماكن النائية بالمنيا؟ لا أعتقد أنه حدث تهجير بالمعنى الحرفى للكلمة، لكن هناك من ترك منزله أو متجره بعد الاعتداءات بشكل مؤقت. ماذا تقول للأقباط الخائفين والراغبين فى الهجرة؟ أقول لهم إحنا فى إيدين ربنا، مش ممكن يترك حياة الناس للخطر، لكن ربنا يستثمر كل الأحداث القاسية من أجل تحقيق كل الخير لنا جميعاً، والكنيسة القبطية هى الوحيدة على مدار التاريخ التى لن تكف عن تقديم شهداء وقديسين وهذا سر قوتها، فالمسيحية فى مصر هى أقوى مسيحية فى العالم لأنها قائمة على دماء القديسين والشهداء وتضحياتهم من أجل الكنيسة. الجانب الجنوبى للمنيا وأخيراً.. لم يتثنى لفريق العمل الذهاب لدلجا ومركز دير ابو مواس وأبو قرقاص بسبب التحذيرات الشديدة من الذهاب إلى تلك المناطق النائية بالجنوب وذلك لسيطرة الإرهابيين هناك فى ظل غياب أمنى وتوترات طائفية.